منذ نحو عشرة أيام، نُسب إلى مصادر أميركية ودبلوماسية -لم تحدد بالاسم- الحديث عن وجودٍ عسكريٍّ روسيٍّ في ليبيا، وفي وقتها تسارعت وزارة الدفاع ومجلس الاتحاد الروسيان معًا إلى تكذيب هذه التصريحات؛ وكان تسارعًا ملفتًا.
والآن، وقد جاء تأكيد الأمر على لسان شخصية بوزن قائد القوات الأميركية في إفريقيا توماس والدهاورز؛ فإن تفاعلاته باتت محل اهتمام.
لم تتردد واشنطن في ربط نشاط موسكو -الذي وصفته بالمقلق في ليبيا- بالجنرال المتقاعد خليفة حفتر، وبما سمّته “محاولات تغيير مسار الأمور هناك”.
مجرد لاعب
قال أستاذ الشؤون الدولية في جامعة جورج واشنطن “وليام لورانس” إن النشاط الروسي ليس كبيرًا، وربما يكون طموحًا.
وأشار في تصريحات تلفزيونية إلى أن روسيا مجرد لاعب جديد ضمن آخرين يساعدون حفتر، منهم فرنسا ومصر والإمارات.
تخوف من الإرهاب
من جانبه، يُحيل الدبلوماسي الروسي السابق فاتشيسلاف ماتوزوف الوجود الروسي إلى الخوف من تحول ليبيا إلى بؤرة إرهابية؛ إذ سيجد فيها تنظيم الدولة ملاذًا بعد خسارته في العراق وسوريا.
وعليه، يرى ماتوزوف أن روسيا تتعاون مع حفتر، الذي يقود القوات المسلحة الليبية وتحت تصرفه خمسون ألف جندي، وأن موسكو تريد التعاون مع واشنطن لا مواجهتها؛ وذلك لمنع انتشار الإرهاب.
ويقول ماتوزوف إن موسكو تدعم الشعب الليبي لا طرفًا بعينه؛ فهي وقّعت على اتفاق الصخيرات وتعترف بحكومة الوفاق التي يرأسها فائز السراج، الذي زار موسكو مؤخرًا مثلما زارها حفتر والوفد البرلماني بقيادة عقيلة صالح.
ليس الإرهاب
لكن وليام لورانس لم يوافق على أن الإرهاب هو مشكلة ليبيا الآن؛ لأن عدد أفراد تنظيم الدولة قلّ من خمسة آلاف إلى مئتين.
ومضى يقول إن المشكلة هي أن حفتر مثل بشار الأسد، يضخم تنظيم الدولة ويضعه مع مسلمين آخرين في سلة واحدة حتى يبقي على شعار محاربة الإرهاب.
لكنه ثمّن لقاء موسكو مع مختلف الأطراف الليبية، قائلًا إنها يمكن أن تكون أكثر حيادية في الشأن الليبي.
أما ما يمكن أن تفعله أميركا فقال إنها ستسعى إلى التفاهم مع روسيا ودفع حفتر إلى التنازل عن مواقفه المتطرفة وتخفيف خطاب العنف وتجنب انتهاكات حقوق الإنسان.
تدخل سلبي
من جانبه، وصف مدير مركز البيان للدراسات الاستراتيجية، مازن كريكش، التدخل الروسي منذ بدايته بالسلبي.
وشرح ذلك قائلًا إنه بعد يوم من اجتماع فيينا للدول الداعمة لليبيا والاتفاق السياسي ضخت روسيا أربعة مليارات دولار في الشرق الليبي؛ مما تسبب في تضخم كبير شوّه الاقتصاد الليبي.
روسيا من تحت الطاولة
وأضاف أن موسكو ألّبت الأطراف الليبية في شواهد موثقة، وتدخلت لصالح حفتر وأعادت سيطرته على الهلال النفطي بعد أن سيطرت عليه سرايا الدفاع عن بنغازي.
وضمن الدور السلبي الذي يراه كريكش في موسكو توقيع شركة روسنفت عقدًا مع حفتر لإعادة تأهيل المؤسسة النفطية، بما يعد تقسيمًا للمؤسسة النفطية الوطنية ومقرها طرابلس، وكذلك توقيع شركة روسية أخرى على إزالة الألغام في شرق البلاد.
وانتهى كريكش إلى القول إن روسيا وقعت على اتفاق الصخيرات، وإن كل ما تفعله الآن هو لعب من تحت الطاولة.