مع اقتراب إنطلاق محادثات أستانا للسلام في سوريا يوم 23 من الشهر الجاري، قوبلت دعوة موسكو لواشنطن بكامل الترحيب، وبعاصفة رفض إيرانية عبر تصريحات مسؤولين رفيعي المستوى.
يثير هذا جملة من الأسئلة حول التباين الروسي الإيراني -من جهة- وإلى أي مدى سيتطور، والأميركي الإيراني -من جهة أخرى- خاصة ورقة الاتفاق النووي التي تضغط بها واشنطن والورقة السورية التي تضغط بها طهران، وفق ما يرى مراقبون.
الموقفان الروسي والإيراني
المحلل السياسي الروسي إيفان سافرانشوك قال في تصريحات تلفزيونية، إن إيران ترى الحل في سوريا عسكريًا، لكن روسيا -وإن قادت التدخل العسكري- ترى أن الحل النهائي سياسي ويجب أن يراعي مصالح جميع الأطراف، وهذا ما يوجد نوعًا من الخلاف بين موسكو وطهران.
ويضيف أن الخلاف ينبغي ألا يعطى أكبر من حجمه “وأعتقد في النهاية أن الدفع الروسي باتجاه الحل السياسي سيكون له دور أكبر من الحل العسكري الذي تريده طهران”.
الفرصة السانحة
ويفسر سافرانشوك هدوء اللغة الروسية مقابل تشددها في إيران بأن موسكو تريد استثمار الفرصة السانحة لإيجاد حل سياسي بعد خمس سنوات من الصراع، لكن هذا الحل لا يمكن أن يكون عبر موسكو وحلفائها فقط أو واشنطن وحلفائها فقط.
وخلص في تصريحاته إلى أن الولايات المتحدة مدعوة للمشاركة في الفرصة الدبلوماسية السانحة، وإذا ما شاركت فمن المتوقع أنها ستكون أكثر هدوءا وميلا نحو التعاطي والاستماع لمفاوضات الحل السياسي، وإذا لم تشارك فسيبقى الباب مفتوحا لها مستقبلا.
وأمِل سافرانشوك بألا تكون القضية السورية رهينة العلاقة بين إيران وأميركا، وأن تبقي إدارة ترمب على الاتفاق النووي، وألا تمضي طهران إلى أبعد ما ذهبت إليه في ربط الموضوع السوري بالملف النووي.
إستراتيجية موسكو
من زاويته قال السياسي الأكاديمي الدكتور محمد العادل في تصريحات خاصة لـ”رصد”، موسكو حريصة على الحل السياسي لأسباب إستراتيجية مفادها أن كافة الأطراف المتناحرة في سوريا عندما تكون فاعلة في تسوية سياسية ملزمة للجميع سيفتح الطريق لموسكو لاستكمال دورها في المنطقة والذي تبدو ملامحه واضحة في تدخلاتها مؤخرًا في قضايا عديدة منها القضية الفلسطينية ووساطتها للمصالحة بين “حماس” و”فتح”.
وتابع: تسوية الأزمة السورية سلميًا في هذه المرحلة هي وسيلة لروسيا لإحياء دور عميق في المنطقة، ولذلك هي حريصة على إرضاء الولايات المتحدة التي سيتسع معاها مجال التفاهم في قضايا أخرى مستقبلاً، على حد قوله.
من ناحيته، قال عماد آبشناس الكاتب والباحث السياسي الإيراني المتخصص بالقضايا الدولية في تصريحات لوكالة الشرق الأوسط إن إيران أيضا تريد الحل السياسي، بل كانت أول دولة نادت به وبأن لا حل دون توافق بين الحكومة السورية والمعارضة.
نسيان كل ما مضى
ومضى آبشناس يقول إن الاتفاق الذي قامت عليه محادثات أستانا يؤكد أن كل الدول التي ترغب في الحضور عليها أن تقبل الشروط التي وضعها الروس والإيرانيون والأتراك، ومن ذلك أن “ننسى كل ما مضى من مفاوضات” وننخرط في أستانا فقط.
من جانبه يرى الباحث والأكاديمي بجامعة بيروت العربية علي مراد يرى أن إيران في تشددها ضد حضور واشنطن ترسل رسالتين، الأولى تعبر فيها عن امتعاضها من التقارب التركي الروسي الذي همشها.
الرسالة الثانية -وفقا للباحث- لإدارة ترمب التي تبدو على استعداد للتقارب مع روسيا في الملف السوري والتشدد تجاه إيران.
الحضور الأميركي
ويؤكد الدكتور ماجد الموصل، أكاديمي – جامعة الكويت أن لا أحد يستطيع منع واشنطن في أي مؤتمر تريده، بل إنه لا حل سياسيا دون وجودها ولا ضمان لوقف إطلاق النار على المدى المتوسط وتحديدا في الجبهة الجنوبية لسوريا من دونها أو بالحد الأدنى عدم اعتراضها.
وأضاف أن الملف السوري أولوية إستراتيجية إيرانية بينما هو للولايات المتحدة لم يكن مهما في عهد أوباما الذي قدم الاتفاق النووي على كل ما عداه، ولا مع ترمب الذي يريد تعزيز العلاقة مع موسكو لمحاربة تنظيم الدولة ومحاصرة الدور الإيراني في سوريا أولا والعراق ثانيا.