شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

أوبن ديمقراسي: هيمنة الجيش هي السبب في التدهور الاقتصادي المصري

أوبن ديمقراسي: هيمنة الجيش هي السبب في التدهور الاقتصادي المصري
رأى الكاتب والمحلل السياسي "ماجد مندور"، الحاصل على الماجستير في العلاقات الدولية من جامعة "كامبريدج" أن إنهاء هيمنة الجيش الإقتصادية هي السبيل الرئيسي لإنهاء الخلل الهيكلي في الإقتصادي المصري .

رأى الكاتب والمحلل السياسي “ماجد مندور”، الحاصل على الماجستير في العلاقات الدولية من جامعة “كامبريدج” أن إنهاء هيمنة الجيش الاقتصادية هي السبيل الرئيسي لإنهاء الخلل الهيكلي في الاقتصادي المصري.

وقال الكاتب في مقاله المنشور على موقع “أوبن ديمقراسي” إن الإقتصاد المصري يمر بأزمة طاحنة هذه الأيام، ولا تعمل المصادر التقليدية للنقد الأجنبي مثل السياحة وقناة السويس وتحويلات المصريين وتصدير النفط  والغاز بشكل جيد ، وهو ما يشعل أزمة العملة.

وانخفضت قيمة الجنيه بشكل كبير ، وارتفع الفرق بين السعر الرسمي للدولار وسعر السوق السوداء ليصل إلى 32 بالمائة ، وهو ما دفع البلاد إلى دوامة من التضخم .

وأهدرت مبالغ المساعدات الضخمة القادمة من دول الخليج في مشاريع بنية أساسية مشكوك في جدواها ، وتعد التوسعة الفاشلة لقناة السويس وصفقات الأسلحة الضخمة أبرز الأمثلة ، وهو ما وضع مصر في المرتبة الرابعة للدول الأكثر استيراداً للأسلحة في العالم خلال عام 2015 .

وكرد على هذه الأزمات لجأ النظام المصري إلى حلول تراوحت ما بين العبثية إلى الخطرة .مثال على هذه “العبثية” ،كانت الدعوى التي أطلقها عبدالفتاح السيسي للتبرع عبر الرسائل النصية ، وأخرى كانت الحصول على “الفكة” المتبقية في التعاملات البنكية .

ويستطرد الكاتب في ذكر الإجراءات الاقتصادية التي قام بها عبدالفتاح السيسي من فرض ضريبة القيمة المضافة التي ستؤثر على الطبقة المتوسطة والدنيا لأنها مبنية على الإستهلاك وليس الدخل ، وتفاوض مصر على قرض بقيمة 12 مليار دولار من البنك الدولي .

ويؤكد البعض أن السبب في هذه المشاكل هو السياسات  الاقتصادية الخاطئة التي انتهجها النظام العسكري ، وهو بالتأكيد وجهة نظر البنك الدولي ، الذي طالب بمجموعة من الإصلاحات الاقتصادية النيوليبرالية كشرط للقرض المقترح .

ومع ذلك فإنه بإمعان النظر، سنجد أسباب هيكلية تتعلق بتشكيل وطبيعة الطبقة المحتكرة لرأس المال ( البرجوازية) وتؤكد هذه الأسباب على أن الاقتصاد المصري لن يكون قادر على المنافسة  دولياً أو الحد من الفقر ،إلا إذا كان هناك تغيرات اجتماعية وهيكلية بإمكانها تغيير ممارسات تراكم رأس المال .

تعود نشأة النموذج الحالي للرأسمالية المصرية إلى انقلاب 1952 الذي لم يثبت أركان النظام العسكري فقط ،لكنه أحدث أيضاً تغيرات كبيرة في الاقتصاد

وتضمنت التغيرات الجديدة التي أحدثها نظام 1952 تفكيك المراكز الإقتصادية التي تتمتع باستقلال والتي من الممكن أن تتحدى  الدولة ، وتم ذلك عبر موجات من التأميم التي وصلت ذروتها في الستينيات ، وجعلت من الحكومة المحتكر الرأسمالي الأكبر  في البلاد .

ومع ذلك فإنه مع إنهيار الناصرية ،الذي أصبح واضحاً في 1967 والهزيمة العسكرية الساحقة في سيناء ، بدأت البنية الاقتصادية في التغير ، وبدأ  النظام في تطوير نخبة مدنية استحوذت على الوجه الظاهر  للجيش في محاولة لمزيد من السيطرة الخفية على كل  من الدولة والاقتصاد ، إذ أنه أصبح من الصعب الدفاع عن الهيمنة العسكرية على الإقتصاد  .

