لأن حياتنا صارت أقرب لأفلام المقاولات الرخيصة، ولأنها أصبحت خليط من الكوميديا السوداء والتراجيدي ولأن واقعنا صار أكثر غرابة من أفلام الخيال العلمي، لذا فقد أصبحت مصر نموذج لعشة “حبش” بفيلم “الديك في العشة”
حيث تلك الطيور والحيوانات التي تعيش بعشة يحرسها كلب وتقوم مجموعة من الذئاب بابتزازهم وسرقتهم طوال الوقت، وهم يقدمون قوتهم وأولادهم قرابين لتلك الذئاب خوفا على حياتهم الشخصية لا أكثر، وكلما فكروا بالرحيل أو المقاومة يثنيهم الكلب عن ذلك بحجة أنهم لابد أن ينتظروا “حبش” ذاك الديك الشجاع صاحب القوة والحيل.
ويظل يروي لهم عن بطولاته وشجاعته الخارقة وأن بعودته سينتهي كل هذا الظلم، وتصدق الحيوانات الكلام وتظل الأرانب تقدم فلذات أكبادها ببيديها طعاما للذئاب خوفا على حياتهم، وتجوع الدجاجات وباقي الطيور كي يقدموا قوتهم وقوت أولادهم للسادة الذئاب كي يمنحوهم ما يسمونه حياة.
يظلون هكذا لنهاية الفيلم قبل ان يدركوا أن الكلب جعلهم يعيشون الوهم وانه ليس هناك حبش كي ينقذهم، أنما ما ينقذهم هو معرفتهم أنهم يجب أن يتحدوا ليقضوا على الذئاب ولكي ليحافظوا على عشتهم من السلب وعلى أولادهم من القتل وعلى قوتهم من النهب، لقد أدركت الحيوانات بالفيلم ذلك ألا يأتي يوم وندرك نحن المصريون ذلك.
أنه ليس هناك “حبش” ننتظر منه المعجزات كي يخلصنا مما نحن فيه من مذلة، أن نكتفي من سماع فتاوى “ماكس” العسكر من أصحاب العمم وأصحاب المباخر، الذين يجعلون من ذئاب العسكر وقائدهم مرة رسول كموسى وهارون وأخرى كالمسيح، ومن منهم من يزيد عنده السعار فيصل بنباحه ان يقربه من منزلة الاله الذي لا يخطئ والذي لا يجوز محاسبته.
يجب أن ندرك أننا لابد أن نتخلص من أوهامنا التي صنعناها من كسلنا و خوفنا وتواكلنا فجميعنا يعلم أن ليس من بيننا “حبش” فنحن وعبر تاريخنا الذي نفتخر به لم نقف بوجه محتل لنحرر أنفسنا، دائما تحملنا قهر المحتل وظلمة ، لنقف منتظرين أن يأتي من يحررنا أو بمعنى أدق ننتظر محتل جديد يطرد محتل قديم، وكان أخر المحتلين طغمة العسكر الذين قيدونا بسلاسل الكذب عن القومية حينا والوطنية حينا أخر، من جعلوا من مؤسساتهم “مصر”، فمن ينتقدهم ينتقد مصر، ومن يحاسبهم يحاسب مصر، من يخونهم تفتح عليه أبواب اللعنات فهو أصبح خائن لمصر وعميل صاحب أجندات خارجية.
لا نعلم عميل لمن؟؟ و لكن هكذا جملة يرددها ببغاوات الإعلام و يتناقلها المغيبون، قيدونا بسلاسل واهية لكنهم زرعوا بعقولنا إنها صلبة حارقة فخشينا طوال 60 سنة أن نجرب الفكاك منها وكسرها، وعندما حاولنا كسرت بيسر ولكن بسهولة خدعنا وقيدنا العسكر مرة أخرى بتلك السلاسل، و ربطوها بشجرة الانقلاب، تلك الشجرة الضعيفة الميتة منذ غرسها والتي يمكننا اقتلاعها من جذورها لو فقط تمسكنا بديننا الذي يأمرنا بالعمل لا بالتواكل، لو أننا نقرأ كما أمرنا أن نقرأ لنعلم ان العسكر لا يملك أفكار جديدة بل يعيد ما قد مضى ونحن نعيد أخطائنا أيضا كما فعلنا سابقا.
لكننا الأن لا نملك رفاهية الانتظار 60 سنة أخرى لنجرب كسر القيد، فالعسكر يعلمون أنها معركتهم الأخيرة، لذا يستخدمون سياسة الأرض المحروقة يفسدون علينا حياتنا وحياة أجيال قادمة عن طريق تدمير الاقتصاد وإغراق البلاد بالديون وبيع أرضها، كما يعلم ذلك سادتهم من الغرب لذا يحاولون الحفاظ على مكتسباتهم التي حصلوا عليهم وان كان الثمن دماء الشعب كله.
يجب أن نتحرك بسرعة ونتعلم أن العشوائية والتفتت هي سلاح الذئاب ضدنا، لابد من خطة وتعاون، لابد أن ننفض غبار خوفنا وتكاسلنا، فالانتظار عدونا لأن الوقت سلاح ضدنا
فانتظار “حبش” يضعف شوكتنا ويقلل الزخم الثوري ويخرج من بيننا من يشتتنا أكثر.
انتظار “حبش” يفقدنا كل يوم جزء من أرضنا أما بالبيع أو التنازل.
في انتظار “حبش” ينجح الانقلاب في أن يخرج من بيننا من يتنازل عن ثوابتنا بحجة الاصطفاف ولم الشمل.
دقت ساعة النجاة ولا مكان لماكس أو الأرانب ولا الطيور الداجنة.