شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

نيويورك تايمز: يجب الحديث عن الصحفيين المعتقلين في سجون السيسي

نيويورك تايمز: يجب الحديث عن الصحفيين المعتقلين في سجون السيسي
أكد الكاتب محمد الشامي في مقال له نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية ضرورة أن يصل صوت الصحفيين المعتقلين في سجون النظام المصري إلى الجميع ليدرك العالم حجم معاناتهم.

أكد الكاتب محمد الشامي في مقال له نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية ضرورة أن يصل صوت الصحفيين المعتقلين في سجون النظام المصري إلى الجميع ليدرك العالم حجم معاناتهم.

وقال الكاتب: “بينما كنت عائدًا إلى نيويورك في الحافلة، عرفت أخبارًا من مصر تفيد بالإفراج عن أخي من السجن الانفرادي. لقد كنت مغمورًا بالفرحة، وكل ما استطعت فعله هو إطلاق صرخات الفرح بشكل هستيري، بعدها أدركت أن صديقنا شوكان لم يحالفه الحظ. هدأتُ ثم تساءلت: متى سيشعر “شوكان” وعائلته بالفرح والسعادة؟”.

ويضيف أنه بعد إضرابه عن الطعام والمعاناة من التدهور في الحالة الصحية، أُطلق سراح أخي الأكبر من سجن العقرب شديد الحراسة في يونيو 2014.

وكان عبدالله هو الملهم لي للعمل في التصوير الصحفي، وألقي القبض عليه مع محمود عبدالعزيز، المعروف بـ”شوكان”، المصور الصحفي الحر المعروف في القاهرة، وكان الاثنان من بين الآلاف الذين ألقي القبض عليهم في أغسطس عندما فرّقت قوات الأمن الآلاف من المشاركين في اعتصام رابعة العدوية، وكانا محظوظين؛ لأن ألف شخص قد قتلوا في أنحاء متفرقة من البلاد.

بينما كنتُ أغطي أحداث الشغب والاضطرابات في مصر اعتقدت أنه بإمكاننا التخلص من الدولة البوليسية، التي فرضها محمد حسني مبارك أثناء توليه السلطة لثلاثة عقود، كنت مثل غيري آمل في تغيير دائم.

ثم جاء ما لا يمكن تصوره: انقلاب 2013؛ حيث شهد الاعتقالات العشوائية، ووحشية قوات الشرطة المصرية التي قتلت المحتجين السلميين، وخلال هذه الأوقات المرعبة ألقي القبض عليّ مرتين، وبعد اعتقالي الأخير أدركت أن علي  اللجوء إلى المنفى أو مشاركة نفس مصير بعض زملائي، ومضى الآن ثلاثة أعوام منذ أن تركت مصر وعشت في لوس أنجلوس وأسطنبول قبل الاستقرار في نيويورك، يعلم الله وحده ما إذا كان سيمكنني الرجوع إلى مصر.

وخلال نفيي، لم يمر يوم دون التفكير في “شوكان”. لقد قابلته في السجن أثناء زيارة أخي، والآن لدي أخان في السجن وليس أخ واحد، ويواجه شوكان تهمًا بالتخريب والشروع في القتل والتخطيط لعصيان مدني مسلح؛ وقد تؤدي هذه التهم إلى أحكام بالإعدام، وأتساءل: كيف يحدث ذلك؟ وكيف لإنسان بريء أن يخسر سنوات من عمره لجريمة لم يرتكبها؟ ولماذا يُعتبر الصحفيون أمثال “شوكان” مجرمين في بلدي؟

وبالرغم من إصابة “شوكان” بالكبد الوبائي “فيروس سي”؛ إلا أنني عرفت أنه لم يتلق الرعاية الطبية وساءت حالته بإصابته بالأنيميا، التي دفعته إلى الشكوى لطبيب السجن. سحب الدم فقط داخل السجن أمر مستحيل. كان وجهه أصفر من الإرهاق، ومن تدفق الدم المنخفض إلى داخل جسده؛ إلا أن التقارير الطبية تقول إنه “في حالة صحية جيدة”، ولم يدعه حراس السجن يخرج للتريض والخروج إلى فناء السجن ليشعر بدفء الشمس وتنفس الهواء النقي.

للأسف الشديد، “شوكان” ليس بمفرده؛ هناك عديد يقبعون في السجون مثل الصحفيين الذين صدرت بحقهم أحكام بالإعدام والسجن مدى الحياة أو الإخفاء دون أي أثر، وتقول نقابة الصحفيين إن هناك 29 صحفيًا سجنوا في مصر؛ حتى إننا لا نعرف مكان سجنهم، ومن بين سبعة صحفيين قتلوا منذ الانقلاب العسكري قتل خمسة منهم في مذبحة رابعة التي شهدتها وأفلتُّ من الموت؛ إلا أنني صدمت عندما تلقيت رسالة تتضمن الصحفيين القتلى في ذلك اليوم، وكان من بينهم مصعب الشامي، الذي لديه نفس الاسم لأحد إخوتي، تخدّر جسدي وسارع الأدرينالين نبضات قلبي؛ إلا أنه لم يكن خوفًا مبررًا؛ لأن أخي كان في نفس السيارة عندما تلقيت الأخبار.

ينفطر قلبي عندما أفكر في أن شوكان وزملائي الآخرين يكافحون من أجل البقاء على قيد الحياة، بالرغم من أن السلطات لديها من الشهادات ما تثبت براءاتهم، وفي الوقت الذي يمنع فيه الموقف الحالي الحقيقة من الظهور. إنه لواجب علينا أن نتأكد من إخبار قصصهم وسماع أصواتهم لتصل إلى ما وراء الأسوار والزنازين التي تخرسها.

يجب حماية مهنتنا في أوقات كهذه؛ فالعالم بحاجة إلى المصورين الصحفيين الذين يخاطرون بحياتهم في مسعى متجرد إلى البحث عن الحقيقة، ربما نُعتقل أو نُحتجز أو نُصاب أو حتى نقتل؛ إلا أننا سنستمر في نقل مآسي العالم وتوثيق الحقيقة.

أحيانًا أتساءل عن إمكانية أن يصفح “شوكان” عني لتقصيري نحوه، وأتساءل إذا ما كان يتصور أنه بإمكاني فعل المزيد. أعلم أننا نتمسك بأمل الحرية لـ”شوكان” وغيره، وأنهم سيتمتعون بحقوقهم الأساسية؛ إذا لم نتمسك بهذا الأمل فإنه سيجن جنوننا، دون أمل لن يكون أي شيء لنحيا من أجله.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023