في موقف جديد وغريب للسياسة المصرية، خذل “السيسي” فيه الدول العربية والخليجية، بعد أن أصر على عدم الانسحاب من القمة العربية الأفريقية، رغم انسحاب 8 دول عربية (المغرب والسعودية وقطر والإمارات والبحرين وعُمان والأردن واليمن والصومال)، بسبب إصرار الاتحاد الأفريقي على مشاركة وفد جبهة البوليساريو في أعمال القمة.
جذور القضية
بعد أن أنهى الاستعمار الإسباني لجزء من الصحرء الغربية، بدأت قضية الصحراء عام 1975م، ليتحول النزاع بين المغرب و”البوليساريو” (حركة تأسست في 20 مايو 1973م) إلى نزاع مسلح، للاستحواذ على المنطقة، استمر حتى عام 1991م، قبل أن يتوقف بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار، برعاية الأمم المتحدة.
ولا تعترف الأمم المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، ولا تعترف بالجمهورية الصحراوية كدولة عضو في الأمم المتحدة، لكن تعترف بالجبهة كمفاوض للمغرب.
ويقول المغرب: إن “الصحراء الغربية، وهي مستعمرة إسبانية سابقة، واقعة حاليًا تحت السيطرة المغربية، جزء من أراضيه التاريخية، وتقترح كحل حكمًا ذاتيُا موسعًا تحت سيادتها، بينما تقول جبهة البوليساريو: إن “المغرب يحتل المنطقة المتنازع عليها، وتصر على إجراء استفتاء على مصير المنطقة”.
وكان المغرب قد انسحب من منظمة الوحدة الافريقية عام 1984م، بسبب قبول عضوية جبهة البوليساريو فيها.
وفي عام 1991م، توسطت الأمم المتحدة في وقف إطلاق للنار بين المغرب وجبهة البوليساريو التي تطالب باجراء استفتاء عام في الاقليم لتقرير مصيره.
انسحاب 8 دول عربية
وانطلق الإثنين الماضي، اجتماع وزراء الخارجية العرب والأفارقة في مالابو عاصمة غينيا الاستوائية، وخلال الاجتماع اعترض رئيس الوفد المغربي وزير شؤون الهجرة أنيس بيرو، على تواجد وفد جبهة البوليساريو، وأعلن انسحاب المغرب من القمة بسبب تواجد الوفد المذكور.
ويأتي قرار المغرب بالإنسحاب من القمة بعد أسابيع من إعلان عزمه الانضمام مجددًا للاتحاد الافريقي.
وقال الوزير المغربي إن وفد بلاده انسحب إثر تعمد القمة مشاركة هذا الوفد، مشيرا إلى أن المغرب بذل جهودا كبيرة مع دول أخرى لحل هذا الإشكال، إلا أن بعض الدول حالت دون ذلك.
بدوره أعلن السفير أحمد بن عبد العزيز قطان سفير السعودية لدى مصر والجامعة العربية، أن بلاده أعلنت انسحابها تضامنا مع المغرب، وقال خلال المجلس الوزاري إن السعودية تساند المغرب في انسحابها من القمة، وكل ما يمس سيادة الدولة المغربية ترفضه السعودية.
واقترح الوزير السعودي إزالة علم الجبهة من على طاولة الدول المشاركة، حتى يتم التوافق على حل لمواصلة الاجتماعات.
كما أعلن وزير التغير المناخي والبيئة الإماراتي ثاني بن أحمد الزيودي، مساندة موقفي المغرب والسعودية، وقال في كلمة خلال الاجتماع إن بلاده تضم صوتها إلى جانب المغرب والسعودية في الانسحاب من القمة، كما أعلنت سلطنة عُمان انسحابها هي الأخرى، وقطر والإمارات والبحرين والأردن واليمن والصومال.
من جانبه، أعلن وزير الخارجية البحريني، الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، انسحاب مملكة البحرين من القمة العربية الإفريقية، تضامنا مع المغرب لإصرار منظميها على دعوة جبهة البوليساريو.
وقال الشيخ خالد، عبر حسابه على “تويتر”: “المغرب والبحرين والسعودية والإمارات ودول أخرى، تنسحب من القمة العربية الإفريقية تضامنًا مع المغرب لإصرار القائمين على دعوة بوليساريو”.
وأضاف: أن المملكة المغربية تاريخها ناصع في مساندة الدول الإفريقية وقت الحاجة… و لن ترقى حركة انفصالية فاشلة إلى مقامها العزيز وموقفها الشهم الكريم.
تبرير استمرار “السيسي” بالمشاركة
وحاولت الرئاسة تبرير موقف “السيسي” من استكمال المشاركة على لسان المتحدث باسم الرئاسة المصرية علاء يوسف، الذي ذكر في بيان له، اليوم الأربعاء، أن “مشاركة السيسي في القمة الإفريقية ـ العربية، جاءت لتعكس حرص مصر على تعزيز التعاون الإفريقي العربي المشترك، من أجل تحقيق التنمية المستدامة ومواجهة مختلف التحديات”.
وأكد “يوسف” أن “مصر لا تعترف بالجمهورية الصحراوية، ولكنها تحظى بوضعية دولة عضو بالاتحاد الإفريقي”.
وأضاف أنه “من منطلق المسؤولية الخاصة التي تضطلع بها مصر كدولة عربية إفريقية، فقد حرصت على المشاركة في القمة، خاصة أنها هي التي دشَّنت الشراكة الإفريقية ـ العربية المهمة من خلال استضافة القمة الأولى عام 1977م”.
عقاب للمغرب لمعارضة 30 يونية
ونشر الكاتب الصحفي “علاء عريبى” مقال على موقع صحيفة “الوفد”، اليوم الأربعاء، قال فيه “الذي يتابع كواليس انعقاد القمة العربية الإفريقية فى غينيا الاستوائية، يشعر بخيبة أمل كبيرة بسبب مواقف البلدان العربية بما فيها مصر”.
ووصفها الكاتب الصحفي أنها “تصرفات متناقضة وشديدة الغرابة، تعمل على اتساع الهوة بين البلدان”.
وطرح عدة أسئلة فيما يخص موقف مصر، ألمح خلالها على أن مشاركة مصر ورقة للرد على مواقف المغرب ضد 30 يونية و”السيسى”.
اجتماعا طارئ لبحث الخلاف
ونقلت وكالة الأناضول عن مصدر دبلوماسي أفريقي قوله: إن “انسحاب الوفود من القمة تسبب في إخلال كبير بأعمالها، مما اضطر رئيس المجلس الوزاري للقمة وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح إلى رفع أعمال اجتماعات المجلس الوزاري إلى وقت لاحق لم يحدد”.
وأضاف أن الدول الأفريقية ستعقد اجتماعًا طارئًا اليوم لبحث هذا الخلاف مع الدول العربية، وبالمثل سيعقد رؤساء وفود الدول المنسحبة اجتماعًا لبحث الأزمة وإمكانية إيجاد حل لمواصلة أعمال القمة.