أكد أحمد خزيم، مدير المنتدى المصري للتنمية، أن ما يجري في مصر الآن من مظاهرات واحتجاجات بسبب أزمة الخبز هو ثورة جياع، أو مقدماتها على الأقل؛ بسبب قرارات الحكومة التي تمس بالمخصصات التموينية وتفرض مزيدًا من الأعباء على الطبقتين الفقيرة والمتوسطة، بل وتؤدي إلى انهيارها، قائلًا: “هذا مؤشر خطير؛ لأن الطبقة الوسطى دائمًا هي رمانة الميزان في أي مجتمع، وغيابها معناه الانهيار وتهديد خطير للنسيج الاجتماعي”.
وأرجع “خزيم” أسباب ما جرى، في تصريحات خاصة لـ”رصد”، إلى سوء الإدارة في مصر بشكل عام والموارد الاقتصادية بوجه خاص، قائلًا: “لدينا عديد من الثروات، سواء زراعية أو معادن أو سياحة، وكذلك ثروة بشرية تتمثل في نسبة الشباب الكبيرة في المجتمع المصري؛ ومع ذلك لا يُحسَن استخدامها، كما أننا نقوم بزيادة الديون بشكل كبير رغم أننا أمام حكومة جباية كل همها تحصيل مزيد من الأموال من الشعب بزيادة أسعار الخدمات وضريبة القيمة المضافة”.
وحول إنفاق النظام الحالي لأموال الشعب من أجل تحسين صورته في الخارج مقابل خفض حصة الخبز والمقررات التموينية الأخرى، قال “خزيم” إن “هذا يؤكد الفشل الذي أشرنا إليه، وعمومًا النظام يهمه الخارج أكثر من الداخل، ولم يعد يهمه كثيرًا هموم الشعب؛ لكن نقول له إن أي ولاءات خارجية أو محاولة لجعل الخارج غطاءً وحماية على حساب الولاء للشعب لن يحمي أيّ نظام، وستكون نهايته وخيمة وغير متوقعة؛ وهذا ما حدث مع عديد من الأنظمة، خاصة أن كل المؤشرات تؤكد عجز النظام وحكومته عن إدارة الأزمة الاقتصادية التي صارت خارج نطاق السيطرة”.
من جانبه، أوضح أحمد بهاء الدين شعبان، أمين عام الحزب الاشتراكي المصري، أن الحكومة تتمادى في النيل من كرامة المواطنين حتى وصل بها الأمر إلى المساس بضروريات المصريين، التي لا يمكن الاستغناء عنها إلا بالموت؛ فخفضت عدد أرغفة الخبز، حتى خرجت المظاهرات في محافظات عدة.
وأضاف “شعبان” في تصريحات صحفية أن “الفترة بعد تعويم الجنيه شهدت تخريبًا منظمًا لحياة المصريين من خلال زيادة الأسعار، وعندما رأت السلطة تحمل المواطنين الإجراءات القاسية تصورت أنهم يرحبون بها؛ ما جعلهم يتخذون قرارًا أحمق مثل تخفيض عدد أرغفة العيش، وكأنها لم تتعلم من درس 25 يناير”.
وتظاهر المئات من المواطنين في عدد من المحافظات وقطعوا الطريق أمام بعض مكاتب التموين؛ احتجاجًا على امتناع المخابز عن صرف الخبز لحاملي البطاقات الورقية، تنفيذًا لقرار وزير التموين بخفض حصة الكارت الذهبي للمخابز من ثلاثة آلاف رغيف إلى 500 فقط؛ حيث يتم صرف الخبز بالكارت الذهبي لمن لا يملكون بطاقة تموينية، بسعر 25 قرشًا للرغيف.
ففي كفر الشيخ، تظاهر عدد من أهالي مدينة دسوق وقراها أمام مجلس المدينة وقطعوا الطريق احتجاجًا على إلغاء العمل بالكارت الذهبي، وفي الإسكندرية تظاهر أيضًا المئات من المواطنين أمام مديرية التموين اعتراضًا على رفض المخابز صرف الخبز بالبطاقات الورقية، بعد تخفيض حصة الكارت الذهبي المخصصة لمالكي الكروت الورقية من ثلاثة آلاف رغيف إلى 500، كما شهدت المنيا التظاهرات ذاتها لخفض مخصصات الكارت الذهبي من ألف رغيف إلى ٥٠٠ يوميًا.
وتصاعد الغضب الشعبي في أحياء الجيزة وضواحيها؛ حيث تظاهر مئات الأهالي أصحاب بطاقات التموين الورقية أمام مكتب تموين المنيرة الغربية احتجاجًا على امتناع أصحاب المخابز عن صرف مقرراتهم لليوم الثاني على التوالي، فيما شكلت وزارة التموين لجنة طوارئ بقيادة الوزير لبحث حل الأزمة .
ولم تفلح جهود المسؤولين في مكتب التموين في إقناع المواطنين بما ورد لهم من الوزارة بشأن عودة الصرف بداية من غد الثلاثاء، كما تمكن الأهالي من اقتحام المكتب واستمروا في الطرق على الأبواب الحديدية، مرددين هتافات تطالب بصرف الخبز ومحاسبة أصحاب المخابز.
وقال عدد من الأهالي إن المخابز امتنعت عن صرف الخبز بحجة صدور قرار من وزارة التموين بإلغاء ووقف العمل بالبطاقات الورقية بعد التأخر في إصدار بطاقات الكارت الذكي.
وفي ظل أزمة الخبز وتخفيض المخصصات التموينية، كشفت وكالة “أسوشيتد برس” عن أن جهة سيادية مصرية تعاقدت مع شركة علاقات عامة أميركية من أجل تحسين صورتها داخل الولايات المتحدة؛ ما يعد أولى الخطوات للتقارب مع الإدارة الأميركية الجديدة، وأوضحت أن التعاقد بقيمة 1.2 مليون دولار سنويًا.
وأوضحت الوكالة الأميركية، في بيان لها أمس، أنها اطلعت على تفاصيل العقد، وتاريخه 28 يناير، على موقع وزارة العدل (الأحد)؛ وأظهر أن السلطات المصرية استأجرت شركة علاقات عامة، تدعى ويبر شاندويك، ستساعدها على تعزيز شراكتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة؛ من خلال تسليط الضوء على تطورها الاقتصادي والترويج للدور القيادي الذي تلعبه مصر في إدارة المخاطر الإقليمية.