لا يُعيد عصر ترامب تكوين شكل أميركا فقط، ولكن أيضًا معجمها ومصطلحاتها. فمصطلحات مثل “أخبار مزيفة” و”اليمين المتطرف” و”ما بعد الحقيقة” أصبحت تتصدر واجهات الإعلام دون أن يتم شرح معناها في المجمل.
ولعل مصطلح “الدولة العميقة” هو ما يقلق الأميركيين، ولعل أول القلقين هم أنصار ترامب نفسه؛ حيث تحذر مواقع تابعة لليمين الأميركي من الدولة العميقة التي تسعى إلى إقصاء ترامب، وتتحدث بشكل دائم عن الحرب بين الدولة العميقة والرئيس الأميركي.
وقال بيل كريستول، المنتمي إلى الاتجاه المحافظ، إنه إذا جاء الوقت للاختيار بين الدولة العميقة وترامب سيختار الدولة العميقة. ولكن، ماذا يعني هذا المصطلح؟
استخدم خبراء ونقاد أميركيون مصطلح “الدولة العميقة” بالتبادل مع بيروقراطية الجيش ووكالات التجسس؛ خاصة التي تسرب معلومات ضد الحكومة. وباتت علاقة ترامب مع جواسيسه متوترة منذ أن أشارت المخابرات إلى محاولة روسيا للتأثير على الانتخابات الأميركية لصالح ترامب، الذي اعتبر كل التسريبات التي تتم ضده دليلًا على تحركات خفية لمسؤولي الحكومة غير المنتخبة من أجل تقويض صلاحياته؛ وهذا ما يطلق عليه أنصار ترامب مسمى “الدولة العميقة”.
ولكن مصطلح الدولة العميقة بدا شيئًا مختلفًا تمامًا في تركيا، وكان المواطنون الأتراك قلقين من الدولة العميقة، التي تشير إلى شبكة لأفراد من فروع مختلفة من الحكومة لديهم روابط مع الجنرالات المتقاعدين والجرائم المنظمة والموجودة دون علم ضباط الجيش والسياسيين.
وكان هدفها الظاهر الحفاظ على العلمانية وتدمير الشيوعية بأي وسيلة ممكنة، خارج سياق الأوامر الرئاسية.
وبدأت تحركات الدولة العميقة في تركيا في الخمسينيات، وكانت الراعي الرسمي للقتل والشغب والتواطؤ مع تجار المخدرات وشن الهجمات المزيفة وتنظيم مذابح للاتحادات العمالية؛ وقتل آلافٌ في الفوضى التي أثارتها.