قال جورج إسحاق عضو مجلس حقوق الإنسان أن المجلس طالب بضرورة إجراء مسح طبي شامل بسجن وادي النطرون وطرة، بسبب ظهور فيروس خطير هناك وهو ما أكده التقرير الطبي الخاص بأحمد الخطيب نزلاء هذه السجون، مبديا تخوفه من انتشار الفيروس ليشمل السجناء والضباط والمشرفين على هذه السجون مما يهدد بكارثة صحية كبرى ما لم يتم تدارك الأمر سريعا.
وأضاف “إسحاق”، في تصريحات خاصة لـ”رصد”: “ما أخشاه أن تتم المماطلة ويسيطر الروتين والبيروقراطية على إجرء هذا المسح أو تأخيره على الأقل، خاصة أن التوصيات واضحة وصريحة في ظل رعاية صحية ضعيفة وغير متوفرة في بعض السجون التي ترفض أي محاولات لتوفيرها وآخرها عرض نقابة الأطباء التبرع مجانا بتوفير الرعاية الطبية بالسجون المصرية إلا أن مصلحة السجون رفضت هذا العرض متعللة بأنها لديها أطقمها الطبية التي يمكنها توفير الرعاية وأنها ليست بحاجة لأي جهة أخرى لمعاونتها”.
وأبدى “إسحاق” تخوفه من عدم تفعيل أي خطوات جادة سواء بالمسح للسجون المشار إليها أو تحقيق رعاية طبية حقيقية، مؤكدا على حالة الجمود التي تعيشها البلاد في هذه الفترة وتردي الأوضاع وغياب الإرادة السياسية في تفعيل أي توصيات أو قرارات وهذه هي المشكلة الحقيقية التي تتسبب في ضياع وإهدار الجهد وعدم الاستفادة بأي اجتهادات أو محاولات جادة لتدارك أمر ما له تاثيره السلبي.
ومن جانبه، شدد الدكتور ناصر عبيد، أخصائي الأمراض الجلدية، على ضرورة توقيع الكشف الطبي على كل نزلاء وادي النطرون، مشيرًا إلى أن التأخر في الكشف عن المرضى قد يتسبب في تفاقم المشكلة، والأخطر أنه قد ينتقل إلى خارج حدود السجن مع الأهالي أثناء الزيارات في حالة لدغ ذبابة الرمل “الصغيرة جدًا” لدم أحد المصابين والانتقال من إنسان آخر، بالإضافة إلى تطهير السجن من تلك الحشرة.
وأوضح الدكتور ناصر عبيد، في تصريحات صحفية: “أن “اللشمانيا” مرض بيئي مزمن يصيب الإنسان في كافة الأعمار، حيث تعد “ذبابة الرمل” هي العامل الناقل “لطفيلي اللشمانيا”، وهي تتواجد في كل فصول السنة عدا الشتاء، وتنشط ليلاً، وتستقر نهارا في الشقوق الداخلية لجدران المنازل، وفي جحور الحيوانات كالقوارض والثعالب، التي تعد خازنة للمرض، وفي جذوع الأشجار للراحة”.
وتابع “عبيد”: “اقتراب “ذبابة الرمل” من الإنسان يؤدي لانتشار العدوى، بصورة كبيرة حيث تصيب الأجزاء المكشوفة من الجسم”، مشيرًا إلى أن حضانة المرض تبدأ منذ دخول الطفيلي للجسم بعد اللدغ، وتنتهي بظهور علامات المرض، ومدتها تتراوح بين بضعة أسابيع وعدة أشهر، وتتميز بظهور نقاط حمراء كرأس الدبوس في مكان اللدغ.
ويشير “عبيد” إلى أن “اللشمانيا” ثلاثة أنواع: الجلدية التي تصيب الجلد في الأماكن المكشوفة، والجلدية المخاطية وهي تصيب الجلد والأغشية المخاطية في الفم والأنف والبلعوم، والحشوية وهي التي تصيب الأحشاء، وهي أخطرهم، حيث تصيب الإنسان وتسبب الوفاة إذا لم يتم علاجها في مراحلها الأولى، ليشعر المصاب بالمرض بالحمى والقشعريرة والضعف والهزال ويصاب بتضخم الكبد والطحال، وفي هذه الحالة فلابد من سرعة العلاج عن طريق “الحقن” الموضعي كل أسبوع، والكي البارد بالنتروجين كل 10 أيام حتى الشفاء الكامل.
