بعد التسريبات السابقة التي كان بطلها عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع المصري، حينئذ، وعباس كامل مدير مكتبه، الذي يقوم بدور المايسترو في إدارة الدولة المصرية، أو بعبارة تلامس الواقع العزبة المصرية، التي استولى عليها العسكر؛ خرجت علينا قناة مكملين بتسريب آخر، إن صحّ، فإنه يمثّل فضيحة بجلاجل للمخابرات المصرية، التي تدّعي أنها تقوم بدور الوسيط بين فتح وحماس، والفصائل الفلسطينية الأخرى، ولكن كما نقول في المثل المصري: “ديل الكلب عمره ما ينعدل”، فنجد في هذا التسريب اكتمال الخيانة بكل معالمها، والارتباط مع العملاء الذين أضرّوا بالقضية الفلسطينة لصالح الكيان الصهيوني، ولا نذهب بعيدًا، فنظام السيسي يخدم إسرائيل بدرجة لا يتخيلها أي إنسان!
وفي التسريب الفضيحة الذي يتضمن حوارًا هاتفيًا بين كل من اللواء وائل الصفتي مسؤول الملف الفلسطيني في جهاز المخابرات المصرية، وبين القيادي السابق في حركة “فتح” والسلطة الفلسطينية محمد دحلان، والذي يعمل لصالح الكيان الصهيوني، بل أكثر من ذلك فهو المستشار الأمني لدولة الإمارات في كل ما هو شر، يضرّ بالمنطقة بشكل كامل.
والتسريب عبارة عن مكالمة مسرّبة بين اللواء وائل الصفتي، وبين دحلان، ويظهر في المكالمة الموقف المصري الحقيقي من السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس، وكيف يتعامل جهاز المخابرات المصرية مع السلطة. ويصف الصفتي الرئيس محمود عباس بأنه لم يعد قادرًا على الإدراك والتفكير ولا التركيز، وأن همّه بالكامل هو البقاء في السلطة.
وقال الصفتي: “الذين لم يتمكن عباس من احتوائهم باتت مواقفهم أقرب إلى حماس”، مشيرًا الى أن “عباس مش عارف يلم”، في إشارة إلى فشله. ويصف ضابط المخابرات المصري الرئيس عباس بأنه “غبي”، ويقول: “ما عندوش بضاعة”، وينهمك كل من دحلان والصفتي بعد ذلك في السخرية من عباس وعزام الأحمد وقادة الفصائل الفلسطينية، كما هاجم الصفتي حركة “فتح” التي تترأس السلطة الفلسطينية منذ تأسيسها في العام 1994م.
هذا التسريب الفضيحة في تقديري له عدة دلالات:
أولاً: أن هذا التسريب يدلُّ دلالة واضحة أن الجهاز المفروض أنه يراقب أنفاس الناس، ويرصد كل ما هو مُتعلق بالأمن القومي المصري، هو مخترق في ذاته، وأن هناك حالة من صراع الأجنحة داخل هذا النظام المُهترئ، الذي يعمل – للأسف – لخدمة الكيان الصهيوني، وأعداء الدولة المصرية، من أجل مصالح ضيقة لأفراد محدودي التفكير.
ثانيًا: هذا التسريب يدلُّ بما لا يدع مجالًا للشك، أن نظام السيسي وأجهزته أثبتوا فشلهم في إدارة دور الوسيط بين منظمتي “فتح” و”حماس”، وأن الدور المرسوم له الآن هو تأجيج الصراع بين الطرفين لخدمة إسرائيل، والعمالة لدول إقليمية لا تريد الخير لمصر.
ثالثًا: اللغة واللهجة الحميمية بين اللواء الصفتي ودحلان، تدلُ بما لا يدع مجالًا للشك، التواطؤ الواضح ضد القضية الفلسطينية، وبطبيعة الحال، ضد حماس والفصائل الأخرى، بما فيها فتح، ومنظمة السلطة الفلسطينية التي يرأسها محمود عباس، الذي يدّعي نظام السيسي أنه يدعمه!
رابعًا: أنه لا حل للقضية الفلسطينة، إلا بإزاحة هذا النظام العميل الذي يخدم الكيان الصهيوني في كل أفعاله، ولا يأبه بمصالح الشعب المصري، وأمنه القومي، ولا يهمه إلا مصالحه التي تصل إلى أفراد معدودين، الذين شوهوا صورة الدولة المصرية، والجيش المصري والمخابرات.
خامسًا: إذا كان هناك بقية من الخجل والحياء لدى القائمين على منظمة فتح والسلطة الفلسطينية، فعليهم أن يثبتوا ذلك بغضبة، تُرجع الأمور إلا نصابها. وأعتقد أن هذا لن يحدث، لأن الضعف يمتلك الجميع، والتنازل عن كل شيء هو شعار المرحلة! ولا حول ولا قوة إلا بالله.
سادسًا: على كل المخلصين من أبناء الشعب المصري، معرفة الحقيقة كاملة، التي تشير بما لا يدع مجالًا للشك، أن السيسي ومن حوله، يُدمِّرون الدولة المصرية، ويُقللون ويقزِّمون من شأنها على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، ويُسوِّقون للشعارات البرّاقة، التي يجب ألَّا تنطلي على أصحاب العقول الواعية.