شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

هل دخلت المفاوضات بين تركيا والاتحاد الأوروبي مرحلة الحسم؟

هل دخلت المفاوضات بين تركيا والاتحاد الأوروبي مرحلة الحسم؟
في الثالث والعشرين من نوفمبر الجاري صوّت البرلمان الأوروبي لصالح قرار يقضي بتجميد مفاوضات الاتحاد الأوروبي مع تركيا بشأن انضمامها للاتحاد.

في الثالث والعشرين من نوفمبر الجاري صوّت البرلمان الأوروبي لصالح قرار يقضي بتجميد مفاوضات الاتحاد الأوروبي مع تركيا بشأن انضمامها للاتحاد.

وقد ربط البرلمان الأوروبي بين حيثيات القرار وبين الإجراءات التي اتخذتها أنقرة على أثر محاولة الانقلاب الفاشلة في الخامس عشر من يوليو الماضي.
ويناقش هذا التقرير عدة تساؤلات بشأن هل ارتبط القرار الأوربي فعليًا بإجراءات تركيا حيال محاولة الانقلاب الفاشل وقادته، أم أنه حلقة جديدة في سلسلة تضييقات تنفذها الدوائر الأوروبية تجاه أنقرة منذ سنوات؟ وهل يمثل هذا القرار عائقًا حقيقيًا أمام استئناف المفاوضات فيما بعد، كما حدث من قبل عندما جمدت المفوضية الأوروبية المفاوضات مع أنقرة على أثر الأزمة القبرصية عام ٢٠٠٦م؟ وأخيرًا ما الذي تنتظره تركيا في الفترة المقبلة فيما يخص التعاون مع الأوروبيين وهل تملك أوراقا سياسية تستطيع من خلالها تغيير الواقع المتأزم معهم؟

رسالة للاتحاد الأوروبي

تصريحات بعض الساسة والمسئولين الأتراك عكست ثقة سياسية ربما أراد الأتراك من خلالها إرسال رسالة واضحة للاتحاد الأوروبي مفادها أن لدينا بدائل؛ فقد صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان معلقًا على القرار بأن تركيا قد تتخذ إجراءات مضادة إذا استمر التمادي الأوروبي على حد قوله.
كما صرح رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، بأن القرار لا قيمة له، وذهب وزير الخارجية مولود جاويش أوغلوا إلى اعتباره “يصغر البرلمان الأوروبي والاتحاد الأوروبي كذلك”، بينما رأى الناطق الرسمي باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالن أن “تعاظم ظاهرة العداء للإسلام (الإسلاموفوبيا) وكثرة المجموعات المؤيدة لفكرة إبعاد الأجانب إلى خارج الحدود الأوروبية في القارة العجوز، ساهم بشكل كبير في تضييق الرؤية الإستراتيجية المستقبلية للاتحاد الأوروبي، وبفعل تعاظم تلك الظواهر فقد الاتحاد المصداقية والواقعية”، معتبرا أن قرار البرلمان الأوروبي “ناجم عن أحكام مسبقة غير صحيحة.”
أسباب الثقة التركية
يقف وراء الثقة في الخطاب التركي حيال الأزمة مع الأوروبيين عدة أوراق سياسية يلوح منها بقوة ورقة اللاجئين والتي هدد بها الرئيس التركي صراحةً حين قال: إنه “بإمكان أنقرة أن تفتح حدودها مع أوروبا أمام اللاجئين المتدفقين بشدة من الشرق”، وهو ما يسبب انزعاجًا ليس بالهين لدى أوروبا التي تخشى ذلك الأمر وتسعى لتجنبه قدر المستطاع، خصوصًا في ظل تحركات جماعات الضغط الراديكالية داخل دول أوروبا والرافضة لوجود الأجانب لدرجة التهديد بالقتل، هذا فضلاً عن مخاوف تخص الهوية الأوروبية في صراع جذري قديم.
• ومن الأوراق التي تعتمد عليها تركيا في الإطار ذاته التهديد بالانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون بدلاً من الاتحاد الأوروبي، وهي المنظمة التي تتمتع تركيا فيها بصفة شريك حوار، إلا أن هذا ربما يكون مجرد تلميح من أنقرة بأنه ثمة بدائل في حال التخلي التام من قبل الأوروبيين ليس إلا؛ حيث يُشترط للانضمام إلى”شنغهاي للتعاون” التخلي عن مسألة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي والخروج من حلف شمال الأطلسي، وهو أمر لا يمكن لتركيا أن تفعله خاصة وأن ثمة خلافات قوية بينها وبين دول منظمة شنغهاي التي تضم روسيا والصين وكازاخستان وقرغيزستان وأوزبكستان.
بين سياسة العرقلة والإقصاء
وما الذي يحتاجه الاتحاد الأوروبي من تركيا كي يتبع معها سياسة العرقلة وليس الإقصاء الكامل؟

يرى الدكتور أسامة سندان أستاذ الفلسفة السياسية بالجامعة الأسترالية أن الاتحاد الأوروبي تساهلَ من قبل مع دول مثل بلغاريا ورومانيا بينما يتعنت مع تركيا، لكنه لا يغلق الباب كاملاً في وجهها، وذلك بسبب قضية اللاجئين التي تمثل خطورة على الأوروبيين ليست بالهينة.

كما يؤكد أن أوروبا لا تريد التخلي عن الساحة الداخلية في تركيا وتريد أن تُبقي على همزة وصل مع أنقرة بهدف المتابعة والاطلاع الدائم بل ولعب دور ما قد يعرقل النظام التركي الذي يتعامل معه الأوروبيون مضطرين وليسوا مُرحبين على حد قوله.
ويرى الإعلامي والناشط الحزبي د. حمزة زوبع أنه بالرغم مما تمكله تركيا من أوراق بديلة عن الاتحاد الأوروبي وعدم إغلاق الاتحاد الأبواب في وجه أنقرة، إلا أن تركيا تظل هي الأكثر احتياجًا للأوروبيين حيث تسعى لتوسيع دائرة علاقاتها السياسية وتصفير مشكلاتها مع جيرانها خاصة في ظل التوترات المستمرة على حدودها سواء فيما يخص الأزمة السورية، أو العلاقات مع قبرص وفي ظل خطوات أوروبية قد تكون مستفزة كان آخرها موافقة البرلمان الألماني في الثاني من يونيو/حزيران 2016، على مشروع قانون يعترف بدور تركيا فيما جرى للأرمن خلال الحرب العالمية الأولى، ويصف ما قام به العثمانيون آنذاك بأنه “إبادة جماعية”. ويرى زوبع أنه على أنقرة أن تسعى لتقوية الأوراق البديلة التي تملكها حتى تضع نفسها في موقف أقوى وإن كان موقفها الحالي لا بأس به، وألا تسمح للاتحاد الأوروبي باستغلالها في قضية اللاجئين في الوقت الذي يعنل فيه على إضعاف النظام التركي من الداخل.
ويظل السؤال على الطاولة ما لم يُجب عليه واقع سياسي جديد: هل يستمر الموقف متأرجحا بين أنقرة والاتحاد الأوروبي أم أنه قد حان وقت الحسم من أحد الطرفين؟

 



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023