ويقول “عبيد” إنه لمكافحة المرض والوقاية منه يجب القضاء على الوسيط الناقل “ذبابة الرمل” بمكافحتها في أماكن تواجدها المختلفة، وأيضًا مكافحة الحيوان الخازن مثل الكلاب، والثعالب، والقوارض، حتى لا تكون ناقلة للمرض.
ولعدم انتقال العدوى من مريض إلى آخر، يقول “عبيد”: “يجب مراعاة النظافة خاصة في الأماكن المتكدسة والمزدحمة كالسجون فمن السهل انتقال العدوى بها مع القضاء على الناموس ومكافحة القوارض وتغطية أي قرح جلدية قد تظهر خاصة في الوجه أو الأطراف، كما يجب إجراء مكافحة واسعة للحد من تواجد وانتشار حشرة الذبابة الرملية كمحاولة للسيطرة على انتقال العدوى”.
ويشهد سجن وادي النطرون، حاةلة من الفزع بعد ظهور حالة لأحد المساجين المصابين بمرض “اللشمانيا”، وهو مرض خطير يؤدي إلى الوفاة.
ويطالب التقرير الطبي، الصادر من مستشفيات جامعة القاهرة، والممهور بتوقيع الدكتورة عزة أبو العنين، رئيس قسم الباثولوجي الإكلينكية والكيميائية، بإجراء مسح طبي شامل لمنطقة سجون وادي النطرون، للحد من انتشار العدوى، بعد التأكد من إصابة السجين “أحمد الخطيب” بمرض “اللشمانيا” حيث يعاني من ارتفاع في درجة الحرارة، وتضخم في الطحال والكبد، مع فقدان في الوزن، ونقص في كل مكونات الدم.
ويكشف التقرير عن احتمالية تعرض المساجين بسجن وادي النطرون للعدوى، وهو ما يعني أن كل مكان تنقل فيه “الخطيب” لابد من إجراء المسح الطبي له، وفحص كافة الضباط والمساجين، وحتى العاملين لاحتمال حمل أحدهم للعدوى بهذا المرض الخطير، حيث يضم سجن وادي النطرون 3 سجون متجاورة 430 و440 وسجن 1 ومعه الملحق.
وأطلق نشطاء على فيسبوك حملة شعبية لإجراء مسح صحي شامل على جميع سجون مصر، يأتي ذلك بعد تشخيص الطالب السجين أحمد الخطيب بـ”داء الليشمانيا الحشوي” إثر لدغه من قبل إحدى أنواع “حشرة الرمال” في سجن وادي النطرون.
وطالبت الحملة بإجراء مسح صحي لكافة نزلاء السجن من معتقلين سياسيين ومساجين جنائيين وتخفيف أعداد النزلاء وتحسين الوضع الصحي من نظافة ورعاية، لتفادي انتشار الأمراض وتردي الأوضاع الصحية.
ونادت الحملة بالإفراج الصحي عن كافة المرضى بأمراض مزمنة أو مميتة ليتوفر لهم رعاية صحية ومتابعة جيدة وسط أهلهم، وتوقيع الكشف الطبي على كافة نزلاء وادي النطرون لحماية أي مصاب محتمل آخر من تأخر حالة المرض واستحالة العلاج، وكذلك تطهير وتعقيم السجن ضد “حشرة الرمال” وأي مسببات لأي أوبئة أخرى والعمل على وجود بيئة صحية نظيفة داخل السجن.
وتعد الليشمانيا مرضا معديا لا ينتقل من إنسان إلى آخر مباشرة ولكن ينتقل عن طريق أحد أنواع “حشرة الرمال” والتي تتكاثر في المناخ الصحراوي والبيئات غير النظيفة، وينضج الداء في جهاز الحشرة الهضمي ومن ثم ينتقل للإنسان عن طريق اللدغة.
ويهاجم الداء إما الجلد أو الأعضاء الداخلية لجسد الإنسان ما يتسبب في ضعف عام وتكسير في كرات الدم البيضاء وانيهار المناعة وفي النهاية فشل الأعضاء. إذا تأخر العلاج يكون الداء مميتًا، خاصة في ظل تدهور المناعة ما قد يجعل عدوى بسيطة كالأنفلونزا قاتلة.