شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

في حوار لـ”رصد”.. نعمان ثلجي يناقش فشل انقلاب تركيا وسبل إسقاط السيسي

في حوار لـ”رصد”.. نعمان ثلجي يناقش فشل انقلاب تركيا وسبل إسقاط السيسي
أعاد مشھد إعلان الجیش التركي الانقلاب على حكومة رئيسها رجب طيب أردوغان إلى الأذهان أحداث 3 يوليو في مصر وانقلاب الجيش المصري بقيادة عبدالفتاح السيسي على حكومة الدكتور محمد مرسي المنتخبة. وفي حوار لـ"رصد" مع الدكتور

أعاد مشھد إعلان الجیش التركي الانقلاب على حكومة رئيسها رجب طيب أردوغان إلى الأذهان أحداث 3 يوليو في مصر وانقلاب الجيش المصري بقيادة عبدالفتاح السيسي على حكومة الدكتور محمد مرسي المنتخبة. وفي حوار لـ”رصد” مع الدكتور إسماعيل نعمان ثلجي وقفنا على أوجه التطابق والاختلاف بين انقلاب 2013م على أول تجربة ديمقراطية حقيقية في مصر وبين انقلاب 2017م على الرئيس أردوغان، وكيف استطاع الشعب التركي إفشال الانقلاب العسكري على الديمقراطية، فيما لم يحدث الشيء نفسه في مصر.

والدكتور إسماعيل نعمان ثلجي نائب رئيس معهد دراسات الشرق الأوسط بجامعة “سكارايا” ومدرس مساعد بقسم العلاقات الخارجية بالجامعة نفسها وباحث بمعهد “سيتا” للدراسات. تركز أبحاثه على الشأن السياسي المصري والثورات العربية وسياسات منطقة الخليج، وهو مؤلف كتاب “قاموس الثورة المصرية”.

  • ثلاثة أسباب أفشلت الانقلاب الأخير في تركيا
  • الديمقراطيات الغربية لا تؤيد فكرة “مصر الديمقراطية”
  • الانتقال إلى الديمقراطية وتطبيع العلاقات المدنية والعسكرية في مصر سيستغرق سنوات قادمة
  • “الجبهة الموحدة” أهم خطوة لتنهي المعارضة المصرية نظام السيسي.. وكذلك التفاوض مع الجهات الفاعلة عسكريًا
  • تركيا تهدف إلى مواصلة علاقاتها الاقتصادية والثقافية مع مصر والمساهمة في استقرارها
  • من المرجح أن تضطر الحكومة المصرية إلى إعادة النظر في سياساتها وعلاقاتها الإقليمية مع إيران
 

1- ما هي الدروس التي يحب أن يتعلمها المصريون من الانقلابات المتعاقبة التي حدثت في تركيا؛ خاصة الانقلاب الأحدث في يوليو 2017؟ وكيف يمكن لأي نظام ديمقراطي مصري أن يتعامل مع الدولة العميقة المتجذرة داخل الجيش والبيروقراطية المصرية؟

خاضت تركيا تجارب انقلابات فاشلة في التاريخ الحديث، وفي 15 يوليو 2016 حاولت مجموعة من داخل الجيش الإطاحة بالحكومة المنتخبة ديمقراطيًا؛ إلا أن هناك أسبابًا أدت إلى فشل محاولة الانقلاب:

