قال المستشار أحمد مكي، وزير العدل الأسبق، إن غضب أهالي بورسعيد واعتراضهم على أحكام الإعدام الأخيرة مرجعه إلى شعورهم بعدم العدالة والتمييز؛ حيث هناك رؤوس كبيرة ومدبِّرة لما حدث وشاركت بشكل واضح ومعروف ومع ذلك أفلتوا من العقاب أو نالوا عقابًا مخففًا قياسًا لما ارتكبوه، فضلًا عن عدم الثقة في أحكام القضاء بشكل عام منذ 3 يوليو وحتى الآن؛ وهذا من الأسباب الرئيسة في الرفض والاحتجاج على كثير من أحكام القضاء، آخرها حكم أحداث ستاد بورسعيد.
وأضاف “مكي” في تصريحات خاصة لـ”رصد”: “نظام 3 يوليو استخدم القضاء في تصفية خصومه بشكل فج ولم يسبق له مثيل من قبل، وأصبح القضاء بمثابة عصا التأديب في يد النظام، وقَبِلَ بعض القضاة أن يلعبوا هذا الدور؛ مما أثّر وأسهم بشكل كبير في فقدان المصداقية في منظومة القضاء”، مشيرًا إلى أن استمالة القضاء وتوظيفه حدثا عبر الأنظمة المختلفة منذ عهد عبدالناصر مرورًا بالسادات ومبارك؛ ولكن لم يكن بهذه الطريقة الفجة والواضحة والمبالغة في التوظيف، وبالتالي الأحكام الصادرة والاحتجاج عليها.
وحول أحكام الإعدام التي شهدتها مصر خلال الفترة الأخيرة قال وزير العدل الأسبق: “مصر لم تشهد مثل هذه الأحكام على مدار تاريخها منذ مصر الفرعونية؛ حيث صدرت أحكام بالآلاف، بل لم تشهد أي دولة حديثة هذا الحجم من الأحكام”، لافتًا إلى أن أحكام الإعدام كانت لا تتجاوز الحكم أو الحكمين على مدار عام كامل؛ ولكن أن تصدر أحكامٌ بهذا الحجم فهذا يكشف مدى التوظيف والاستعمال للقضاء بطريقة مبالغ فيها وبدرجة غير مقبولة.
وتشهد محافظة بورسعيد حالة من التوتر الشديد بعد أحداث أمس، التي وصفت بالأكثر سخونة منذ تأييد الحكم الذي صدر من محكمة الجنايات يوم الاثنين قبل الماضي؛ حيث نشبت اشتباكات بين عناصر من قوات الانتشار السريع الشرطية وبين مجموعة من شباب منطقة فاطمة الزهراء بحي الضواحي ببورسعيد.
وألقت قوات أمن بورسعيد القبض على عدد من الشباب بورسعيد الذين تجمهروا بمنطقة فاطمة الزهراء بحي الضواحي للتضامن مع المحكوم عليهم بالإعدام في قضية أحداث النادي المصري، المعروفة إعلاميًا بقضية “مذبحة ستاد بورسعيد”؛ وطوّقت قوات مكافحة الشغب ومجموعات الانتشار السريع المنطقة بالكامل.
واستجاب عدد من المحلات التجارية والمنازل بأحياء العرب والمناخ والزهور إلى دعوة إطفاء الأنوار لمدة ساعة من الثامنة إلى التاسعة مساء أمس الاثنين تضامنًا مع المحكوم عليهم.
ووضع محامون بورسعيديون وشاحًا أسود بطول مبنى نقابة المحامين هناك في شارع طرح البحر بحي الشرق تضامنًا مع مطالب تخفيف أحكام الإعدام على المتهمين في قضية أحداث ستاد بورسعيد.
وقال أحمد عبدالنعيم نقيب المحامين، في تصريحات صحفية، إن محاميي بورسعيد أعلنوا تضامنهم مع مطالب شعب بورسعيد الموجهة إلى رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي والمنادية بتخفيف الحكم الصادر في القضية بإعدام عشرة من أبناء المحافظة، مشيرًا إلى أن النقابة لا تملك أي إجراءات تمكّن من إعادة النظر في الحكم؛ لكونه نهائيًا وباتًا؛ إذ لم يتبق إلا مناشدة الرئيس بتخفيف الحكم.
ونظم محاميون بورسعيديون وقفة صامتة بالأرواب السوداء الأحد الماضي أمام غرفة المحامين في مجمع المحاكم، رافعين لافتات ورقية دونت عليها عبارات: “بورسعيد حزينة، وحداد”.
وقضت محكمة النقض بعدم جواز الطعن المقدم من 11 متهمًا في قضية أحداث الاستاد، وقبول عرض النيابة وطعن المحكوم عليهم من الأول وحتى الـ41 شكلًا، وفي الموضوع بتصحيح الحكم المطعون فيه باستبدال عقوبة الحبس مع الشغل والنفاذ بعقوبة السجن على تسعة من المحكوم عليهم، وبإقرار الحكم الصادر بإعدام عشرة آخرين.