حسم حزب العدالة والتنمية”إسلامي”، النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية المغربية، حيث تفوق بـ24 مقعدا زيادة عما حققه منافسه حزب الأصالة والمعاصرة.
و فاز حزب العدالة والتنمية الإسلامي بالمرتبة الأولى في الانتخابات البرلمانية التي جرت أمس الجمعة في المغرب وأعلنت نتائجها النهائية اليوم ، وبحسب النتائج النهائية المعلنة حصل الحزب على 125 مقعدا من أًصل 395، ما يمكنه من البقاء على رأس الحكومة لولاية ثانية.
وبحسب بيان لوزارة الداخلية المغربية، حصل حزب العدالة والتنمية على 98 مقعدا في الدوائر الانتخابية المحلية و27 مقعدا على اللائحة الانتخابية الوطنية، ليصل الى 125 مقعدا، وتلاه خصمه الرئيسي حزب الأصالة والمعاصرة الذي فاز بإجمالي 102 من المقاعد، حيث حصل على 81 مقعدا محليا و21 مقعدا وطنيا.
انتخابات 2011
اشتعلت احتجاجات وطنية أوائل فبراير 2011 ، تضامنا مع الثورة المصرية، و عرفت فيما بعد باسم ” حركة 20 فبراير “، و شارك عدة آلاف من الأشخاص في تظاهرات في أنحاء المغرب ومن بين مطالب المنظمين أن يتم تحديد الدور الدستوري للملك ، وفي 26 فبراير، عقدت مزيد من الاحتجاجات في الدار البيضاء .
أعلن الملك محمد السادس يوم 9 مارس، انه سيشكل لجنة للعمل على تنقيح الدستور، والتي من شأنها أن تُقدم له مقترحات بحلول يونيو من نفس السنة، وبعد ذلك سيتم عقد الاستفتاء على مشروع مسودة الدستور .
نُشرت مسودة الدستور في أوائل يونيو 2011 ، وقد أجري استفتاء لاعتمادها في 1 يوليو2011 وسجلت نسبة مشاركة قياسية مع ارتفاع نسبة الإقبال إلى 70 ٪، وتم تمرير الإصلاحات بموافقة 98% ، ولكن حركة الاحتجاج السابقة، كانت تدعي لمقاطعة الاستفتاء.
وكنتيجة لهذا الإصلاح، تم تقديم موعد الانتخابات البرلمانية إلى الأمام من سبتمبر 2012 إلى أكتوبر 2011 ، أنشئ دستور جديد، ودخل حيز التنفيذ في 1 أغسطس 2011، بعدد من الحقوق المدنية الجديدة، بما في ذلك الضمانات الدستورية لحرية التعبير ، المساواة الاجتماعية للمرأة واستقلال القضاء .
و ألغى الملك سلطته في تعيين رؤساء الوزراء عنوة وألزم نفسه أن يعين عضوا من الحزب الفائز بأكبر عدد من المقاعد في الانتخابات البرلمانية ، في المقابل، مُنحت للوزير الأول سلطات إضافية بتعيين كبار الموظفين في الخدمة المدنية والدبلوماسيين، بالتشاور مع المجلس الوزاري الملكي.
وتم عقد أول انتخابات بعد التعديلات الدستورية ،أدت إلى حكومة ائتلافية بقيادة حزب العدالة والتنمية الاسلامي الذي حصد 107 مقاعد من أصل 395 .
وتم الاعلان عن تنظيم الانتخابات التشريعية الثانية يوم الجمعة 7 أكتوبر 2016 ، لتكون ثاني انتخابات بعد التعديلات الدستورية .
الاستحقاق الثاني
يعد ذلك الاستحقاق الثاني لحزب العدالة والتنمية، الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء عبد الإله بن كيران ، بعد فوزه في انتخابات 2011 وتعيين بن كيران رئيسا للوزراء، حيث ينص الفصل 47 من الدستور المغربي على أن الملك يعين رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب، وعلى أساس نتائجها.
و خلال خمس سنوات أجرى” العدالة والتنمية” إصلاحات اقتصادية لخفض العجز في الموازنة وإصلاح نظام الدعم، مع التصدي للفساد لذلك حظي بشعبية أكسبته ارضا جديدة في انتخابات 2016.
أسباب فوز العدالة والتنمية
بعد الفترة الأولي من ترأس حزب العدالة و التنمية الحكومة ، حقق العديد من الانجازات جعلت المراقبين يتوقعون فوزه للمرة الثانية .
