بعد أسابيع من انخفاضٍ متتالٍ في سعر الدولار أمام الجنيه ليصل إلى 15,75 جنيهًا سعر الشراء في البنوك المصرية بعدما تخطى حاجز الـ19 جنيهًا واستمر على هذا النحو لشهرين متتالين، وتهافتِ المواطنين على بيع الدولارات في الوقت الذي ترفض فيه البنوك البيع، أقرّ محافظ البنك المركزي المصري طارق عامر حلًا جذريًا لأزمة الديون الدولارية؛ حيث وافق على تغطية المراكز المكشوفة والمديونيات لهؤلاء العملاء، وعددهم نحو 570 شركة، لدى البنوك بنحو 420 مليون دولار.
جاء ذلك خلال اجتماع عقده عامر أمس (الاثنين) وقيادات المركزي وجميع رؤساء البنوك العاملة في السوق ورؤساء قطاعات المخاطر مع وفد من المستثمرين بالقاهرة والمحافظات برئاسة رجل الأعمال محمد فريد خميس.
وفي تصريح لـ”رصد”، تقول الدكتور عالية المهدي، الخبيرة الاقتصادية، إن ما حدث مؤقت، وسعر الدولار سيعاود الارتفاع من جديد؛ لكن الدولة استغلت الإجازة النصف سنوية التي كانت لمدة أسبوعين أفضل استغلال، عن طريق الترويج الإعلامي المستمر للخفض ونشر فزاعة هبوط الدولار إلى 11 جنيهًا مرة أخرى.
وقالت عالية: “الدولار يهبط ويستقر حينما يستطيع المواطن أن يدخل البنك ويشتري 500 دولار دون قيود أو شروط أو عراقيل، هكذا يكون الأمر إذا استقر الدولار؛ لكن ما حدث شو إعلامي كبير اشترت من خلاله الدولة 50 مليون دولار”.
وتحت عنوان “المسكوت عنه في مسألة انخفاض سعر الدولار”، قال الخبير الاقتصادي هاني توفيق في منشور عبر حسابه على “فيس بوك”:
“في مزاد البنك المركزي لطرح أذون خزانة بقيمة 12 مليار جنيه الأسبوع الماضي، 97% من المكتتبين فيها كانو صناديق استثمار أجنبية؛ أي إنه حوالي 650 مليون دولار دخلت احتياطي البلد الأسبوع الماضي وحده ليست مقابل إنتاج وتصدير أو استثمار أو سياحة؛ وإنما أموال ساخنة (Hot Money) دخلت تقعد معانا شوية وتاخد 16% فوائد، وبعدين تخرج كسبانة كمان فرق سعر بيع الدولار وقت بيعه للمركزي الشهر الماضي (19 جنيهًا) وسعره الحالي (16 جنيهًا)”.
وأضاف: “أُحذّر مرة عاشرة: هذا التمويل الأجنبي حميد ومطلوب لسد فجوة تمويلية قصيرة الأجل، أما استخدام هذه الأموال واستسهال الحصول عليها، بل واستخدامها لفرد عضلات المركزي وتخفيض سعر الدولار، فهو أمر في منتهى الخطورة؛ لأنه ببساطة الدولارات دي مش بتاعتنا، وبتخرج من البلد في أي لحظة (ولذلك اسمها أموال ساخنة)، والأجانب المحترفون وكل مضاربي العملات في العالم واخدين مصر ركوبة يعملوا فيها فلوس في صورة هدية مجانية، في وقت العالم كله متباطئ اقتصاديًا والفايدة على الدولار تقريبًا صفر”.
وقال أحد رؤساء البنوك المشاركين في الاجتماع إن الديون الدولارية التي تم التوصل إلى حلول بشأنها تخص الشركات التي تصل مبيعاتها في حدود 500 مليون جنيه، ولا تتجاوز مراكزها المكشوفة خمسة ملايين دولار؛ حيث تم الاتفاق على تحويل هذه المديونية الدولارية إلى مديونية محلية.
ومن المقرر أن تجدول البنوك مديونيات هذه الشركات بفائدة 12%، بينما يمكن التقسيط حسب كل حالة على حدة.
وأكد رئيس البنك في تصريحات خاصة التزام جميع البنوك الدائنة لهذه الشركات بعدم اللجوء إلى الإجراءات القانونية تجاه هذه الشركات، ويمكن أن تقوم البنوك بتعويم الشركات الملتزمة.
وأوضح أن إجمالي عدد الشركات التي لديها ديون دولارية يبلغ نحو 800 شركة، بينما سيتم دراسة أوضاع باقي الشركات والتوصل إلى حلول بالتنسيق مع البنوك والمركزي والمستثمرين، لافتًا إلى حل نحو أكثر من 70% من إجمالي الأزمة لهذه الديون لدى الشركات؛ ما ساهم في إنقاذ الشركات الصغيرة ومواجهة البطالة.
ولفت إلى أن أزمة الديون الدولارية نجمت عن فروق سعر العملة قبل قرار تحرير سعر الصرف.