في خطوةٍ ربما يتم تفسيرها على أن كل طرفٍ في سوريا قد عزم على فض يديه من اتفاقات ما قبل السيطرة على مدينة “الباب”، أعلن مجلس “منبج” العسكري، التابع لوحدات حماية الشعب الكردية، أنه بالاتفاق مع روسيا سلّم مواقع في ريف منبج إلى قوات حرس الحدود التابعة للنظام السوري.
وقد نفى وزير خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو أي اتفاق مع روسيا في هذا الصدد، مهددًا بضرب القوات الكردية ما لم تنسحب؛ خاصة وأن ثمة اتفاقًا سابقًا بين موسكو وأنقرة على ألا تتدخل قوات النظام السوري في منبج.
فما هي دلالات تسليم الوحدات الكردية لعدة قرى في ريف منبج إلى القوات السورية بالاتفاق مع روسيا وانعكاساته على السباق المتسارع للسيطرة على مناطق تنظيم الدولة الإسلامية شرق حلب؟
مرحلة جديدة
من زاويته، يرى الباحث السياسي الأردني علاء بيومي أن المرحلة القادمة، وهي مرحلة ما بعد سقوط مدينة الباب في يد الجيش السوري الحر، قد تشهد عديدًا من الخلافات بين أطراف الأزمة كافة.
ويتابع: من المتوقع أن يظل الموقف التركي على صلابته في المطالبة بإبعاد الأكراد وقوات سوريا الديمقراطية عن مدينة منبج، ويرى أن قوات النظام تحت مظلة روسيا ستظل تماطل في هذا الأمر وتبحث عن ثغرات لتمرير الأكراد إلى هناك ليبقى الوضع التركي غير مستقر.
تنسيق سوري كردي
في هذا الصدد، أكد الكاتب والمحلل السياسي السوري وابن مدينة منبج “حسن النيفي” أن قوات النظام السوري وصلت إلى نقطة التقت فيها مع قوات سوريا الديمقراطية في منبج وشكّلت فاصلًا بين قوات سوريا الديمقراطية وقوات عملية درع الفرات، مشيرًا إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تنسق فيها القوات الكردية مع قوات النظام السوري.
وعما إذا كانت عملية التسليم تمت بالاتفاق مع روسيا، أكد “النيفي” ذلك، موضحًا أن روسيا تهدف من وراء ذلك إلى محاربة فكرة “المنطقة الآمنة”؛ حيث إنها تخشى من أن تكون منبج خارج سيطرتها إذا سيطرت عليها قوات درع الفرات، كما أن روسيا تهدف إلى فرض قوات سوريا الديمقراطية كقوة موجودة على الأرض والاعتراف بها كأمر واقع.
ووصف “النيفي” قوات سوريا الديمقراطية بأنها قوة احتلال لا تمثل الأكراد، وهي تنظيم إقصائي له أجندة مناهضة للثورة السورية؛ متوقعًا أن يحدث الصدام لا محالة بين قوات درع الفرات وقوات النظام السوري في منبج في حال لم تنجح المشاورات الدولية في حل المشكلة عبر التفاوض.
قلق وصدام متوقع
من جهتها، أكدت المستشارة في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بموسكو “يلينا سوبونينا” أن عملية التسليم تمت بموافقة روسيا التي لعبت دورًا مهمًا في هذا الصدد، مشيرة إلى أن إقامة منطقة آمنة في شمال سوريا أمر يقلق روسيا ولا يريده النظام السوري.
ولم تستبعد سوبونينا وقوع صدام بين قوات درع الفرات وقوات النظام السوري في منبج، مؤكدة أن روسيا لا تريد وقوع ذلك؛ لأنه سيفشل محادثات السلام في جنيف، وهي ستبذل أقصى جهودها لمنع ذلك.
بدوره، قال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة بهجة شهير التركية “برهان كور أوغلو” إن عملية التسليم لم تتم بالتنسيق مع تركيا، معتبرًا أن روسيا انتهكت بذلك اتفاقها مع تركيا الذي يقضي بعدم وصول قوات النظام السوري إلى منبج.
وأكد أن تركيا لا تزال مُصرّة على التوجه إلى منبج عبر عملية درع الفرات بمشاركة الجيش الحر؛ لأنها منطقة عربية ولا تتبع المناطق الكردية، ولأنها تستطيع من خلال السيطرة عليها حماية أهلها وضمان أمن الحدود التركية.
وتوقع أوغلو حدوث اشتباكات بين قوات درع الفرات وقوات النظام السوري في منبج إذا لم تنسحب الأخيرة من المنطقة.