شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

كابوس يقظة لمواطن سوري – علي خيري

كابوس يقظة لمواطن سوري – علي خيري
كابوس اليقظة الذي قد تتفاجأ أنه حياتك، هو ما أعيشه هذة الأيام، ماذا من الممكن أن أري في كابوس أكثر من أن بلدي أصبحت أكبر مستورد للمحتلين في العالم

كابوس اليقظة الذي قد تتفاجأ أنه حياتك، هو ما أعيشه هذة الأيام، ماذا من الممكن أن أري في كابوس أكثر من أن بلدي أصبحت أكبر مستورد للمحتلين في العالم، والغريب أن بعض أبناء هذا البلد يهلل لهؤلاء المحتلين ويستقبلهم استقبال الفاتحين، فى حين أنهم لم يأتوا إلا ليقتلوا أبناء جلدتهم، و يحتلوا أرض وطنهم  .

بيتي لم يصبح هذا البيت الجميل الذي نشأت فيه، ولم أكن أتخيل فى يوم أن أراه ركاما من جراء براميل الموت التى أطلقتها طائرات الجيش السورى الذى حلمت يوما أن أكون أحد أفراده ، أقاتل أعداء وطنى تحت رايته، وأحرر أرض الجولان المحتل ، بل أصبح خيمة في العراء، خيمة تكفينا بالكاد اسمع منها صوت تنفس من بالخيمة المجاورة ناهيك عن كلامه، أقضي حاجتي الآن في العراء وأكبر أمنياتي ألا يراني أحد، هذا شعوري فبماذا تشعر أمي وأختي وزوجتي  .

بعدما خرجنا بمعجزة من الجحيم – هذا الذي كان بلدي في يوم ما ومازال أحب الاماكن الي قلبي علي الرغم من أنني دفنت فيه أبنائي جميعا وأنا لم أتمم الثلاثون بعد – أصبح همي في كل لحظة ، ماذا سنأكل اليوم ؟ ماذا لو مرضت أمي المريضة أصلا ؟ ماذا لو طردتنا هذة الدولة التي استضافتنا علي مضض ؟ ماذا لو غضب علينا الحاكم ؟ ماذا لو ماذا لو أسئلة لا تنتهي وتأكل في عقلي كل لحظة .

كل هذ ولم أقل لك عن الغصة التي أصبحت ملازمة لي كلما تذكرت وطني الذي لم انساه أبدا ، و أن حاولت ان اتناسي مصيبته فيكفيني أن أفتح أي نشرة أخبار من التي أصبحت أخبارنا و صورنا فيها من العناواين الرئيسية ، غالبا لا تتغير العناوين الذي قد يتغير فقط هو الضحايا و المكان .

عندما رأيت صورة أمى وهى تقبل يد المجندة الأوربية، لكى تسمح لها بالهروب من الأتون المشتعل فى بلدها تتداولها المواقع الأخبارية ويراها كل العالم ، أتدرون كم الألم الذى عانيته ، أتدرون  أن أمى هذة التى رأيتموها تقبل الأيادى من أعز الناس نفسا و أعلاهم نسبا، ولكنها رأت جحيما يشيب لرأسه الولدان ، فقدت أحفادها جميعا ، وتخشى أن يلاقى أبنها نفس المصير .

لم أدرك معنى حق العودة الذى ينادى به الفلسطينيون الا بعدما أصبحت لاجئا أدرك معنى الغربة ، أن تكون غريبا فهذا معناه أنك أنسان من الدرجة الثانية ، هذا فى أكثر المجتمعات رقيا ، أما المجتمعات الأقل رقيا فهو يمن عليك أن أعتبرك انسانا في الأساس .

أحياناً كثيرة أحسد أبنائي علي مصيرهم وأتمني لو كنت معهم لأنهم ارتاحوا  .

هذا جزء من كابوسي الذي لا صحوا منه، كابوس يقظة لمواطن سوري.   

 


تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023