قال سياسيون إن المطلوب ليس تغيير الحكومات والأشخاص، لأنه ليس حلًا؛ وإنما المطلوب تغيير السياسات والفكر بما يكون له مردود على أرض الواقع وليس تغييرًا شكليًا يعيد إنتاج الأخطاء نفسها والفشل نفسه ويدفع ثمنه في النهاية المواطن البسيط؛ لأن الفكر الذي يحرك منظومة مجلس الوزراء، بل وفلسفة النظام الحالي ليست مع مصالح البسطاء؛ وإنما تتبع مصلحة رجال الأعمال، وتعتمد الفكر الرأسمالي عقيدة اقتصادية؛ خاصة الرأسمالية المتسلطة وليست الرأسمالية الوطنية.
وطالبوا بإعادة تغيير النظرة للوزراء ورئيس الحكومة والتعامل معهم باعتبارهم أصحاب قرار وفكر وليس سكرتارية ينفذون ما يصدر إليهم من أوامر وفقط، وهذا سبب رئيس في تراجع الأداء؛ لأن الوزير تحول إلى متلقٍّ ومنفذ وليس مبدعًا وصاحب رؤية، وهو السبب الذي جعل كثيرين يتهربون من منصب الوزير؛ خاصة في التعديل الأخير، وكان سبب تأخيره.
من جانبه، أكد عبدالعزيز الحسيني، أمين تنظيم حزب الكرامة، أن المطلوب الآن وما تحتاجه مصر هو تغيير في السياسات وليس في الأشخاص أو الحكومات؛ فمهما حدث من إقصاء وزراء واستقدام آخرين فلن يحدث جديد؛ لأن الرؤية العامة للنظام وسياساته وإدارة منظومة الدولة من ترتيب للأولويات هي المطلوب تغييرها، مؤكدًا ضرورة الاهتمام بالقضايا الكبرى مثل العدالة الاجتماعية والتفاعل مع هموم الناس من خلال برامج سياسية ورؤى يتم تطبيقها على أرض الواقع وليس مجرد إقصاء وزير والإتيان بآخر لإعادة إنتاج الفشل نفسه والتراجع كما يحدث مع كل حكومة.
وأضاف الحسيني، في تصريحات خاصة لـ”رصد” تعليقًا على التعديل الوزاري المرتقب، أن “المطلوب من نظام السيسي تغيير فلسفة النظام، خاصة في الجانب الاقتصادي، والانحياز إلى العدالة الاجتماعية وهموم البسطاء من الشعب؛ إلا أن الواقع يقول إن النظام الحالي منحاز إلى الرأسمالية العالمية المتوحشة وليس حتى الرأسمالية الوطنية، وهذه هي المشكلة الرئيسة وسبب كل المشاكل؛ وبالتالي كل من يتم الاستعانة بهم من أشخاص المطلوب منهم تنفيذ رؤية تتقاطع مع فلسفة النظام ومتمثلة في الفكر الرأسمالي، وبالتالي ستكون النتيجة واحدة في كل الحالات، ولعل الاستعانة برموز مبارك مرة أخرى في التشكيل الوزاري -سواء الحالي أو أي تشكيل آخر- يؤكد تهميش قضايا الفقراء لحساب رجال الأعمال”.
ووصف “الحسيني” ما يجري بأنه ضحك على الشعب ونوع من التهرب من الحلول الجذرية، وأنه لا يمكن لحكومة مثل حكومة شريف إسماعيل أو مجلس عبدالعال أن يتعاطى معهما الشعب وينتظر منهما أي شيء؛ فالمنظومة كلها -سواء الرئاسة أو الحكومة أو البرلمان- لا تشعر بالشعب وتنحاز إلى رجال الأعمال.
واعتبر أمين التنظيم بحزب الكرامة أن فكرة حكومة الظل من جانب المعارضة في هذا التوقيت صعبة جدًا؛ نظرًا للمناخ السياسي السيئ الذي يسمح بتوجيه الاتهام إلى أي شخص أو حزب إذا حاول أن يقدم أيّ طرح مخالفًا لرؤية النظام.
وقال جورج إسحاق، منسق حركة “كفاية” الأسبق وعضو مجلس حقوق الإنسان، في تصريحات صحفية، إن “التعديل الوزاري ليس هو المطلوب، وإنما المطلوب تغيير السياسات المتّبعة من قبل الحكومة؛ فتغيير الوزراء الحاليين مع الاستمرار في السياسات نفسها لن يؤدي إلى نتائج ملموسة بالنسبة إلى المواطن البسيط، فضلًا عن أن مصر في حاجة إلى وزراء سياسيين وتكنوقراط في الوقت نفسه؛ لأن الوزير غير السياسي يقع في (مطبّات) وليست لديه دراية أو خبرة كبيرة بالشارع المصري، وبالتالي فهي مسألة خطيرة وتؤدي إلى عدم الاستقرار”.
وأضاف إسحاق: “أريد أن أؤكد أن مصر تحتاج إلى وزراء لديهم استقلالية في اتخاذ القرار وليس موظفًا بدرجة سكرتير؛ فمعظم الشخصيات التي رفضت الوزارة وضعت شروطًا للقبول ورُفضت هذه الشروط؛ لأن الأجهزة الأمنية عندما تدير الدولة فهذا شيء خطير للغاية ويؤدي إلى عواقب”.