بعد رفض رئيس البرلمان الدكتور علي عبد العال تنظيم زيارة للوقوف على استهداف المسيحيين الممنهج في مدينة العريش، وتهجير الأسر المسيحية إلى محافظات أخرى، انهالت البيانات العاجلة عليه من قبل أعضاء بالمجلس لاستدعاء رئيس الوزراء، شريف إسماعيل واستجوابة بشأن تقصير أجهزة الدولة، ومسؤوليتها عن عمليات التهجير القسري للمسيحيين من شمال سيناء إلى محافظات أخرى، بعد الاعتداءات الأخيرة التي وقعت بحقهم.
استدعاء رئيس الحكومة ووزير الداخلية
النائب عبد الحميد كمال وهو عضو تكتل (25 – 30)، أكد على أهمية استدعاء البرلمان لرئيس الوزراء، للرد على عمليات التشريد والقتل والتهجير القسري للمسيحيين في سيناء، وما تمثله تلك الجرائم من خطورة على الإنسانية، وإيضاح الإجراءت التي اتخذتها الحكومة في مواجهة تصاعد أحداث الفتنة والتفرقة والتمييز بين المصريين.
وافقه الطلب عضو “ائتلاف دعم مصر”، سوزي الذي نادى ايضًا بضرورة استدعاء وزير الداخلية، مجدي عبد الغفار، إلى البرلمان، وسؤاله عن تقصير الشرطة في شأن الاعتداءات الأخيرة على المسيحيين بسيناء، ودفعهم إلى التهجير القسري، الذي يعد مُخالفاً للدستور في نص مادته رقم (36)، التي تحظر التهجير القسري للمواطنين بجميع صوره وأشكاله.
مسؤولية الجيش والشرطة
ومن جانبه، حمّل عضو تكتل (تحالف الشعب)، سمير غطاس، قوات الجيش والشرطة مسؤولية ما يحدث للمواطنين المسيحيين بسيناء، وعجز الدولة عن حماية الأقليات فيها، مشدداً على أهمية دور الجيش في حماية المدنيين المعرضين لخطر التهجير والقتل، في ظل استهداف الجماعات المسلحة للمدنيين، بشكل عام، سواء من المسيحيين أو المسلمين.
مؤامرة لإثارة الفتنة
بدوره، دعا النائب مصطفى بكري، إلى تشديد الإجراءات الحكومية التنفيذية، والأمنية، في مواجهة العمليات الإرهابية ضد أبناء سيناء من المسيحيين، بعدما تعرض عدد منهم إلى عمليات إرهابية، وحرق منازلهم في الأيام القليلة الماضية، معتبراً أن الأحداث “مؤامرة هدفها إثارة الفتنة ضد أبناء مصر، وإظهار الدولة على أنها عاجزة عن حماية مواطنيها”.
وايضًا يرى نائب حزب “المصريين الأحرار”، أيمن أبو العلا، إن استهداف المسيحيين من قبل الجماعات الإرهابية “هدفه بث الفرقة والفتنة بين أبناء الوطن الواحد، وخلق حالة من عدم الاستقرار”، داعياً أجهزة الدولة إلى “ضرورة التحرك لتدارك الأزمة في أسرع وقت، ووأد الفتنة التي تحاول الجماعات المتطرفة إشعالها بشمال سيناء”.
محاولة لتفريغ سيناء
ويرى رئيس “حزب التجمع” السيد عبد العال، استهداف المسيحيين في مدينة العريش “محاولة لدفع الدولة، تحت ضغط الإرهاب، إلى إجراء عملية تهجير واسعة لتفريغ سيناء من سكانها”، مشيراً إلى ضرورة “حدوث تغير نوعي في إستراتيجية الإرهاب المدعوم دولياً داخل سيناء، وتوفير كل احتياجات المهجرين المسيحيين من سكن، ومدارس، ووظائف، بمناطقهم الجديدة”.
