جاءت زيارة مستشار العاهل السعودي بالديوان الملكي أحمد الخطيب لأثيوبيا وسد النهضة مؤخرًا، ومن قبله زيارة وزير الزراعة عبد الرحمن بن عبدالمحسن الفضلي لأديس أبابا – لتصب الزيت علي النار بشأن العلاقات المصرية –السعودية وتعيد إلى الواجهة الأزمات المكتومة بين البلدين، والتي خرجت بشكل واضح إلى العلن، ورغم التكتم الرسمي حتى الآن علي هذه الزيارة؛ إلا أن وسائل الإعلام المصرية الرسمية والخاصة شنت هجومًا كبيرًا علي هذه الزيارة، ووصفتها بزيارة المكايدة والإساءة لمصر، مما يعكس الغضب المصري من هذه الخطوة.
وكانت الأزمة بين البلدين ظهرت بشكل واضح عقب تصويت مصر بمجلس الامن لصالح روسيا وسوريا علي حساب الموقف السعودي والخليجي، وهو ما اغضب المملكة ودفعها لاتخاذ قرار مباشر بمنع ارسال شحنات بترول وغاز كان تم الاتفاق عليها بين البلدين علي ان تصل إلى القاهرة خلال الشهرين الماضيين، ولم يحدث الأمر الذي أغضب القاهرة.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد؛ بل جاء ت الأنباء التي تقول بوجود قوات مصرية ومستشاريين عسكريين وطيارين مصريين في سوريا وتحديدًا في حلب؛ لتؤكد الهوة الكبيرة بين البلدين، وبدا ان القاهرة على مشارف مغادرة الحلف الخليجي الي الحلف الروسي الايراني السوري، وكانت اليمن ايضا علي الخط حيث جرت احاديث مفادها ان القاهرة لا تقوم بواجبها الحقيقي ضمن قوات التحالف العربي هناك بل الاكثر من ذلك سربت بعض الاخبار عن لقاء مسؤوليين مصريين مع وفود حوثية، بل وزيارة سرية للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح مؤخرا ، وهو خصم السعودية اللدود في النزاع الدائر باليمن حاليا لتعاونه مع الحوثيين هناك ومواجهة التحالف العربي عسكريا.
وتعليقًا علي هذه التطورات في العلاقات بين البلدين استنكر د.عمرو هاشم ربيع – نائب مركز الأهرام للدراسات السياسية – زيارة المستشار السعودي لاثيوبيا ووصفها بزيارة الابتزاز والمكايدة والضغوط على مصر لتنفذ للسعودية ما تريده، وتؤدي إلى تأزيم العلاقات بين البلدين، حيث اصبح من الصعب الان وعقب هذه الزيارة الحديث عن حوار او تفاهم لتدارك الأزمات بين البلدين؛ لان الزيارة الاخيرة مثلت تحديًا كبيرًا وتصرفًا غير مسؤول من المملكة – على حسب وصفه – مشيرا إلى أضرار هذه الزيارة بموقف مصر في ازمة سد النهضة وإضعافه.
وأضاف ربيع – في تصريحات خاصة لـ”رصد” – لقد بدا الآن أن هناك خلافًا في مفهوم الأمن القومي بين مصر والسعودية، وان هناك أولويات لكل دولة، ومصر ترى أن أمنها القومي مهدد من أثيوبيا بسبب سد النهضة ومما يحدث في سوريا، لانه ليس لصالح مصر سقوط سوريا وتفككها، لان هذا معناه وصول الارهاب بشكل اكبر الي مصر – حسب قوله، مشيرا إلى عدم تفهم السعودية لمثل هذه الامور في حال سقوط بشار الذي تصر عليه.
وطالب ربيع القاهرة بضرورة التوجه الي طهران وتوثيق العلاقات معها، وقال هذا ما نادينا به منذ فترة طويلة؛ لانه ليس من مصلحة مصر القطيعة مع ايران والعكس هو الصحيح، خاصة ان دول الخليج التي قاطعنا ايران بسببها هي نفسها لها علاقات معها، متسائلاً كيف نكون ملكيين أكثر من الملك ؟ومؤكدا على ان العالم الان يتحدث بلغة المصالح ومصلحة مصر الان في توثيق علاقتها بإيران.
ومن جانبه قال وزير الري الأسبق، محمد نصر الدين – في تصريحات صحفية – إن زيارة الخطيب لسد النهضة “تحرك خاطئ وتشكل سابقة خطيرة، وتعد ردا على الخلافات الحالية بين القاهرة والرياض، واستكمالا لمسلسل التراجع عن الالتزامات السعودية بتوفير الامدادات البترولية لمصر بموجب اتفاق تعهدت به شركة “أرامكو” السعودية الحكومية
وأضاف علام أن الزيارة تأتي أيضاً، “استكمالا للطموحات السعودية بالاستثمار في إثيوبيا لمجموعة من المشروعات الزراعية”.
ولفت إلى أن الاستثمارات السعودية في إثيوبيا تتجاوز 13 مليار دولار، أغلبها في مشروعات زراعية مروية، يتم تصديرمنتجاتها إلى السعودية وخاصة زراعات الأرز”،
وشدد وزير الري المصري الأسبق على أن “أية خلافات بين الحكومة المصرية والسعودية أو القيادتين في البلدين لا يجب أن تنعكس في تصرفات غير مسئولة تهدد مصالح الشعبين، من خلال التلويح بالتعاون مع دولة تهدد الامن المائي للمصريين”.
