قال ياسر علي المتحدث الأسبق باسم الرئاسة المصرية في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي إن دبلوماسيًا عربيا حذّر مرسي من أن تحل بـمصر عشرية سوداء كما حدث في الجزائر، بسبب موقفه من إسرائيل ودعمه لـالثورة السورية، مشددًا على أن مرسي لم يكن “درويشًا ساذجًا”.
جاء ذلك خلال حوار مع “الجزيرة نت”، حيث نفى علي أن يكون أحد الزعماء العرب قد نقل إلى مرسي معلومات عن انقلاب يحاك ضده عبر أحد مسؤولي بلده، معتبرًا ما يتم تداوله في هذا الشأن يفتقر إلى المعلومات الصحيحة.
وبسؤاله عن كتابات بعض إعلاميين وسياسيين تبرز أخطاء وقع فيها مرسي ساعدت على الانقلاب عليه، قال “علي ” ان “الموضوعية تقتضي أن نقول إن الرئيس محمد مرسي حاول أن يمر بالسفينة قدر المستطاع وفق الإمكانيات المتاحة، وكان يملك همة شديدة جدًا في هذا الإطار، لكن ما يمكن كان أقل مما ينبغي، ولا ينفي ذلك الوقوع في أخطاء كانت نتاجًا طبيعيًا لكونها تجربة أولى”.
وأضاف” الرئيس مرسي كسياسي وبرلماني سابق كان يملك رصيدًا معقولاً من التجربة، يحتاج إلى صقل من خلال الزمن، وكان ككل البشر له إيجابياته وسلبياته، ولكنه لم يكن ذلك الدرويش الساذج الذي يراه البعض من خلال نقولات من هنا أو هناك، أو المتآمر كما يراه آخرون”.
وأوضح “علي” أن مرسي كان رجلاً وطنيًا يعشق تراب مصر وكان حريصًا على دولة مدنية وفق وثيقة الأزهر، والتي كان يرى أنها أفضل ما تم بعد الثورة، ولكنها كانت في رأيه تحتاج إلى إجراءات ومسارات عمل حقيقي، كما كان حريصًا على فكرة تداول السلطة، إدراكًا منه أن ذلك ما سينضج المجتمع السياسي المصري.
وتابع: “مرسي ظُلم ظلما بيّنا حتى من أقربين منه، ممن ركزوا على ما ينبغي دون إدراك الممكنات، ومن يعمل على تشويه صورته بشكل متعمد فهو يدعم تبرير ما تم معه”.
وأكمل علي حديثه، “في بعض التعليقات والمقالات التي كتبت مؤخرًا تغيب المعلومات الحقيقية نتيجة غياب معظم الذين صنعوا الأحداث في هذا التوقيت، ومنهم الرئيس نفسه، فغيابهم يدفع البعض إلى أخذ معلومات من طرق غير صحيحة، وبالتالي يكون انطباعات سطحية”.
تحذير مرسي من الانقلاب
وردًا على ما أثير حول أن أحد الزعماء العرب أوفد أحد كبار مسؤوليه إلى مصر للقاء مرسي في مارس 2013م، والذي حمل له أخبارًا فيها تفاصيل عن انقلاب يدبر ضده، قال هذا ليس صحيحًا، وما يتم تداوله مبني على نقل شهادات غير دقيقة.
وأكد ان دبلوماسي عربي كان يقيم في القاهرة حينها التقى بمرسي، ونقل له تخوفاته وآخرين من أن يحل بمصر عشرية سوداء كما حدث في الجزائر.
ونقل “علي” كلام الدبلومسي نصًا : “لتسمح لي سيادة الرئيس أن أنقل لك مخاوفي من مستقبل المسار الديمقراطي في مصر، وذلك لأسباب عدة منها قلق كثير من القوى الإقليمية نتيجة إصرار فخامتكم على عدم التواصل المباشر بالكيان الصهيوني وترك الاتصال للأجهزة الأمنية فقط”.
وأضاف أن الدبلوماسي العربي أطلع مرسي على ضرورة التراجع عن بعض قراراته التي اتخذها في نوفمبر2012م، بشأن أحداث غزة ومنها إلغاء سحب السفير المصري من “إسرائيل”، كونه أحدث توترًا إقليميًا جعل من القيادة في مصر غير مرحب بها، وهو ما يشكل ضغطًا أيضًا على المؤسسة العسكرية، وربما يؤدي إلى ما هو أسوأ.
وتابع أن الدبلوماسي أشار عليه بضرورة تقليل الدعم السياسي للفلسطينيين في غزة، والعودة به إلى الحد الأدنى في هذه المرحلة، لافتًا إلى أن أطرافًا إقليمية باتت ترى تناقضًا في الرؤى بين بعض مؤسسات الدولة وبين مؤسسة الرئاسة في التعامل مع ملف العلاقات المصرية الإسرائيلية.
وأوضح أن السبب الآخر الذي ذكره الدبلوماسي العربي هو إصرار مرسي على دعم الثورة السورية ورؤيته المبنية على أن الرباعية المكونة من تركيا وإيران والسعودية ومصر هي السبيل لحل الأزمة السورية، وهو ما لا يرضي أطرافًا إقليمية تملك رؤية مخالفة لترتيب أوضاع الإقليم، خاصة وأن الربيع العربي كان قد بدأ يحاصر بعض هذه القوى.
ورأى علي، أن الدبلوماسي العربي كلامه أظهر أن القوى الإقليمية غير مرتاحة وتُصَدِّر قلقًا شديدًا للداخل، وهذا القلق كان له تأثير على قوى سياسية وبعض مؤسسات الدولة، واستتبع ذلك حملات إعلامية شديدة التحيز أدت إلى انصراف بعض قطاعات المجتمع المصري عن مساندة التجربة الديمقراطية.
وكشف أن رد مرسي على ما ذكره الدبلوماسي العربي اقتصر على أنه أطرق السمع له، وقال له هذا كلام مهم سيُؤخذ بعين الاعتبار، وأشار في هذا السياق إلى أن معاهدة السلام المبرمة مع “إسرائيل” هي معاهدة للشعب المصري وتظل قائمة باسمه، وأنه لا يملك أي تغيير بها إلا بأمره.
وأكد أن مرسي لم تتغير مواقفه تجاه هذه القضايا، حيث ظل متمسكًا بموقفه الرافض للتواصل المباشر مع الكيان الصهيوني، كما ظل متمسكًا بدعم الثورة السورية ورؤيته لدور الرباعية.