رفض عبد العال زيارة أهالي سيناء
ومن جانبه، رفض عبد العال طلباً مُقدماً من رئيس لجنة حقوق الإنسان، النائب علاء عابد، بشأن تنظيم زيارة لأعضاء اللجنة إلى محافظة شمال سيناء، للوقوف على استهداف المسيحيين الممنهج في مدينة العريش، وتهجير الأسر المسيحية إلى محافظات أخرى.
وقال مصدر برلماني، رفض ذكر اسمه، في تصريح صحافي، إن عبد العال تحجج خلال لقائه بعدد من أعضاء اللجنة، اليوم السبت، بصعوبة تأمين زيارة الوفد البرلماني إلى شمال سيناء، وتعليق الزيارة لدواع أمنية، إلى حين هدوء الأوضاع المتوترة في المحافظة التي تشهد، منذ أعوام عدة، هجمات من حين إلى آخر، ينفذها مسلحون موالون لتنظيم “داعش” على قوات الجيش والشرطة.
جدير بالذكر أن البرلمان نظم زيارات ميدانية خلال شهري إبريل ومايو 2016 إلى كافة المناطق الحدودية، بما فيها مثلث “حلايب وشلاتين”، التي تُطالب السوادن بأحقيتها في ضمها إلى أراضيها، باستثناء شمال سيناء، خوفاً من استهداف النواب من قبل الجماعات المسلحة، في ظل عدم السيطرة الأمنية على عدد من مناطقها.
وكانت الكنيسة المصرية الأرثوذكسية، قد دانت في بيان لها، أمس الجمعة، الأحداث الإرهابية المتتالية بشمال سيناء، مؤكدة أنها “تستهدف أبناء الوطن من المسيحيين المصريين، وتعمد إلى ضرب الوحدة الوطنية، وتمزيق الاصطفاف في مواجهة الإرهاب، استغلالاً لحالة التوتر المتصاعد في كافة أرجاء المنطقة العربية”.
وفي هذا السياق، أعلن محافظ الإسماعيلية، لواء الجيش ياسين طاهر، عن استقبال مدينته للعشرات من أسر مسيحيي العريش من المهجرين، بناءً على دعوة من الكنيسة الإنجيلية بالمحافظة، حفاظاً على سلامة أرواحهم من أي اعتداءات إرهابية، من بينهم 21 أسرة جرى إسكانها في كنيسة المستقبل، و9 عائلات أخرى في بيوت الشباب الدولي بطريق البلاجات.
وبحسب اللواء ياسين طاهر محافظ الإسماعيلية، استضافت المحافظة 246 فردًا موزعين على 54 أسرة مسيحية نازحة من مدينة العريش بشمال سيناء، بناءً على دعوة من الكنيسة الإنجيلية بالمحافظة.
وقالت مصادر كنسية بالإسماعيلية إن الأسر المسيحية وصلت إلى الكنيسة الإنجيلية بالمدينة على مدار اليومين الماضيين، “خوفًا على حياتهم بعد استهداف أقباط داخل بيوتهم”، على حد وصف قادة الكنيسة.
من جهتها طوقت تشكيلات قوات الأمن مناطق جنوب العريش؛ بحثًا عن الخلايا المسؤولة عن العمليات ضد الأقباط، وتم تسكين 105 شخص ببيوت الشباب بالتنسيق مع وزارة الشباب، و 60 شخص بشقق سكنية أجرتها الكنيسة القبطية بعد تزويدها بالأثاث وتوفير كل ما يلزم للمعيشة.
فيما أدانت الكنيسة القبطة الأرثوذوكسية، والأزهر الشريف، وعدد من الشخصيات العامة، هذه الاعتداءات، واعتبره وكانت “ضرب الوحدة الوطنية” و”تمزيق الاصطفاف في جبهة واحدة” في مواجهة الإرهاب.
وأعلنَت وزارة الداخلية، مساء السبت، أنها لم تطلب من الأقباط المقيمين بشمال سيناء مغادرة منازلهم والتوجه إلى المحافظاتِ المتاخمةِ، فيما أكد مجلس الوزراء على لسان المتحدث الرسمي السفير أشرف سلطان أنَّه لم يتم حتى الآن تحديد موعد عودة الأسر المسيحية إلى منازلهم.