بشهادة الأحزاب المنافسة، و صندوق النقد الدولي، أصبح أداء الاقتصاد المغربي الأفضل عربيا، إذ ارتفع معدل النمو، وانخفض كل من عجز الموازنة ومعدل التضخم، وزادت الصادارت ، و رأي خبراء أن انجازات العدالة والتنمية سبب فوزه الثاني .
كشفت مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2016 بمجلس النواب المغربي ، تمكن الحكومة في خلال 4 سنوات من تقليص عجز الميزانية إلى النصف، وتقليص عجز ميزان المدفوعات إلى أقل من الثلث، كما تمكنت من رفع تغطية احتياطات العملة الصعبة للواردات من أقل من 4 أشهر، إلى ما يقارب 7 أشهر.
وذكرت الحكومة أن تقليص عجز الميزانية ليكون بحدود 4.3% عام 2015، والمستهدف أن ينخفض إلى 3.5% خلال عام 2016 – مما يجعله العجز الأقل على مستوى الدول العربية- ، وتقليص نفقات التسيير (الأجور) بحوالي 10 مليارات درهم بين عامي 2012 و2016 .
تم إصلاح صندوق المقاصة (صندوق الدعم الاجتماعي)، في ظل استمرار تقلب مستوى سعر النفط الذي فاق 110 دولارات للبرميل، في حين لم تبدأ الأسعار العالمية للمواد النفطية في الانخفاض إلا ابتداء من الربع الأخير من سنة 2014.
و في قطاع السيارات الذي أصبح أكبر قطاع مصدر، سجل رقم معاملات فاق 40 مليار درهم نهاية سنة 2014 ، بالإضافة إلى انتعاش صادرات باقي القطاعات، وخاصة قطاع الفوسفات الذي ارتفعت صادراته بـ 19%، وقطاع الصناعات الغذائية بـ 14%، وقطاع النسيج الذي حقق رقم معاملات عند التصدير فاق 25 مليار درهم، كما تعتبر أن ذلك تحقق أيضا بفضل انخفاض أسعار المواد البترولية وتحسن محصول الحبوب ، ما ادي إلي تراجع عجز الميزان التجاري بـ 22%.
و تم مد العلاقات الدولية خاصة إلى السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة والكويت، ما ساعد لتمويل مشاريع ذات مردود اقتصادي واجتماعي، كالطرق السريعة والموانئ والسدود والمراكز العلاجية الجامعية ، ومشاريع الري والمؤسسات التعليمية، ومؤسسات التعليم العالي، والتكوين المهني، والسكن الاجتماعي، والماء والكهرباء وغيرها.
ووفق بيان بعثة صندوق النقد الدولي، التي أنهت زيارتها للمغرب في 4 نوفمبرالماضي ، وصل معدل نمو الناتج المحلي المغربي 4.7% مع نهاية 2015، وهو ما يجعل المغرب الأفضل بين دول المنطقة، سواء من حيث معدل النمو كقيمة، أو من حيث مصدره، يضاف إلى هذا التحسن في معدل النمو تسجيل معدل التضخم قيماً متدنية لا تتجاوز 2%.
سلطات البرلمان
يقوم البرلمان بمراقبة ومساءلة الحكومة عن أدائها والمصادقة أو رفض القوانين والمدونات الجديدة، وتتم هذه المراقبة في جلسات عامة تطرح فيها أسئلة شفهية على الوزراء، أو عن طريق أسئلة كتابية توجه إليهم عبر مكتبي مجلسي البرلمان.
بالرغم من ذلك ، لا تزال سلطة البرلمان بالمغرب محدودة، حيث إن الملك هو الذي يعين رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة، كما أن له الحق في حل البرلمان أو أحد مجلسيه بعد التشاور مع رئيسيّ المجلسين.
وفي حالة حل البرلمان تجرى انتخابات نيابية جديدة في خلال ثلاثة شهور، وعندما يحل أحد مجلسي البرلمان لا يحل المجلس الجديد قبل مرور سنة كاملة على انتخابه.
يمكن للبرلمان أن يقترح تعديل الدستور، لكن أي مشروع تغيير يتقدم به لا يتم إقراره إلا بتصويت أغلبية ثلثي أعضائه، ويطرح بعدها للتصويت من طرف الغرفة الأخرى، التي لا يمكن لها إقراره إلا بأغلبية ثلثي أعضائها، ويعتبر التغيير نهائيا بعد إقراره باستفتاء شعبي،
ولا يمكن أن تكون أية مراجعة دستورية على الطبيعة الملكية للدولة، أو على المقتضيات المتعلقة بدين الدولة الرسمي الذي هو الإسلام.