من بلاد الحرب والألم والمأساة، ومن رحم الحصار في الأحياء الشرقية لمدينة حلب السورية، خرجت “فاطمة عبدالله أحمد” وهي حامل في شهرها الرابع مع زوجها وأطفالها لتلجأ مُصابةً إلى حضن تركيا الدافئ، وسط سعادة تشوبها المرارة.
انضمت “فاطمة” إلى قافلة المهجّرين من الأحياء الشرقية لحلب، بعد اتفاق وقف إطلاق النار الذي تحقق مؤخرًا بوساطة تركية، لتنجو من قتل واضطهاد النظام السوري وداعميه الذين يحاصرون المنطقة منذ أشهر ويقصفونها ليل نهار.
ونقلت الجهات المشرفة على إجلاء المدنيين والمصابين من حلب، فاطمة وعائلتها، إلى ولاية هطاي جنوبي تركيا، وهي تخضع للعلاج حاليًا على يد الأطباء الأتراك في مستشفى جامعة مصطفى كمال أتاتورك الحكومية.
وخلال حديثها للأناضول عن الظروف المؤلمة التي عاشتها هي وأسرتها تحت الحصار والقصف في حلب، قالت فاطمة إنها أرسلت اثنين من أطفالها الخمسة قبل نحو عامين إلى أمّها اللاجئة في ولاية أضنة جنوبي تركيا.
بقيت فاطمة حامل في شهرها الرابع مع زوجها وأطفالها الثلاثة (توأمان بعمر 2.5 سنة، وآخر بعمر 1.5 سنة)، في حلب لعدم رغبتها في المغادرة إلا أن النظام السوري والمجموعات الأجنبية الإرهابية الموالية له مارست بحقهم أبشع صور العذاب.
وأشارت فاطمة إلى أن أحد البراميل المتفجرة التي ألقاها طائرات النظام السوري على رأس المدنيين في الأحياء السكنية، سقطت بالقرب من منزلهم ما أدى إلى إصابة زوجها أثناء محاولته إخراج بعض المسلتزمات.
وأوضحت أن القذائف الصاروخية كانت تتساقط بكثافة على الأحياء الشرقية لحلب أثناء محاولتهم الانتقال إلى مكان أكثر أمانًا، لتبقى إلى جانب زوجها المُصاب في ساقه وأطفالها الصغار الذين يخافون من أصوات الانفجارات.
لجأت العائلة السورية إلى أحد المباني الذي اعتقدوه آمنًا في المنطقة المحاصرة، لكن القصف العنيف طالهم هناك أيضًا، وأسفر عن مقتل عدد من أقربائهم المرافقين لهم.
وقالت فاطمة: “كنّا نحاول يوميًا الانتقال إلى أماكن آمنة إلا أن القنابل تنهال علينا كالمطر، والبراميل المتفجرة تسقط بجوارنا، حاولنا حماية أنفسنا من التسمم بالأسلحة الكيميائية التي يستخدمونها. قُتلت أخت زوجي وطفلها وزوجها أثناء هروبنا من القنابل”.
وأشارت إلى انعدام مقومات الحياة بالمنطقة، قائلة: “اضطررنا لشرب مياه مليئة بالديدان. لقد عانينا من العطش والجوع والخوف والقتل في نفس الوقت. الجميع تشتت في الأحياء المستهدفة، وأنا فقدت أطفالي ثم عثرت عليهم مصابين في أحد المستشفيات”.
ومضت تقول: “بعد انتشار أنباء حول وقف إطلاق النار وفتح ممرات للخروج، تحركنا بسرعة إلا أن الأمر لم يتحقق، ثم دخلنا إلى منزل صغير جدًا وبقينا 13 شخصًا في غرفة واحدة بينهم 9 جرحى، وفجأة سقطت قذيفة فوقنا وتلطخت ملابسي بالدماء”.
وتابعت: “رأيت صديقتي وطفلها مقتولين بسبب تلك القنبلة، وأنا مصابة في ساقي، ورغم ذلك تحركنا بسرعة عقب توارد انباء عن فتح الممرات، لكن القناصة التابعين للنظام بدأوا يستهدفوننا هذه المرة”.
وأعربت اللاجئة السورية عن شكرها لتركيا وشعبها وحكومتها ورئيسها رجب طيب أردوغان، حيال الجهود الحثيثة التي بذلوها لإنقاذ الأبرياء في حلب واستقبالهم في البلاد دون أي قيد أو شرط.
وتنتظر فاطمة حاليًا، انتهاء العلاج، والاجتماع ببقية أفراد عائلتها الذين نُقلوا إلى مستشفيات أخرى عبر سيارات الإسعاف، معربة عن سعادتها البالغة بنجاتها هي وزوجها وأطفالها من المجازر التي راح ضحيتها المئات بل حتى الآلاف.