  1. السبب الأول دعوة الرئيس رجب طيب أردوغان الشعب التركي للنزول إلى الشوارع من أجل الدفاع عن الديمقراطية، وكانت العامل الأساسي الذي ساعد في إفشال الانقلاب؛ فلدى تركيا قيادة سياسية قوية تحظى بدعم جزء كبير من الشعب، وعندما ظهر أردوغان على هاتف خلوي طالبًا الدعم منهم كان ذلك نقطة التحول. الشعب نفسه هو من أنقذ الديمقراطية.
  2. السبب الثاني هو رغبة الناس في حماية المؤسسات الديمقراطية. فلقد عانت تركيا من الممارسات غير الديمقراطية للحكومات السابقة. ومع ذلك، خلال الـ15 سنة الماضية في ظل حكم حزب العدالة والتنمية حققت تركيا تقدمًا كبيرًا في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. الشعب التركي على دراية بمدى التدمير الذي قد يُلْحِقه انقلاب عسكري بالبلاد؛ ولذا نزل إلى الشارع ودافع عن الدولة ورئيسها رجب طيب أردوغان.
  3. العامل الأخير مرتبط بمدبري الانقلاب؛ إذ تم التخطيط له من قبل أقلية داخل الجيش من المنتمين إلى حركة الخدمة بقيادة فتح الله جولن، الذي يتخذ من أميركا مقرًا له. وقبل الخامس عشر من يوليو أشارت تقارير إلى تخطيط أعضاء حركة الخدمة في الجيش والجهاز الإداري للدولة للقيام بانقلاب عسكري، ورفض معظم ضباط الجيش محاولة الانقلاب ولم يدعموه، بالإضافة إلى عدم دعم عديد من الضباط داخل الأجهزة الأمنية (مثل القوات الخاصة والشرطة) للانقلاب ومحاربتهم  للمتورطين فيه.

كانت هذه العوامل المحددات الرئيسة التي أثّرت على  مسار محاولة الانقلاب. وعلى الرغم من أنها يمكن أن توفر بعض الأفكار للمصريين؛ فإن الهيكل السياسي والجهات الفاعلة في مصر مختلفة عنها في تركيا. لذلك؛ فإن أي تشابه بين البلدين يمكن أن يؤدي إلى سوء تفسير الأحداث التي وقعت فيهما.

2- يعتقد بعض الخبراء أن الجيش التركي كان أقلّ عدوانية تجاه الإسلاميين من نظيره المصري، فعلى سبيل المثال سمح لهم بالفوز في الانتخابات؛ خاصة الانتخابات المحلية. ما هي أوجه التشابه والاختلاف بين المؤسستين؟

على مدى السنوات الـ15 الماضية كانت القوى الديمقراطية التركية تصر بشكل كامل على إعادة هيكلة العلاقات المدنية والعسكرية بطريقة أكثر ديمقراطية. يمكن أن يكون هذا العامل الرئيس الذي سمح للمشهد السياسي التركي بأن يواجه التحول.

وبفضل عدد من العوامل الداخلية والخارجية، مثل التحالفات بين القوى الديمقراطية في البلاد والجهود الديمقراطية لحكومة حزب العدالة والتنمية والإصلاحات في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وزيادة مستوى التعليم والتطورات الاقتصادية، ساهمت جميع هذه العوامل في استبعاد العسكريين من المشهد السياسي.

أحد العوامل الرئيسة في جعل العلاقات المدنية العسكرية طبيعية هو التحالف السياسي بين القوى الديمقراطية في تركيا ضد المؤسسة العسكرية. في سنوات حكمه الأولى، وبفضل مطالب الاتحاد الأوروبي، أصدرت حكومة حزب العدالة والتنمية عددًا من القوانين خفّضت دور الجيش في السياسة. وخلال هذه السنوات، أنشأت مجموعات ذات أيديولوجيات سياسية مختلفة جبهة موحدة لمساعدة حزب العدالة والتنمية في نضاله ضد الجيش.

ومع ذلك، فإن الوضع في مصر مختلف تمامًا؛ فالجيش المصري له جذور أعمق بكثير داخل الهيكل السياسي للدولة، وقد نمت هذه الجذور على مدى عقود؛ والمشكلة الأكثر خطورة هي عدم الرغبة في إضفاء الطابع الديمقراطي على الهيكل العسكري، ولا تريد الكوادر العسكرية الانسحاب من الساحة السياسية حتى تظل مؤثرة في الحياة السياسية والاقتصادية.

