وسط إجراءات أمنية مشددة اجتمع عدد من قادة دول العالم الجمعة في القدس، بينهم الرئيس الأمريكي باراك أوباما والفرنسي هولاند، ورئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، لتشييع جنازة الرئيس الإسرائيلي الأسبق شيمعون بيريز الذي توفي عن 93 عاما.
وسيشارك في الجنازة نحو 90 وفدا عن سبعين دولة وسط مشاركة عربية كبيرة، تعتبر الأكبر في حضور جنازة مسؤول إسرائيلي.
مشاركة عربية كبيرة
وتحولت جنازة شيمون بيريز اليوم الجمعة الي مناسبة جديدة للتطبيع العربي الصهيوني يمكن أن نطلق عليها “تطبيع الجنازات”، بعدما تحولت مناسبات حالية وسابقة لزيارات متبادلة بين المسئولين العرب والصهاينة بدعاوي التعازي، بينما تكون بوابة للقاءات على الهامش.
وجاءت المشاركة من قبل القادة العرب في جنازة شيمعون بيريز، رغم ما ارتكبه هذا الرجل من جرائم بحق العرب، ومشاركته في تأسيس إسرائيل العدو الأكبر للشعوب العربية، والتي ارتكبت جرائم حرب ضد العرب.
وكشفت مواقع إسرائيلية عن مشاركة أندريه أزولاي أحد مستشاري الملك محمد السادس في جنازة بيريز.
يأتي هذا في ظل ما ذكرته وسائل إعلام إسرائيلية إن ممثلاً عن سلطنة عمان وصل عن طريق الأردن، وهوخميس بن محمد الفارسي، سيشارك في جنازة شمعون بيريز، وأن ممثلاً عن ملك البحرين وصل أيضاً لحضور الجنازة، كما يشارك وفقا للمتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية أحمد أبو زيد وزير الخارجية المصري سامح شكري بجنازة بيريز، كما أن الأردن سيكون مُمثَلاً بنائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية جواد أحمد العناني.
القناة العشرة الإسرائيلية: هذه رسالة للشارع العربي
وقالت القناة العاشرة الإسرائيلية إنه “في نهاية الأمر سيحضر ممثلون عرب إلى الجنازة، ليس على مستوى رفيع، لكن هذه رسالة للشارع العربي بعد ما تم كتابته على شبكات التواصل الاجتماعي في اليومين الأخيرين، بأنه لا زال قادة العرب يتحملون المسؤولية وبالتأكيد المفاجأة هي من دول الخليج البحرين وعمان”.
وقال مسؤول فلسطيني إن مشاركة عباس في الجنازة تأتي “بهدف نقل رسالة سلام للشعب الإسرائيلي، وتكريماً للزعيم الراحل” بحسب ما قالت الإذاعة الإسرائيلية.
أعضاء الكنيست العرب لن يشاركوا في الجنازة
من ناحية أخرى قالت الإذاعة الإسرائيلية إن أياً من أعضاء الكنيست العرب في القائمة المشتركة لن يشارك في مراسم تشييع بيريز، وأن أحداً منهم لم يُرسِل حتى الآن تعازيه بموته.
ونقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية أجواء “خيبة الأمل” في مقر الكنيست بسبب العدد المتدني من الإسرائيليين الذين حضروا لإلقاء نظرة الوداع على جثمان بيريز الموضوع في باحة الكنيست الخارجية، والذي لم يتجاوز حتى ساعة إعداد الخبر 35 ألفاً فقط.
غضب فلسطيني
وتقول وكالة قدس برس أن تواصل وفود عربية (أفرادًا وجماعات) زياراتها التطبيعية العلنية والسرية لدولة الاحتلال، بزعم أنها تحاول “مدّ” جسور التعاون والحوار مع الإسرائيليين، وفتح آفاق لحل الصراع المستمر منذ عشرات السنين، يعد خدمة عربية لـ “إسرائيل”.
وأثارت تلك الزيارات ردود فعل مستنكرة، حيث وصفها كثيرون بأنها تحسين لصورة نتنياهو، وحذّرت فصائل فلسطينية من خطورة أي زيارات أو نشاطات لأي شخصيات أو وفود عربية أو إسلامية تطبيعية مهما كان مبررها.
ورأت حركة “حماس” في بيان لها تعقيبًا على ذلك، أن الاتصال بالاحتلال ولقاء قادته، “يعكس خطورة، تسهم في تشكيل مجموعة من المتأثرين بالتطبيع والمروجين له مع الاحتلال”.
وكان نتنياهو، تفاخر في عدة لقاءات بالعلاقات القائمة بين حكومته ودول عديدة في المنطقة، وقال إن “انقلابًا حدث في علاقتنا مع دول عربية مهمة”، مضيفًا أن “هذه الدول العربية صارت تفهم أن إسرائيل ليست عدوًا، وإنما حليف وسند في مواجهة تصاعد أخطار الإسلام المتطرف على شاكلة تنظيم الدولة الإسلامية”، على حد تعبيره.
كما تطرق الإعلام العبري لتفاصيل بعض من هذه الزيارات واللقاءات، فكتب المعلق العسكري في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، أليكس فيشمان، عن ذلك قائلًا “الغرام السري يخرج إلى العلن”، في إشارة منه لتنامي التطبيع.
فيسك يذكر العرب بجرائمه
وعلى حين تناست العواصم العربية جرائم بيريز، سعي الكاتب البريطاني روبرت فيسك لتذكيرهم بجرائمه في مقال نشره الاربعاء الماضي بصحيفة الاندبندنت، بعنوان: بيريز ليس صانع سلام لن أنسى انهار الدماء ورؤوس الأطفال المقطوعة ولا الجثث المحترقة في قانا“.
وتحت عنوان فرعي “مجرد عرب”، ذًكر فيسك العرب بأن مجلة إسرائيلية نشرت حواراً صحافياً مع جنود المدفعية الاسرائيلية الذين أطلقوا القذائف على قانا، وفيه برر أحد الضباط الصهاينة قتلهم سكان قرية قانا بقوله: “أنهم مجرد حفنة من العرب” (عرابوشيم بالعبرية)، حيث نقلت المجلة عن الضابط قوله: “مات بعض العرابوشيم، لا ضير في ذلك”، وكان كبير موظفي بيريز على نفس القدر من الاستخفاف حين قال: “لا أعرف أي قواعد أخرى للعبة، سواء للجيش الإسرائيلي أو للمدنيين”.
وقال فيسك أن بيريز سمى اجتياحه للبنان بـ “عملية عناقيد الغضب”، وهي تسمية جاءت من سفر التثنية، في التوراة الإصحاح الـ 32، الذي جاء فيه: “من خارج السيف يثكل، ومن داخل الخدور المرعبة، الفتى مع الفتاة والرضيع مع الأشيب”، وهو ما فعله حين قلت الاطفال والنساء والعجائز في قانا؟
وتساءل فيسك” “كيف يمكن اعتبار شيمون بيريز صانع سلام؟ وهو المسؤول عن هذه المذبحة، عارضاً أدلة تؤكد أن إسرائيل كانت تعلم موقع معسكر الأمم المتحدة وأنه يأوي مدنيين، قائلا: لو استطعت، أحص عدد المرات التي سوف تأتي فيها كلمة “سلام” في تأبينه خلال الأيام القليلة القادمة، ثم احسب عدد المرات التي سوف تذكر فيها كلمة قانا”.