لعب الفريق سعد الدين الشاذلي دورًا مهمًا في حرب أكتوبر، إذ يوصف بأنه الرأس المدبر للهجوم المصري على خط الدفاع الإسرائيلي، خط بارليف في حرب أكتوبر 1973.
بالرغم من دور سعد الدين محمد الحسيني الشاذلي في حرب أكتوبر، إلا أنه تم إغفال دوره ؛ بسبب اختلافه في وجهات النظر مع قادة الحرب والسادات آنذاك.
شغل الشاذلي منصب رئيس أركان حرب القوات المسلحة في الفترة ما بين 16 مايو 1971 وحتى 13 ديسمبر 1973 ومؤسس وقائد أول فرقة سلاح مظلات في مصر، وأمين عام مساعد جامعة الدول العربية للشؤون العسكرية، وسفير سابق لدى إنجلترا والبرتغال ومحلل عسكري ، ويعتبر من أهم أعلام العسكرية العربية المعاصرة الذي توفي يوم تنحي محمد حسني مبارك عن الحكم في فبراير 2011 ، بحسب ويكيبيديا .
نشأته:
ولد بقرية شبراتنا مركز بسيون في محافظة الغربية في 1 أبريل 1922 ، في أسرة فوق المتوسطة كان والده من الأعيان، وكانت أسرته تملك 70 فدانًا، أبوه هو الحاج الحسيني الشاذلي، وأمه السيدة تفيدة الجوهري وهي الزوجة الثانية لأبيه، وسمىّ على اسم سعد زغلول .
منذ الطفولة الباكرة ارتبط وجدانيا وعقليا بحب العسكرية، حين كان يستمع إلى حكايات متوارثة حول بطولات جده لأبيه الشاذلي، الذي كان ضابطا بالجيش ، وشارك في الثورة العرابية ومعركة التل الكبير .
ابن عم والده هو عبدالسلام باشا الشاذلي الذي تولى مديرية البحيرة ثم تولى بعد ذلك وزارة الأوقاف .
تلقى الشاذلي العلوم في المدرسة الابتدائية في بسيون التي تبعد عن قريته حوإلى 6 كيلو مترات ، وبعد إكماله الابتدائية ، انتقل والده للعيش في القاهرة وكان عمره وقتئذ 11 سنة، وأتم المرحلة الاعدادية والثانوية في مدارس القاهرة .
حياته المهنية :
– التحق بالكلية الحربية في فبراير 1939 وكان أصغر طالب في دفعته .
– تخرج في الكلية الحربية عام 1940 برتبة ملازم في سلاح المشاة .
– في عام 1943 تم انتدابه للخدمة في الحرس الملكي وكان حينئذ برتبة ملازم .
– شارك في حرب فلسطين 1948 .
– مؤسس وقائد أول فرقة سلاح مظلات في مصرعام 1954 .
– قائد الكتيبة 75 مظلات خلال العدوان الثلاثي عام 1956
– قائد أول قوات عربية (قائد كتيبة مصرية) في الكونغو كجزء من قوات الأمم المتحدة (1960 – 1961)
– ملحق حربي في لندن (1963-1961)
– قائد اللواء الأول مشاة (شارك في حرب اليمن) (1965 – 1966)
– قائد القوات الخاصة (المظلات والصاعقة) (1967 – 1969)
– قائد لمنطقة البحر الأحمر العسكرية (1970 – 1971)
– رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية (1971 – 1973)
– أمين عام مساعد جامعة الدول العربية للشؤون العسكرية (1971 – 1973)
– سفير مصر في بريطانيا (1974-1975)
– سفير مصر في البرتغال (1975-1978)
الضباط الأحرار:
شارك الشاذلي في حركة الضباط الأحرار، حيث بدأت علاقته بجمال عبد الناصر حين كان يسكن في نفس العمارة التي يسكنها عبد الناصر بالعباسية قبل ثورة 23 يوليو. وكانت بينهم علاقات أسرية، وبالاضافة كونهم ضباط مدرسين في مدرسة الشؤون الإدارية وكانا يلتقيان بشكل يومي، وقد فاتحه جمال عبد الناصر عن الضباط الأحرار في 1951، ورحب الشاذلي بالفكرة وانضم إليهم ولكنه لم يشارك في ليلة 23 يوليو 1952 بشكل مباشر كونه كان في دورة في كلية أركان الحرب .
