ساعات قليلة تفصلنا عن الذكرى السادسة لثورة 25 يناير، ففي الوقت التي كانت هذه الذكرى تثير رعب النظام، لما كانت تشهده من تظاهرات ضخمة، واشتباكات قوية مع الأمن، تمر الذكرى هذا العام وسط دعوات على استحياء للعصيان المدني، وعدم التوقع بتظاهرات كبرى.
هشتاج عبر “الفيسبوك”
وعبر “تويتر”، دشن النشطاء وسم “#خطفوا_ثورتنا”، الذي لقي تفاعلا واسعا خلال الساعات القليلة الماضية، حيث عدّدَ المغردون عبره انتهاكات نظام الانقلاب العسكري في مصر.
وتساءل الحقوقي هيثم أبو خليل: “يجب أن نسأل بشجاعة ونحن على بعد ساعات من ذكرى ثورتنا الغالية: لماذا كل هذا الصمت؟!”.
وأردف: “من أسباب نجاح ثورة يناير وقتها أنه لم يكن خارج مصر نخب تحدد مقاسات وأنواع مع من تثور وتتظاهر”.
وقالت ريحانة محمد: “ثورة 25 يناير تم خطفها، فنهش فيها من نهش، وتاجر باسمها من تاجر، وزايد عليها من زايد من عسكر ونخب وطالب شهرة”.
وتابع أحمد مصطفى: “خطفوا أرواح الشباب، واعتقلوهم، وسحلوهم، وطاردوهم بره بلدهم”.
وتساءلت هالة حمدي: “وافق مجلس النواب على قرار السيسي بمد حالة الطوارئ ببعض مناطق سيناء، حرب على الإرهاب ولا إخلاء سيناء لإسرائيل؟ خطفوا ثورتنا تاني”.
دعوات عصيان
وظهرت دعوات للعصيان المدني، في ظل الإجراءات الأمنية المشددة التي يفرضها النظام، حيث دعا “المجلس الثوري المصري”، إلى العصيان المدني في الذكرى السادسة لثورة 25 يناير 2011، وذلك في محاولة للضغط على النظام الذي قال إنه “ينكل بحق معارضيه”.
جاء هذا خلال مؤتمر صحفي عقده المجلس في مدينة إسطنبول التركية، بحضور عدد من الساسة ونواب سابقين في البرلمان المصري؛ وذلك للوقوف على آخر مستجدات الأوضاع في جمهورية مصر العربية على الصعيدين السياسي والحقوقي.
وقالت مها عزام، رئيس المجلس، على هامش المؤتمر إن “الحلول السياسية مع النظام العسكري في جمهورية مصر العربية في هذه المرحلة لا تعتبر إلا تجميلًا لوجهه الديكتاتوري، وعليه فإن الثورة هي الحل الوحيد أمام تحركاته وممارسته تجاه المعارضين”، على حد تعبيرها.
وأضافت أن “العصيان المدني شكل من أشكال الثورة وهو أحد العوامل الفاعلة لثورة الخامس والعشرين من يناير وبالتالي فهو حل قد يجدي أمام السيطرة التي يفرضها الجيش على الحكم”.
الدعوات تحتاج لتنسيق
من جهته قال إبراهيم الشيخ، عضو حركة بداية السابق، وأحد شباب ثورة 25 يناير، إن مثل هذه الدعوات تحتاج إلى دعوة من أحزاب عمالية بحتة تهتم بالعمال، وتتطلب ترتيب مع كل العمال علي الأرض و إلى مجهود مضاعف من أي فعاليات على الأرض؛ لكن العمال في مصر غير مستعدين لهذه الدعوات، مشيرًا إلى أن الحزب الوحيد في مصر المهتم بقضايا العمال بشكل مباشر هو حزب العيش والحرية- حسب قوله.
