شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

أردوغان.. من الاستضعاف إلى التمكين! – مقال لـ”أحمد نصار”

أردوغان.. من الاستضعاف إلى التمكين! – مقال لـ”أحمد نصار”
الحشد المليوني في مدينة اسطنبول أمس كان بلا شك بداية جديدة لمرحلة مهمة في تاريخ تركيا، تتخلص فيها من أشواك كثيرة في خاصرتها، وتمهد لانطلاقة جديدة في ملفاتها الخارجية، بدون ضغوط غربية أو تهديدات داخلية!

الحشد المليوني في مدينة اسطنبول أمس كان بلا شك بداية جديدة لمرحلة مهمة في تاريخ تركيا، تتخلص فيها من أشواك كثيرة في خاصرتها، وتمهد لانطلاقة جديدة في ملفاتها الخارجية، بدون ضغوط غربية أو تهديدات داخلية!

ومن خطاب أردوغان أمس، وأفعاله منذ الانقلاب، نستطيع أن نقول أنه قد فهم تماما أن تطهير تركيا من الانقلابيين، ومنع أي انقلاب جديد، يستلزم التحرك سريعا وبقوة في في ثلاث دوائر رئيسية، وفي نفس الوقت:

1- ملف جماعة فتح الله غولن.
2- الجيش التركي. 
3- الغرب.

***

1- أردوغان وغولن:

يغلب على ظني أن أردوغان كان يعلم بتشعب جماعة فتح الله غولن في تركيا، فقد كانوا حلفائه في وقت ما، ويعلم جيدا تغلغلهم في جميع مؤسسات الدولة، حتى أن بعض وسائل الإعلام الغربية الحاقدة اتهمت أردوغان بوجود قوائم أعدت مسبقا لاعتقال هؤلاء. ومع ذلك؛ فقد قبل أردوغان بوجودهم كمخالفين في الرأي، طالما أن الأمور تسير بالانتخابات، ولعب معهم بالسياسة.

لكن بما أن الأمور وصلت للانقلابات العسكرية، فالمثل المصري يقول: “مفيش بعد حرق الزرع جيرة”، فلم يكن ممكنا السكوت أو التساهل مع هؤلاء.

صحيح أن جميع الموقوفين ليسوا بالضرورة مشتركين في المحاولة الانقلابية، لكنهم بكل تأكيد منتمين لجماعة فتح الله غولن التي تلقت الدعم الأميركي لتنفيذ الانقلاب، وبالتالي الإبقاء عليهم في وظائفهم خطر وجودي وليس مجرد خطأ سياسي!

وفي السياسة كما في كرة القدم؛ عندما يكون المرمى فارغ: قم بالتسديد! فالفرص لا تأتي كثيرا؛ وقد كانت فرصة حقيقية لتطهير تركيا من سرطان أخطبوطي اقتنع قادة أحزاب المعارضة أنفسهم بضرورة التخلص منه، فما بالكم بأردوغان! من الطبيعي أن يؤكد على عودة عقوبة الإعدام، كمطلب شعبي لمعاقبة الانقلابيين الخونة!

***

2- أردوغان والجيش:

أردوغان بدأ ينتقل من مرحلة الاستضعاف إلى مرحلة التمكين. وحتى الأمس القريب كانت الفتاة المسلمة في تركيا حين تذهب إلى الجامعة أو البرلمان تخلع حجابها لأن القانون العلماني يمنع ذلك! وعندما قرر أردوغان التنافس على منصب الرئاسة، تخوفنا وظننا أن الجيش التركي العلماني سيقوم بانقلاب على الأرجح، وقد حاول مرارا وفشل!

وحتى يقوم أردوغان بهذه النقلة؛ كان لا بد من تطهير الجيش التركي العلماني، العضو في النيتو منذ أوائل الخمسينات، فأعلنت الحكومة عقب الانقلاب تسريح 149 جنرالا، وهو ما يعادل تقريبا نصف عدد الجنرالات في الجيش التركي، الذين يبلغ عددهم 358 جنرالا! أما عدد الموقوفين منذ الانقلاب وفقا لوزير الداخلية التركي فقد بلغ عددهم بلغ 25 ألفًا و917 شخصًا، بينهم 13 ألفًا و419 شخصًا صدرت بحقهم قرارات بالسجن على ذمة التحقيقات ذاته!

***

3- أردوغان والغرب:

كل ذلك يزعج أميركا والغرب كثيرا (أوضحنا من قبل تصريحات الأمريكان الغاضبة لفشل الانقلاب في مقال: خطط أميركا البديلة ضد تركيا).

فالغرب منذ انتهاء الحرب العالمية الأولى يرى في تركيا أقرب دولة يستطيع أن يهدد من خلالها روسيا، وصواريخ النيتو في تركيا تبعد عن موسكو 15 دقيقة فقط!

وخلال محاولة الانقلاب قام أردوغان بحصار قاعدة أنجرليك في مدينة أضنة جنوب البلاد، وقطع عنها الكهرباء، وهي خطوة بلا شك أسعدت بوتين بشدة!

وأردوغان في احتفال أمس انتقد الغرب، وانتقد ألمانيا بالاسم، لمنعها بث خطاب له، بينما سمحت ببث خطاب لأحد الانقلابيين، وانتقد أيضا منظمة العفو الدولية التي جمع فرعها في النمسا تبرعات للانقلابيين! أما النمسا فقد علقت يافطة في مطار فيينا تقول: سفرك لتركيا يعني دعم أردوغان، ومنعت مدينة “فينر نويشتات” شمال النمسا رفع العلم التركي فوق المنازل دعما لأردوغان ورفضا للانقلاب!

العلاقة بين أردوغان والغرب تتأزم، ويمكن تشبيهها بحالة الموت السريري الذي ينتظر لحظة الوفاة، أو الزواج الروتيني الذي ينتظر ورقة الطلاق!

فهل يأتي لقاء بوتين وأردوغان غدا ليؤكد هذه الحالة، ويعمق من خلافات تركيا مع الغرب، بتقارب مهم بين تركيا وروسيا يجعل موسكو تستقطب الحليف الأقرب للنيتو، وليتحكما معا في أنابيب الغاز الذي تحتاجه أوربا بشدة، والقادم إما من روسيا أو من الشرق الأوسط عبر تركيا؟؟ .. يبدو ذلك!



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023