دور الشاذلي في نكسة 1967:
أظهر الفريق الشاذلي تميزًا نادرًا وقدرة كبيرة على القيادة والسيطرة والمناورة بقواته خلال نكسة 1967، عندما كان برتبة لواء ويقود مجموعة مقتطعة من وحدات وتشكيلات مختلفة (كتيبة مشاة وكتيبة دبابات وكتيبتان من الصاعقة) مجموع أفرادها حوإلى 1500 ضابط وفرد والمعروفة بمجموعة الشاذلي في مهمة لحراسة وسط سيناء .
بعد ضرب سلاح الجو المصري وتدميره على الأرض في صباح 5 يونيو، واجتياح القوات الإسرائيلية لسيناء، اتخذت القيادة العامة المصرية قرارها بالإنسحاب غير المنظم والذي أدى إلى إرباك القوات المصرية وانسحابها بشكل عشوائي بدون دعم جوي، ما نتج عنه خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات وانقطعت الإتصالات بين القوات المتواجدة في سيناء وبين القيادة العامة المصرية في القاهرة ما أدى إلى حدوث حالة من الفوضى بين القوات المنسحبة، والتي تم قصفها بواسطة الطيران الإسرائيلي.
في تلك الأثناء، انقطع الإتصال بين الشاذلي وقيادة الجيش في سيناء، فاتخذ الشاذلي قرارا جريئا حيث عبر بقواته شرقًا وتخطى الحدود الدولية قبل غروب يوم 5 يونيو واتجه شرقا فيما كانت القوات المصرية تتجهة غربا للضفة الغربية للقناة)، وتمركز بقواته داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة بحوإلى خمسة كيلومترات شرقا داخل صحراء النقب. من خلال شريط ضيق بعيد عن مسار الطيران الإسرائيلي، وبقي الشاذلي في النقب لمدة يومين 6 يونيو و7 يونيو، واتخذ موقعاً بين جبلين لحماية قواته من الطيران الإسرائيلي، إلى أن تمكن من تحقيق اتصال بالقيادة العامة بالقاهرة التي أصدرت إليه الأوامر بالإنسحاب فورًا.
استجاب الشاذلي لتلك الأوامر وقام بعملية مناورة عسكرية رائعة، حيث قام بعملية الإنسحاب ليلا وقبل غروب يوم 8 يونيو في ظروف غاية في الصعوبة, ورغم هذه الظروف لم ينفرط عقد قواته، كما حدث مع وحدات أخرى، لكنه ظل مسيطرًا عليها بمنتهى الكفاءة و استطاع أن يقطع أراضي سيناء كاملة من الشرق إلى الشط الغربي لقناة السويس (حوإلى 200 كم) في عملية انسحاب عالية الدقة، بإعتبار أن الشاذلي كان يسير في أرض يسيطر العدو تماما عليها، ومن دون أي دعم جوي، وبالحدود الدنيا من المؤن، إلى أن وصل الضفة الغربية للقناة، وقد نجح في العودة بقواته ومعداته إلى الجيش المصري سالما، وتفادى النيران الإسرائيلية، وتكبد خسائر بنسبة 10% إلى 20%. وكان بذلك آخر قائد مصري ينسحب بقواته من سيناء قبل أن تتم عملية نسف الجسور المقامة بين ضفتي القناة.
خلافه مع السادات:
تدرج الشاذلي فى المناصب العسكريه حتي 16 مايو 1971 ، ليتم تعيينه رئيس أركان حرب الجيش المصرى فى عهد الرئيس أنور السادات و حتي 13 ديسمبر 1973.
تم عزله من رئاسة أركان الجيش وقت حرب اكتوبر بعد حصول الثغرة فى منطقة الدفرسوار بسبب اختلافه مع الرئيس انور السادات و اللواء احمد اسماعيل وزير الحربية ، وتم تعيينه سفيرا في لندن .
في عام 1978 أصدر السادات مذكراته البحث عن الذات واتهم فيها الفريق الشاذلي بالتخاذل وحمله مسؤولية التسبب بالثغرة ووصفه بأنه عاد منهارا من الجبهة يوم 19 أكتوبر ، وأوصى بسحب جميع القوات في الشرق، هذا ما دفع بالفريق الشاذلي للرد على السادات بنشر مذكراته ” حرب أكتوبر ” ، والذي يعتبر من أدق الكتب إلى تحدثت عن الحرب .
اتهم الفريق الشاذلي في كتابه السادات بإتخاذ قرارات خاطئة رغما عن جميع النصائح من المحيطين به من العسكريين وتدخله المستمر للخطط العسكرية أثناء سير العمليات على الجبهة أدت إلى التسبب في الثغرة وتضليل الشعب بإخفاء حقيقة الثغرة وتدمير حائط الصواريخ وحصار الجيش الثالث لمدة فاقت الثلاثة أشهر كانت تصلهم الإمدادات تحت إشراف الجيش الاسرائيلي .
