صفعةٌ جديدةٌ وجهتها إثيوبيا إلى مصر؛ ففي الوقت الذي انشغل فيه البرلمان بالتخلص من النواب أصحاب الصوت المعارض، استكملت إثيوبيا 65% من بناء السد، دون أن ينشغل أعضاء البرلمان بالنظر إلى القضية الأكبر التي تهدد حصة مياه مصر والأجيال الحالية والقادمة.
وعدّلت إثيوبيا المواصفات الإنشائية لسد النهضة لزيادة معدلات توليد الطاقة الكهربائية عن المعدلات المعلنة من جانبها؛ حيث بدأت الشركة الفرنسية المنفِّذة للدراسات عملها لإعداد الدراسات الهيدروليكية والبيئية الخاصة بالمشروع، فيما ستطلب مصر والسودان بشكل رسمي خلال أيام تفاصيل عن التعديلات التي أجرتها إثيوبيا ولم تبلغ بها البلدين.
وتشهد أزمة سد النهضة الإثيوبي تطورًا جديدًا عقب إعلان وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الإثيوبي، الدكتور ديبرتشن جبريمايكل، إتمام أديس أبابا لـ56% من أعمال البناء في سد النهضة، والتي شارفت على الانتهاء؛ لتمكينها من توليد 750 ميجاوات.
ليس هذا فحسب؛ بل أكد أن إنشاء محطات استقبال وخطوط نقل الطاقة اكتمل تمامًا، ولا يبقى سوى تثبيت التوربينات؛ حيث يولد كل توربين 375 ميجاوات، مشيرًا إلى أن الخطوة التالية ستكون تمكين السد من تخزين المياه، موضحًا أن الحكومة الإثيوبية في مرحلة الإعدادات النهائية لتسهيل ملء الخزان.
من جانبه، طالب النائب البرلماني سمير غطاس الحكومة بسرعة تدويل ملف سد النهضة، قائلًا: “أديس أبابا تجاوزت الخط الأحمر في ملف سد النهضة، ويجب إيقافها عند هذا الحد”.
وأضاف غطاس في تصريحات صحفية أن المفاوضات بخصوص سد النهضة انتهت منذ زمن، وإثيوبيا تستغل هذه المفاوضات في المماطلة للانتهاء من جسم السد، مؤكدًا أن هناك بعض الدول تدير هذا الملف لشن حرب مائية ضد مصر؛ مثل “أميركا وإسرائيل وقطر”.
وشدد عضو مجلس النواب على ضرورة اتخاذ الحكومة أي خطوة جادة في هذا الشأن وإشعار إثيوبيا بأنها تجاوزت الخط الأحمر لأمن مصر القومي، مطالبًا البرلمان بالكف عن المهاترات وعمل جلسات قوية وطارئة لمناقشة هذه الكارثة.
منصة لإسرائيل
وتعتبر إثيوبيا أهم منصة إفريقية لدى عقل الكيان الصهيوني؛ فهي حلقة الوصل بين الاحتلال وسائر مناطق وسط إفريقيا وجنوبها؛ لذا احتفظ بنو صهيون بعلاقات متميزة مع الإثيوبيين على الصعيدين الاقتصادي والعسكري، كما عززت حالة الصراع والعداء الأخيرة بين مصر وإثيوبيا.
وأعلنت شركة ناحل الإسرائيلية، وهي الشركة المسؤولة عن تطوير المصادر المائية في تل أبيب وتخطيطها، أنها تقوم بمشاريع وأعمال في إثيوبيا لحساب البنك الدولي، وأنها تقوم بأعمال إنشائية في أوجادين في الطرف الآخر من إثيوبيا على حدود الصومال.
كما كشفت عديد من الصحف أن خبراء صهاينة قاموا بعمليات مسح لمجرى النيل والمناطق المحيطة به لتقديم الاقتراحات حول إنشاء عدد من السدود على النيل الأزرق (المغذي الرئيس)ـ لمياه نهر النيل.
40 مشروعًا مائيًا
ويهدف التعاون الإثيوبي الصهيوني إلى تنفيذ عديد من المشروعات المائية، يصل عددها إلى 40 مشروعًا مائيًأ على النيل الأزرق؛ لتنمية الأراضي الزراعية على الحدود السوادنية الإثيوبية.
الأقمار الصناعية توضح الأمر
في أغسطس من العام الماضي التُقطت صور لسد النهضة الاثيوبي بواسطة الأقمار الصناعية؛ وكشفت عن انتهاء “أديس أبابا” من تنفيذ السد بالكامل وجاهزية البحيرة المجاورة للملء.
وقال الدكتور حسين الشافعي، مستشار وكالة الفضاء الروسية في مصر ورئيس المؤسسة المصرية الروسية للثقافة والعلوم، في تصريحات صحفية، إن صور الأقمار الصناعية التي قام بالتقاطها وتحليلها بواسطة أقمار صناعية تابعة لبيلا روسيا وكازخستان ووكالات فضائية أخرى كشفت انتهاء إثيوبيا من بناء السد بالكامل منذ يونيو الماضي.
وأوضح مستشار وكالة الفضاء الروسية أنه يتابع بناء السد بواسطة الأقمار الصناعية منذ بداية عام 2015 ويرسل الصور محللة إلى مجلس الوزراء بصفة دورية.
وأشار إلى أن الصور الأخيرة التي التقطتها الأقمار في يونيو الماضي تكشف انتهاء بناء السد وجاهزية البحيرة للملء، بالإضافة إلى كشفها أن الخزان المائي وراء السد، الذي سيخزن المياه لتوليد الكهرباء، تفوق سعته التخزينية الـ90 مليار متر مكعبًا، وليس كما يتردد بأنها لا تتعدى الـ70 مليار متر مكعبًأ، لافتًا إلى أن السد به أربع بوابات تضم توربينات مائية لتوليد الكهرباء.
ولا يعتبر سد النهضة آخر المطاف؛ فالخطة الإثيوبية قد تعمد إلى إضافة ثلاثة سدود أخرى هي “كارادوبي” و”بيكو أبو” و”مندايا” بسعات تخزينية تصل إلى 200 مليار متر مكعب.
