“الانتقال إلى ميناء أشدود أفضل من موانئ قناة السويس”. هكذا جاءت نتيجة اختبار الخمسة خطوط الملاحية الكبرى المتعاقدة مع قناة السويس؛ ما أسفر عن أزمة كبيرة تعرضت إليها المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
تزامن تصريح رئيس المنطقة أحمد درويش بأن “المستقبل يبشر بتنمية المنطقة الاقتصادية لقناة السويس” مع إعلان خمسة من أكبر الخطوط الملاحية في العالم الانسحاب من العمل مع ميناء شرق بورسعيد أمس الأول؛ بسبب رسوم الموانئ المرتفعة، التي بلغت ثلاثة أضعاف الرسوم التي تفرضها الموانئ المنافسة في البحر المتوسط.
وقررت الخطوط الملاحية الخمسة (klinehapag-lioyd, Nykgroup, ، mol ,yang ming) التوجه إلى ميناءي “أشدود الصهيوني” وبيريوس اليوناني بدءًا من أبريل المقبل؛ ما سيحرم ميناء شرق بورسعيد من 700 ألف حاوية، ويؤثر على الاستثمارات في المنطقة الاقتصادية.
محاولة إنقاذ
وفي محاولة لإنقاذ الموقف، قرر الفريق مهاب مميش، رئيس هيئة قناة السويس، تخفيض 50% من الرسوم التي تحصلها الهيئة على السفن التي يزيد طولها على 354 مترًا؛ لتصل إلى 4% من رسوم العبور المقدرة على حمولة السفينة، بدلًا من 8%، التي بلغت 157 ألف دولار مقارنة بـ48 ألفًا في اليونان؛ خاصة أنه الميناء الوحيد في مصر الذي يستقبل الجيل الثالث من السفن.
أسباب الهروب
وفي تصريح لـ”رصد”، قال الخبير الاقتصادي الدكتور رضا عيسى إن ندرة حركة عبور السفن عبر قناة السويس أدت إلى هروب هذه الشركات الكبرى، التي لم تجد أي منفعة من البقاء في مصر؛ خاصة وأن حركة التجارة العالمية توزعت على معابر أخرى بعيدًا عن قناة السويس، مؤكدًا أن خروج أكبر تحالف من الخطوط الملاحية ضربة موجعة للمنطقة الاقتصادية؛ خاصة أنه أهم تحالف، وسيبدأ عمله بدءًا من أول أبريل المقبل.
تهديد حركة الملاحة
ويهدد ممر القطب الشمالي ورأس الرجاء الصالح مصير حركة الملاحة بقناة السويس. فبالنسبة إلى قناة القطب الشمالي، تصاعدت في الآونة الأخيرة تصريحات تفيد بأن ذوبان جليد القطب الشمالي الناجم عن الارتفاع المطرد لدرجات الحرارة يفتح طرقًا جديدة لسفن الشحن بين أوروبا وآسيا بعيدًا عن قناة السويس.
وكانت “يونج شينج” أول سفينة شحن صينية تسافر إلى أوروبا عبر طريق القطب الشمالي في أغسطس 2013، هذا الطريق الذي كان حتى وقت قريب متجمدًا بالكامل.
وقال هاني النادي، مدير العلاقات الحكومية والدولية بشركة قناة السويس للحاويات، إن قرار انسحاب الخطوط كارثة بكل المقاييس، وإنه سبق أن حذر من أن الخطوط تهدد بالانسحاب بسبب الرسوم وأمور أخرى.
وأضاف: “نرتب لعقد لقاء مع الدكتور أحمد درويش، رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، لبحث الأزمة؛ خاصة أن الأمر من شأنه أن يخفض إجمالي تداول الحاويات بشرق بورسعيد بنسبة تصل إلى 40% في عام 2017 مقارنة بالعام الماضي”.
أرقام كارثية
منذ إنشاء التفريعة الجديدة لقناة السويس يشهد دخل القناة تراجعًا عما كان عليه في الأعوام السابقة؛ فعلى الرغم من وعود المسؤولين، وفي مقدمتهم عبدالفتاح السيسي، بـ”النقلة الكبيرة” لمشروع التفريعة الجديدة للاقتصاد المصري؛ فإن كل هذه الأحلام تبددت على أرض الواقع.
وشهد عام 2016 المنصرم تراجع إيرادات قناه السويس بالمقارنة مع عام 2015؛ لتسجل خمسة مليارات دولار فقط.
وبحسب مجلس الوزراء، سجلت الحمولات العابرة عبور 83 مليونًا و746 ألف طن، بتراجع طفيف بلغ 0.6% مقارنة بنفس الفترة العام قبل الماضي، الذي سجل عبور 83 مليونًا و271 ألف طن، وتراجع متوسط معدل العبور اليومي خلال سبتمبر 2016 ليسجل 45 سفينة مقابل متوسط يومي للعبور يصل إلى 47.4 سفينة.
وأشارت الإحصائية الصادرة عن مجلس الوزراء في يناير العام الماضي إلى أن عدد السفن المارة بقناة السويس خلال عام 2016 بلغ 16833 سفينة، بتراجع بنسبة 3.7% عن أعداد السفن المارة بالقناة خلال العام الماضي 2015، التي بلغت 17483 سفينة. وتراجعت حمولات السفن المارة بالقناة إلى نحو 974 مليون طن، بنسبة 2.4% عن حمولات السفن المارة خلال عام 2015، التي بلغت 998.7 مليون طن.
السيسي يكذب الأرقام الرسمية
بينما كذّب السيسي حكومته وآراء الخبراء بقوله: “سمعت أن الناس يقولون بأن عائدات قناة السويس تراجعت. بالطبع لم تتراجع… بل ارتفعت”، دون الإشارة إلى أية أرقام حقيقية أو دلائل لهذا الارتفاع المزعوم.
وافتتحت مصر في أغسطس 2015 التفريعة الجديدة لقناة السويس بعد أشغال استمرت عامًا كاملًا، وتم جمع 64 مليار جنيه (ثمانية مليارات دولار بسعر الصرف آنذاك) من المصريين لتمويل المشروع، من خلال شهادات استثمار بفائدة سنوية 12%.