للمرة الأولى منذ أن دخل الإسلام مصر قبل أكثر من 1400 عام، ستشهد جميع مساجد البلاد إلقاء خطبة موحدة، مكتوبة ومعتمدة من وزارة الأوقاف، حيث يكتفي الخطباء يوم الجمعة بقراءتها على المصلين.
وأعلنت وزارة الأوقاف المصرية اعتزامها تطبيق فكرة الخطبة المكتوبة والموحدة خلال أيام في جميع المساجد، بحيث يمنع الخطيب من أي ارتجال أو خروج عن نصها.
وتقول الوزارة إن هذه الفكرة ستمنع استغلال المنابر في الترويج لأي أفكار منحرفة أو متطرفة تدفع المجتمع إلى الفتنة أو الفرقة.
وأثار هذا القرار موجة من الغضب بين ائمة المساجد وعلماء الدين الذين أكدوا أن هذا القرار خطوة جديدة لمحاربة الدين.
السيسي يقف خلف القرار
كشفت حركة أبناء الأزهر الأحرار أن عبد الفتاح السيسى، هو من امر وزير الاوقاف إلزام خطباء الجمعة بالقراءة من “ورقة الاوقاف ” بناء على تعليمات أمنية وسياسية .
وشددت الحركة أن القرار جاء عبر مستشار السيسى الديني أسامة الأزهري خلال زيارته لوزارة الأأوقاف يوم السبت الماضى 9/ 7 / 2016 لمقر وزارة الأوقاف، والذى أعقبه مقابلة السيسي لمختار جمعه الأحد 10 / 7 / 2016م ، وتم إصدار التعليمات بعقد اجتماع عاجل لوكلاء الوزارة الثلاثاء 12 / 7 / 2016.
وقالت الحركة أن أسامة الأزهرى نقل لوزير الاوقاف مختار جمعة استياء السيسى من المؤسسة الدينية بذراعيها الأزهر والأوقاف لفشلها فى تجديد الخطاب الديني .
تكميم الأفواه
وقالت الحركة : إن هذا القرار الخطير استمرارًا لسياسة هدم الثوابت وتكميم الأفواه، وفى سابقة لاحتلال المساجد والمنابر وسيضر بالدعوة الإسلامية والخطابة الدينية والأئمة والدعاة على وجه الخصوص، فهو يصادر حق الخطباء والأئمة في اختيار موضوع الخطبة وعرضه بما يتناسب مع البيئة والمجتمع الذي يعيشون فيه.
وأكدت الحركة أن الارتجال في الخطبة من سمات الأئمة والخطباء، ابتداء من النبي – صلى الله عليه وسلم – والخلفاء الراشدين والأئمة الأعلام إلى يومنا هذا، مؤكدة ان ذلك سيؤدى إلى تجميد الخطاب الديني وليس تجديده، وإهانة وتضيع هيبة الإمام والخطيب، ومحو شخصيته وسط جمهوره، وسيقضى على التميز والتفوق وعدم التحضير، وسيضعف الخطيب علميا، ويُقتل الإبداع فتصبح الخطبة بلا روح، وعدم الانفعال العاطفي والفصل الروحي بين الخطيب وجمهوره، ولن تحقق الرسالة التي تهدف إليها خطبة الجمعة.
تحجيم التطرف
قالت الدكتورة آمنه نصير ، عضو مجلس النواب، إنها لا توافق على فكرة “الخطبة المكتوبة ” التى أعلنت وزارة الاوقاف تطبيقها يوم الجمعة القادمة، وارفض هذا النوع من التضييق على الخطباء فى المساجد، فكتابة ورقة وتوزيعها للمساجد تؤدى إلى شكل روتينى ممل”.
وأضافت فى تصريح صحفي: ان الخطبة على المنابر تأتى من خلال خطبة ناضجة تتوافق مع كل منطقة و كل حى ومسجد يخطب فيه الإمام، مشيرة إلى أن الخطبة تختلف من مكان إلى آخر بحسب المنطقة والموضوعات التى يناقشها الخطيب للناس.
وأوضحت آمنة نصير أن الهدف من تطبيق “الخطبة المكتوبة” هو تحجيم التطرف من خلال الخطبة، مشيرة إلى أن تحجيم التطرف لا يأتى من خلال ورقة مكتوبة يتم توزيعها على المساجد، وإنما بعقد لقاءات ومناقشات مع الخطباء وكبار شيوخ الأوقاف.
الفكر المتطرف
أكد الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، أن الخطبة الموحدة ليس لها علاقة بالخطاب الديني ومحاربة الإرهاب والتطرف كما يزعم الكثيرون، مؤكدا أن هذه الخطوات ليست فاعلة أبدا في وجه الإرهاب وتفشي الفكر المتطرف ، موضحا أن الأمر يتطلب أولا بدل من توحيد الخطبة مكتوبة، العمل على تأهيل الدعاة ليكونوا قادرين على مواجهة الفكر المتطرف بعلمهم هم، وليس بمجرد ورقة صماء.
وأضاف في تصريحات صحفية: توحيد خطبة الجمعة مكتوبة ليس أمرا أساسيا في محاربة الفكر المتطرف، فالجميع لابد أن يهتم بالوسائل الوسطية التي تضمن إيجاد خطاب مجتمعي كامل لا يحث أو يحض على الإرهاب، قائلا أن الإعلام مثلا هناك الكثير من البرامج الغير منضبطة تدفع إلى الفكر الإرهابي ومنها ما رأيناه في رمضان على شاشات الفضائيات.
وشدد على أن محاربة الفكر المتطرف يستوجب مؤسسة تضم أفضل علماء، بحيث يكون هناك مجلسا للعلماء يضع خطط واستراتيجيات للتصدي، وليس العمل بعشوائية كما يحدث، وكما يرى الجميع باتخاذ قرارات منفردة.
كارثة
وصف سامح حمودة، الداعية السلفي، مشروع وزارة الأوقاف للخطبة الموحدة بالكارثة، وقال: “القرار لا يناسب جميع مناطق مصر ذات التسعين مليونًا ، فهناك المُدن والقرى والبدو والحضر والمناطق الشعبية وغير ذلك من التصنيفات، فكل خطيب يعرف احتياجات رواد المسجد، ويلمس ما يُناسب أهل المنطقة التي يخطب فيها”.
وأضاف “حمودة”، في تصريح صحفي، أن “وزارة الأوقاف ستختصر دور الخطيب في ورقة يصعد على المنبر ويقرأ منها فما فائدة الدراسة في الأزهر لسنوات طويلة، وما الفائدة من خطباء المساجد في هذه الحالة، حيث يمكن لأي مواطن صعود المنبر وقراءة الخطبة أو يتم إرسال الخطبة عبر الواتس ونوفر الكهرباء والمايك والسماعات، ونلغى صلاة الجماعة”.