كانت هذه العملية معقدة ومتعددة الأوجه ،خاصة في المجال الاقتصادي ، وبدأ النظام أولاً في عملية تحرر اقتصادي يسيطر هو عليها ، وحقق ذلك عبر تقديم التسهيلات الإئتمانية والأراضي المدعومة بسعر زهيد والإعفاءات الضريبية ، والأهم من ذلك هو كله هو خصخصة القطاع العام ، حيث بيعت عدد من الشركات الرابحة إلى رجال الأعمال بسعر زهيد للغاية.

الجانب الآخر من المعادلة هو المشاركة العسكرية المباشرة في الأنشطة الربحية المعفاة من الضرائب ، بداية من عام 1979 ، وهو ما سمح  للجيش بالتوسع بشكل كبير ومباشر في المجال الإقتصادي ، ويقدر الخبراء الإمبراطورية الإقتصادية للجيش ب40 بالمائة من الإقتصاد ، وهو ما خلق “شركة الجيش” كما يسميها “روبرت سبرنج بورد”.

وفي نهاية  عهد مبارك، احتوت الطبقة الرأسمالية على جناح محسوب على المدنيين، ذوي علاقة وثيقة ويتمتع كليهما بالمميزات الكبيرة

وبعد الاحتجاجات الضحمة في 2011 وعودة السيطرة العلنية للحكم العسكري ،بدأ الجناح العسكري في الطبقة الرأسمالية في ترديد سيناريوهات الخمسينيات والستينيات، وبدأ في مزاحمة الطبقة البرجوزاية بشكل كبير وعلني في النشاط الاقتصادي ومشروعات البنية الأساسية ،بشكل خاص .

لعب الجيش على سبيل المثال دوراً رئيسياً في توسعة قناة السويس الذي تكلف ثمانية مليارات دولار، كما بدأ الجيش في تنويع أنشطته الإقتصادية في مجالات كان له مشاركة ضعيفة فيها ، ومؤخراً افتتح الجيش مدارس بدر الدولية .

وحدث سيناريو آخر في سوق لبن الأطفال ، إذ تعرضت البلادلنقص مفاجىء  في المعروض تمت تغطيته من مخزون الجيش ، ولم يفسر سبب تخزين الجيش لهذه الكميات الضخمة من لبن الأطفال ، ويزاحم الجيش القطاع الخاص المدني بشكل مطرد ، مما يخلق إمبراطورية إقتصادية معفاة من الضرائب، ولا تخضع لأي رقابة مدنية .

إن صعود “شركة الجيش”  هو العائق الهيكلي لتطور الرأسمالية والاقتصاد المصري ، وتكمين الجيش من عدم دفع الضرائب واستخراج المواد في  صورة إعانات تعني ان الحكومة المصرية ستكون في حالة مادية يرثى لها .

سيتحول الحل المقترح بانتهاج “النيوليبرالية” المتطرفة من فرض الضرائب الباهظة ورفع الدعم  إلى عبء على الطبقة المتوسطة والدنيا، وهو ما سيؤجج الإضطرابات ، وكمثل مليارات الدولارات  التي جاءت من دول الخليج ، فإن القرض الجديد المقدم من البنك الدولي من المرجح أن يتم إستخدامه  لتوسعة نطاق إقتصاد الجيش  ،على الرغم من أن الهدف منه تحقيق التوازن المالي في ميزانية الدولة .

المشكلة الرئيسية التي ابتلي بها الإقتصاد المصري هو  البنية الرأسمالية التي يسيطر عليها الجيش ، وهناك مشكلات لمعالجة الأزمات الحالية دون اللجوء إلى السياسات التي تغذي الإضطرابات الإجتماعية ، إلا أنه من شان هذه السياسات أن تؤثر سلباً على قدرة الطبقة البرجوازية العسكرية على مراكمة رأس المال .

أحد هذه الحلول هو الفرض الضرائب بشكل فوري على الأنشطة الإقتصادية للجيش ، ووضع بنية ضريبية تصاعدية ، ووضع برنامج لمكافحة الفساد ،الذي يقدر ب75 مليار دولار خلال الأربع أعوام الماضية ، وخفض الدعم عن الأنشطة الإقتصادية الكبيرة وأبرزها دعم الوقود عن الصناعات كثيفة الطاقة .

تكمن القضايا الرئيسية في التكوين الطبقي في مصر وليس في قروض صندوق النقد الدولي الإضافية أو السياسات النيوليبرالية التي لن تؤدي إلا إلى تفاقم المشكلة.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023