أصدرت محكمة النقض مؤخرًا حكمًا بتعويض أحد المواطنين مبلغًا ماليًا ضد رئيس هيئة سكك حديد مصر بسبب تعطّل القطار الذي استقله المواطن من القاهرة إلى الإسكندرية وتسبب في تأخره عن موعد الامتحان المحدد له.
أصل الحكاية
تعود تفاصيل الواقعة إلى الدعوى التي أقامها مواطن مصري ضد وزير النقل ورئيس هيئة سكك حديد مصر بصفتيهما مطالبًا إلزامهما بأداء 150 ألف جنيه تعويضًا عما لحق به من أضرار؛ حيث استقل أحد القطارات بتاريخ 30 سبتمبر 1995 من محطة القاهرة متجهًا إلى الإسكندرية لأداء امتحان، إلا أنه تأخر في الوصول عن الميعاد المحدد له بسبب عطل في القطار؛ ما فوّت عليه أداء ذلك الامتحان وألحق به أضرارًا جسيمة.
تسلسل الأحداث
نظرت محكمة جنح أول درجة القضية وندبت خبيرًا قدم تقريره إلى المحكمة، التي قضت بإلزام رئيس هيئة سكك حديد مصر بتعويض المواطن المدعي بمبلغ مالي قدّرته المحكمة بأقل مما طالب المواطن؛ فاستأنف المواطن المدعي عليه الحكم أمام محكمة جنح مستأنف، التي قضت بتاريخ 11 فبراير 1999 بإلغاء حكم التعويض الصادر من أول درجة لصالح المواطن ورفض الدعوى؛ معللة الحيثيات بأن تعطُّل جرار القطار هو من قبيل الحادث الفجائي الذي لا يمكن دفعه أو توقعه.
وعلى ذلك، طعن المواطن على هذا الحكم بطريق النقض لمخالفته القانون والخطأ في تطبيقه.
وقالت محكمة النقض في حكمها إن نعي الطاعن سديد، وبينت أن عقد نقل الأشخاص يُلقي على عاتق الناقل التزامًا بضمان سلامة الراكب وتوصيله إلى الجهة التي اتفقا عليها في الميعاد الذي حدده الناقل وارتضاه الراكب؛ وهذا الالتزام هو التزام بتحقيق غاية، ويتحقق الإخلال به عند عدم تحققها ودون حاجة لإثبات خطأ الناقل.
أمور مُحتملة
وتابعت: لا ترتفع هذه المسؤولية وفقًا لأحكام المسؤولية العقدية إلا إذا أثبت الناقل أن ما حدث من ضرر قد نشأ عن قوة قاهرة لأمر لا يمكن توقعه ويستحيل دفعه من جانب أشد الناس يقظة وتبصرًا بالأمور أو بسبب أجنبي.
وأضافت أن المعاينات أثبتت أن تعطل جرار في القطار أدى إلى عدم وصوله إلى محطة الإسكندرية في الموعد المحدد، وكان ذلك العطل يعتبر من الأمور المحتملة والمتوقعة التي عادة ما تنتج جراء التقصير في صيانة تلك الجرارات؛ وهو مالا يعد من قبيل القوة القاهرة التي تعفي الناقل من مسؤوليته عن تأخر وصول الراكب في الموعد المحدد.
المسوغ القانوني
وهو ما حدا بالمشرِّع إلى تقنين هذه القواعد العامة، ونصَّ صراحة في المادة 259 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 على أحقية الراكب في التعويض إن كان له مقتضى إذا تعطل النقل بسبب يرجع إلى الناقل أو تابعيه أو الوسائل التي يستعملها في النقل.
صدر الحكم يوم 10 أكتوبر الماضي في الطعن الذي حمل رقم 1878 لسنة 69 ق، من دائرة الاثنين “أ” المدنية برئاسة المستشار سيد محمود يوسف، وعضوية المستشارين بليغ كمال ومجدي زين العابدين وأحمد عبدالحميد وزياد بشير، بحضور رئيس النيابة محمود الزغبي وأمانة سر وائل عبدالهادي.