كما اتهمه بالتنازل عن النصر والموافقة على سحب أغلب القوات المصرية إلى غرب القناة في مفاوضات فض الإشتباك الأولى وأنهى كتابه ببلاغ للنائب العام يتهم فيه الرئيس السادات بإساءة استعمال سلطاته وهو الكتاب الذي أدى إلى محاكمته غيابيا في عهد مبارك عام 1983 ، بتهمة إفشاء أسرار عسكرية وحكم عليه بالسجن ثلاثة سنوات مع الأشغال الشاقة ووضعت أملاكه تحت الحراسة، كما تم حرمانه من التمثيل القانونى وتجريده من حقوقه السياسية.
أمر الرئيس أنور السادات بالتخلص من جميع الصور التى يظهر فيها الفريق الشاذلى إلى جواره داخل غرفة العمليات، واستبدالها بصور يظهر فيها اللواء محمد عبد الغني الجسمي رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة في ذلك الوقت، في محاولة منه بمحو أى دليل يشير إلى دور الفريق الشاذلي في معركة العبور.
حبسه في السجن الحربي:
في مساء 14 مارس 1992 عاد الفريق الشاذلي إلى مصر بعد أن قضى 14 سنة منفيا في الجزائر منها سنتان في عهد السادات ، و12 سنة في عهد مبارك ، قبض عليه فور وصوله مطار القاهرة وصودرت منه جميع الأوسمة والنياشين وأجبر على قضاء مدة الحكم عليه بالسجن الحربي التابع للجيش الثالث الميداني، لأن الأحكام العسكرية ليس بها استئناف ولا نقض ولا تسقط بالتقادم، وجهت للفريق للشاذلي تهمتان، هي نشر كتاب بدون موافقة مسبقة عليه، والتهمة الثانية هي إفشاء أسرار عسكرية في كتابه، وأنكر الشاذلي صحة هذه التهمة بشدة، بدعوى أن تلك الأسرار المزعومة كانت أسرارًا حكومية وليست أسرارًا عسكرية، وطالب الفريق الشاذلي أن تتم إعادة محاكمته وبشكل علني إلا أن طلبه قد رفض .
في بداية أكتوبر 1993، تم الإفراج عن الفريق الشاذلي عن طريق عفو عام، وبعد خروجه عاش منعزلاً بعيدًا عن الناس. وعاد لقريته وخصص أرضًا كوقف للإنفاق على مسجد، وعاش كخبير استراتيجي يكتب ويحلل كل ما يدور على الساحة.
وفاته:
تُوفي الفريق سعد محمد الحسيني الشاذلي يوم 10 فبراير 2011 ، بالمركز الطبي العالمي التابع للقوات المسلحة، عن عمر بلغ 89 عامًا وقد جاءت وفاته بعد معاناة طويلة مع المرض، وكانت جنازته في نفس اليوم الذي أعلن فيه عمر سليمان تنحي مبارك عن منصبه كرئيس للجمهورية .
قام ثوار ميدان التحرير بأداء صلاة الغائب على روحه، وقد شيّع في جنازة عسكرية وشعبية مهيبة حضرة آلاف الضباط والجنود من أفراد القوات المسلحة بعد صلاة الجمعة ، وقد تقدم المشيعين الشيخ حافظ سلامة قائد المقاومة الشعبية في السويس إبان حرب أكتوبر.
جدير بالذكر أن الفريق الشاذلي هو الوحيد من قادة حرب أكتوبر الذي لم يتم تكريمه بأى نوع من أنواع التكريم، وتم تجاهله في الإحتفاليات التي أقيمت لقادة أكتوبر والتي سلمهم خلالها الرئيس السادات النياشين والأوسمة كما ذكر هو بنفسه في كتابه مذكرات حرب أكتوبر.
تم منحه نجمة الشرف سرا ، أثناء عمله كسفير في إنجلترا من قبل مندوب من الرئيس السادات، و تم تجاهله في فتره حكم مبارك حيث ظل الإعلام يروج لأحادية النصر بالضربة الجوية الأولى وكان الشاذلي ضحية من ضحايا النسيان كما حدث للجمسي و المشير محمد علي فهمي ، والفريق أول فؤاد ذكري و نزعت صورته من بانوراما حرب أكتوبر وتم إيقاف معاشه المستحق عن نجمة الشرف العسكرية وعاش العشرين عاما الأخيرة من حياته على إيرادات قطعة أرض ورثها عن أبيه.