عندما كان “ستالين” أو “ماو تسي تونغ” أو أمثالهما يصفون معارضيهم بأنهم “أعداء الشعب” كان هذا الوصف كفيلًا -في أحسن الأحوال- بتلفيق تهمة للمعارض، وقد يقوده إلى الموت أو السجن والأشغال الشاقة.
المعارضة في نظر الطغاة
وفي عهد جوزيف ستالين تم تصنيف المثقفين والفنانين على أنهم “أعداء الشعب”؛ إذ أرسل كثيرًا منهم إلى معسكرات الأشغال الشاقة، كما كانوا عرضة إلى القتل، في حين أُلصقت بآخرين وصمة عار وحُرموا من تلقي التعليم والحصول على فرص العمل.
أما في عهد الزعيم ماو تسي تونغ، فقد لقي ملايين من الصينيين حتفهم جوعًا؛ بسبب سياسة القفزة الكبرى إلى الأمام، فقد أطلق هو أيضًا وصف “عدو الشعب” على أي شخص تجرأ على معارضته.
العودة مجددًا
والآن، يعود هذا الوصف القديم -الذي تعود نسبته إلى الإمبراطور نيرون الروماني- مرة أخرى إلى الحياة؛ لكن على لسان ترامب الذي استخدمه لنعتِ وسائل الإعلام الأميركية التي نعتها بأنها معادية له.
كتب ترامب في تغريدة بأن “الإعلام المزور ليس عدوًا لي فقط، وإنما هو عدو للشعب الأميركي”، مشيرًا إلى أن صحيفة نيويورك تايمز، وقناة إن بي سي نيوز، وقناة آي بي سي، وقناة سي بي إس، وقناة سي إن إس لم تعد كما كانت تلتزم بأصول العمل الصحفي، كما يرى.
تفاعلات
وقد تفاعل ديفيد أكسيلرود، وهو مستشار للرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، مع تغريدة ترامب وقال: “كل رئيس يتضايق من وسائل الإعلام؛ لكن لم يصف رئيس سابق وسائل الإعلام بأنها عدو للشعب”.
وعلّق محرّرٌ بنيويورك تايمز على كلام ترامب بالقول: “مثالٌ مرعب على خطاب نموذجي لديكتاتور”، في حين تساءل كاتب آخر إن كانت تعليقات ترامب من شأنها أن تدفع أنصاره إلى استهداف الصحفيين.
وفي شهر نوفمبر الماضي، خصصت صحيفة “ديلي ميل البريطانية” صفحتها الأولى بالكامل لوصف ثلاثة قضاة بأنهم “أعداء الشعب”؛ لأنهم أصدروا حكمًا يتعلق بإجراءات مغادرة الاتحاد الأوروبي “البريكست”.
إن استخدام ترامب لعبارة “أعداء الشعب” تحيل بشكل لا مفر منه إلى بعض الطغاة القتلة الذين شهدهم التاريخ.
“أهل الشر” بين السيسي ونيرون
وعلى الجانب المصري، خلع عبدالفتاح السيسي على معارضيه لفظة أعدّها البعض من قاموس الطغاة القدامى؛ حيث سبق وأطلق نيرون على معارضيه تسمية “أهل الشر”. وقد وصف السيسي أناسًا لم يحددهم بـ”أهل الشر” عندما سأله البعض عن الإنجازات في عهده فرد قائلًا: “عندنا إنجازات تانية كتير مش عاوزين نعلن عنها علشان أهل الشر”. وفي لقاء آخر قال السيسي: “إحنا فقرا أوي، وأهل الشر يا مصريين مش عاوزينكو تعيشوا كويس”.
وقد صارت تسمية المعارضة معرضًا للسخرية لدى عديد من المصريين، الذين علقوا على هذه التسمية بمطالبتهم السيسي أن يكشف عن “أهل الشر” ووعدوه بمحاربتهم معه، وعلق آخرون بأن أهل الشر كلهم في السجن، فماذا ينتظر السيسي للكشف عن إنجازاته؟!