لعلّ النهاية المخزية لمعمر القذافي بعدما حكم ليبيا 42 عامًا صحبتها الآمال في عودة الدولة الغنية بالبترول إلى جذب الاستثمار. وبدلًا من ذلك، اشتعلت الصراعات بين المليشيات المتخاصمة والحكومات، ودمرت الاضطرابات صادرات الدولة وساعدت في زيادة مشاكل اللاجئين لدى أوروبا بهروب مواطنيها.
ويسمح الوضع للجماعات المسلحة بترسيخ وجودها، واتفقت الحكومات المتنافسة في ليبيا على الوحدة في أواخر 2015م؛ ولكن تبقى الدولة منقسمة بين قبائل ومليشيات.
إدارة غير فعالة
بعد مرور أكثر من عام على توقيع اتفاقية توسطت فيها أميركا لتشكيل حكومة وحدة وطنية تحت قيادة فايز السراج، ما زالت الإدارة الجديدة غير فعالة؛ فالحكومة التي من المفترض أن توحد جميع القبائل والجبهات ينافسها حفنة من الساخطين الذين فقدوا قوتهم نظريًا بإنشاء هذه الحكومة، ولكن لا يزالون يسيطرون على أجزاء من العاصمة. ثم هناك العدو الرئيس للحكومة المدعومة من الأمم المتحدة، وهو الجنرال المنشق خليفة حفتر، الذي ظهر على الساحة لقتال جماعة أنصار الشريعة، وهي فرع تنظيم القاعدة الذي اتهم بقتل السفير الأميركي في 2012.
وضمن الأعداء أيضًا تنظيم الدولة، الذي هاجم الجميع، وقتل حوالي 5800 شخص في ليبيا وشرد حوالي 652 ألفًا، وتعتبر صناعة النفط محور التنافس في ليبيا؛ خاصة بعد تحسن الإنتاج، ولكن الصراعات في مارس أجبرت كبرى موانئ ليبيا على التوقف.
خلفية تاريخية
امتداد ليبيا على سواحل البحر المتوسط جعلها مطمعًا لاحتلال مستعمرات من اليونان ورومانيا والفرس وإيطاليا أو بنائها قبل الحرب العالمية الثانية، وتمتلك ليبيا أكبر عاشر احتياطي نفط في العالم، وكونت مناطقها الثلاث طرابلس وفزان وبرقة المملكة الليبية في 1951، وأنشأ انقلاب القذافي في 1969 دولة معروفة بديكتاتورها وتدار بالكتاب الأخضر.
وأدى نفط ليبيا لنقلها من إحدى أفقر دول العالم إلى واحدة من أغنياء إفريقيا، وجمعت أكثر من 100 مليار دولار في الاحتياطيات، ودعم القذافي المليشيات الفلسطينية وساعد بعض الجماعات حتى تحمل مسؤولية تفجير 1988؛ وعلى إثر ذلك تمت معاقبة ليبيا من قبل أميركا والاتحاد الأوروبي حتى عام 2003 .
ووجدت الانتفاضات العربية طريقها إلى ليبيا، لتدخل في نوبات عنف في فبراير 2011 وصلت إلى ضربات من الناتو على قوات القذافي. وأثبتت الحكومة الانتقالية التي أتت خلفًا للقذافي عدم قدرتها على تحقيق الاستقرار في البلاد.
تدخل دولي
بسبب التهديدات التي يمثلها تنظيم الدولة، فإن عددًا من الدول فضلت التدخل، وكثّفت أميركا من هجماتها الجوية ضد تنظيم الدولة في ليبيا منذ أغسطس الماضي، ووفقًا لتقارير إخبارية فإنها تملك قوات برية هناك مع فرنسا وبريطانيا وإيطاليا.
ومنعت الأمم المتحدة صادرات الأسلحة إلى ليبيا في 2011. وقالت مجموعة دول تضم 21 دولة -منهم أميركا- في 2016 إنهم كانوا على استعداد لدعم طلب الحكومة الوطنية كاستثناء، ودعا عدد من الدول إلى هيكل قيادة مشتركة لجمع الجوانب المتناحرة في ليبيا.
أخيرًا، فإن ظهور مثل هذه القيادة لا يبدو أنه سيحدث في أي وقت قريب، وأيضًا هناك خطر من استخدام الأطراف الليبية لأسلحة خارجية لقتال بعضهم البعض؛ وهو ما قد يؤدي إلى زيادة الوضع سوءًا.