“عالمنا يتغير بسرعة غير مسبوقة. وفي مرحلة التغيرات أصبحت مبادئنا التقليدية حول المجتمع والعمل والأمة موضع شك والعديد من الأشخاص يمكن أن يشعروا بأنهم مهددون وعلى قادة العالم أن يشعروا بالمسئولية.” كانت هذه أبرز تصريحات مؤسس منتدى دافوس الاقتصادي ومديره البروفيسور كلاوس شواب في افتتاح المنتدى هذا العام، والذي ينعقد في دورته الحالية في ظل واقع اقتصادي يشكل ملامحه تفاصيل جديدة على العالم، حيث يدعو فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب المنتخب لمواجهة التبادل التجاري الحر ورئيس الصين يحذر بأن هذه حرب تجارية لن يخرج منها أحد رابحا.
فهل ينجح ترامب في معاقبة الصين وتقديم نفسه نصيرا للطبقة المتوسطة التي عانت من التبادل التجاري الحر أم أن الصين ومن ورائها ٣٠٠٠ مشارك بالمؤتمر ستنجح في كبح جماح الرئيس الأمريكي المنتخب؟
خطاب الرئيس الصيني
كان الرئيس الصيني جين بينغ قد ألقى خطابه أمام نخبة اقتصادية تواجه ريبة متزايدة من الشعوب الغربية وعداء متصاعد للانفتاح على التبادل الحر، خلال المنتدى الاقتصادي العالمي الذي يعقد في المنتجع السويسري. وقال أمام حوالي ثلاثة آلاف من قادة العالم الاقتصاديين والسياسيين المجتمعين منذ مساء الاثنين في منتجع التزلج الذي تحول إلى موقع محصن حتى انتهاء المنتدى الجمعة:”يجب أن نبقى متمسكين بتطوير التبادل الحر والاستثمارات” خارج الحدود الوطنية وأن “نقول لا للحمائية”. وأضاف “لا أحد سيخرج منتصرًا من حرب تجارية”، ودعا الرئيس الصيني أيضًا إلى “إعادة توازن” في العولمة لجعلها “أقوى واكثر شمولية واستدامة”. وقال “لا يفيد أحدا إلقاء المسؤولية على العولمة” في كل مشاكل العالم.
الاستماع إلى الناس
من جانبه علق مدير البنك السويسري العملاق “يو بي إس” سيرجيو إرموتي لوكالة (فرانس برس) قائلا “علينا أن نستمع إلى ما يقوله الناس، فوائد العولمة تظهر بوضوح أكبر في الدول الناشئة منه في الدول المتطورة وقال رئيس قسم الاقتصاد في شركة “آي إتش إس ماركيت” ناريمان بهرافيش للوكالة ذاتها إن “المفارقة” تكمن في أن التوقعات على صعيد الاقتصادي الكلي تبقى رغم ذلك إيجابية، غير أن “التكنولوجيا والعولمة تتركان عددا كبيرا من الناس على الهامش”
تمرد الشعوب
وأعلنت منظمة “أتاك” المعادية لليبرالية منددة “كما في كل سنة، وبتواطؤ وسائل الإعلام الكبرى، ستسعى هذه النخب لإعطاء صورة إيجابية لـقيادتهاعلى صعيد العولمة. وهي مضطرة إلى الأخذ بتمرد الشعوب المتزايد الذي يبلبل النظام” النيو-ليبرالي” ونددت منظمة “أوكسفام” غير الحكومية بهذه التوجهات، حيث نشرت دراستها السنوية عن الفوارق التي تصدرها مع انطلاق أعمال منتدى دافوس، لافتة فيها إلى أن أكبر ثمانية أثرياء في العالم يملكون معا ثروة توازي ما يملكه نصف سكان العالم الأكثر فقرًا.
فقدان الثقة
وأظهرت دراسة لمكتب “إيدلمان” للعلاقات العامة أن الثقة في الحكومات والشركات ووسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية تراجعت بشكل كبير في الدول الـ28 المشمولة في الدراسة وأوضح رئيس المكتب ريتشارد إيدلمان أن هذا لا يمثل سوى انهيار في الثقة وذكر الاتحاد النقابي الدولي “يوني غلوبال يونيون” الذي يشارك رئيسه فيليب جينينغز كل سنة في منتدى دافوس أنه “بعد ثلاثين عاما من الأرباح القياسية، كان أمام الأعمال فرصة لتوفير الازدهار للجميع، لكنها فشلت وهي الآن تدفع الثمن السياسي.
وينعقد المنتدى هذه السنة في ظل العداء المتزايد من جانب شريحة كبيرة من الشعوب الغربية حيال العولمة، ولا سيما بين طبقات وسطى تعاني من تراجع أوضاعها، وقد صوتت لصالح ترامب وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وتهدد ببلبلة اللعبة السياسية في فرنسا وألمانيا ودول أخرى.