وأكد الشيخ، أن هذه الدعوات لن تفيد بدون استعداد مدروس ومسبق، لافتًا إلى أن الأمن يضع يده على كل موظفي الدول بالأخص في القطاع الحكومي، قائلاً: “أي دعوه غير مدروسة ومنظمة تنظيم قوي علي الأرض من داخل مصر ليس من الخارج لا تنفع مع هذا النظام مثل ١١/١١ “.
ثقافة العصيان غير متوفرة
أما محمد كمال، القيادي بحركة 6 إبريل، فقال إن ثقافة العصيان المدني غير متوفرة عند أغلب المصريين لأسباب منها أن أغلب المصريين يعمل ويعيش اليوم بيومه ولو تعطل يومًا في بيته يتأثر.
وأضاف “كمال”، أن العصيان المدني يحدث بشكل تدريجي، ولابد أن نختار ما يناسب الشعب المصري من وسائل لأن التظاهر والاحتجاج والعصيان ليست أهداف ولكنها وسائل لتحقيق الهدف.
أسباب ضعف التظاهرات
ومن جانبه أوضح الدكتور محمد عصمت سيف الدولة، الباحث المتخصص في الشأن القومي العربي، أسباب فشل دعوات التظاهر، حيث أوضح أن السبب الأول هو الثمن الباهظ للتظاهر، بعد تحريمه وتجريمه بمعرفة السلطة الحاكمة، التي نجحت في إيصال رسالتها للقوى السياسية وثوار يناير وكل من يعنيه الأمر، أنها لن تسمح بالتظاهر ضدها، وان من يفعل سيعصف به قتلا أو قنصا أو اعتقالا وسجنا.
وأضاف “سيف الدولة”، في تصريح خاص لـ”رصد”: “هذه السياسة ما بدأ مع مجزرة الحرس الجمهوري في ٨ يوليو ٢٠١٣ مرورا برابعة والنهضة وحتى يومنا هذا، لا فرق في ذلك بين إسلامي ومدني، ولا بين شيماء الصباغ و سندس، ولا بين الرجال والنساء، ولا بين الشباب والشيوخ”.
وأوضح “سيف الدولة”، أنه لا يجب أن ننسى أننا نعيش اليوم في ظل نظام مستبد وبوليسي، يقود الثورة المضادة ضد كل ما تمثله ثورة يناير من أفكار وأهداف وحريات وقيم وقوى، ولدى قادة هذا النظام ومؤسساته عقدة عميقة من ثورة يناير ومما حدث لمبارك، وهم يفعلون كل ما يستطيعون للحيلولة دون تكرارها مرة أخرى، وعلى راس المحرمات هو اجتماع الشعب مع بعضه البعض وتظاهره واعتصامه مرة اخرى فى الشوارع والميادين.
وأضاف “سيف الدولة”، أن السبب الثاني هو أن المظاهرات عادة ما تكون عفوية وعشوائية وغير منظمة، كما حدث في ١٨ و ١٩ يناير ١٩٧٧، فهي لا تخرج استجابة لدعوات الأحزاب والقوى السياسية المنظمة، ولا يستطيع أحد أن يستدعيها بدعوة أو بنداء، كما أنه لا يستطيع أعتى الأجهزة الأمنية أن يتوقع حدوثها أو يمنعه، فشرارة صغيرة يمكن أن تشعل الغضب الشعبي في لحظات.
وأشار إلى أن السبب الثالث هو حالة الاستقطاب الحاد داخل المجتمع المصري وداخل القوى السياسية، وهو الاستقطاب الذي يقف حجر عثرة دون اصطفاف كافة القوى الوطنية معا للدفاع عن القضايا والمصالح المشتركة، وكأن هناك بالفعل شعبين في مصر، شعب للإسلاميين وآخر للمدنيين، وهو ما استطاعت للأسف الدولة العميقة وقوى الثورة المضادة أن ترسخه وتعمقه مستغلة أخطائنا وخطايانا الآن سنوات الثورة، وهو شرخ عميق قد يستمر لسنوات طويلة ما لم نبحث عن أسبابه وعن سبل ترميمه وعلاجه، بحسب ما قال.