هناك مشكلة أخرى تتعلق بالقوى المدنية، متمثلة في السياسيين ومنظمات المجتمع المدني ورجال الأعمال والجهات الفاعلة في وسائط الإعلام؛ إذ لديهم علاقات وثيقة مع المؤسسة العسكرية، كما أنهم لا يحرصون على إقامة تحالفات مناهضة للمؤسسة العسكرية.

وأخيرًا، لا توجد أي عوامل خارجية يمكن أن تشجع الأطراف المصرية على تطبيع العلاقات المدنية العسكرية؛ حتى إن الديمقراطيات الغربية لا تؤيد فكرة “مصر الديمقراطية”، وهذا أمر واضح؛ لأن دولًا مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا وإيطاليا احتضنت النظام العسكري للسيسي.

لذلك، وللأسف، فإن الانتقال إلى الديمقراطية وتطبيع العلاقات المدنية والعسكرية في مصر سيستغرق سنوات قادمة، إن لم تكن أجيالًا.

3- تتصاعد دعوات توحيد قوى المعارضة ضد السيسي في الوقت الحاضر قبل انتخابات عام 2018 كفرصة للإطاحة به من خلال الانتخابات. كيف ترى هذه الدعوات؟ وما هي فرص نجاحها؟

خلْقُ جبهة موحدة واحدة من أهم الخطوات لقوى المعارضة المصرية إذا كانت تهدف حقًا إلى إنهاء نظام السيسي.

من شأن إقامة جبهة موحدة تنضم إليها القوى السياسية الليبرالية والعلمانية والاشتراكية والإسلامية أن يساعد الجماهير المصرية على إيجاد حركة بديلة لدعم نضالها من أجل إقامة نظام أكثر ديمقراطية، وينبغي أن تتفاوض هذه الجهات الفاعلة مع الجهات الفاعلة العسكرية ذات التوجه الديمقراطي ودوائر الأعمال والشخصيات الإعلامية من أجل توسعة جبهتهم؛ ويمكنهم إقناع هذه الجهات الفاعلة بأن مصر الديمقراطية يمكن أن تعمل بشكل أفضل كدولة وأنها ستكون فاعلًا إقليميًا أقوى.

وهناك أيضًا خطوات أخرى يلزم اتخاذها في مواجهة النظام القمعي؛ إذ يجب على المعارضة المصرية أن تستخدم الدبلوماسية وأن تتفاوض مع الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية لدعمها في جهودها الرامية إلى إقامة بيئة سياسية ديمقراطية.

ومن دون توطيد جبهة داخلية موحدة والحصول على الدعم من الجهات الفاعلة الخارجية، فإن المعارضة المصرية لديها فرص أقل للإطاحة بالسيسي من خلال الانتخابات.

لم تكن الانتخابات في مصر ديمقراطية وشفافة أبدًا، باستثناء الانتخابات البرلمانية لعام 2011 والانتخابات الرئاسية لعام 2012؛ وبالتالي فإن انتخابات السيسي لن تعطي نتائج صحيحة، ولكنها ستكون وفقًا لرغبات السيسي.

4- لا يمكن لأحد أن ينكر الدور الذي لعبته تركيا في رفض الانقلاب العسكري ودعم المعارضين المضطهدين؛ ولكن في السياسة لا توجد مستحيلات. ما هي فرص التقارب التركي المصري؟

على الرغم من التحديات والصعوبات، فإن التقارب المصري التركي ممكن. بدأت الأزمة بين تركيا ومصر مع اعتراض أنقرة على استيلاء الجيش على السلطة بقيادة عبدالفتاح السيسي، وكان موقف أردوغان رفض تعطيل الديمقراطية، وترى تركيا أن ثورة 2011 كانت فرصة حقيقية، ليست فقط لمصر؛ بل لجميع دول المنطقة الراغبة في إقامة أنظمة ديمقراطية.

عندما وقع انقلاب عسكري في مصر كانت تركيا قلقة على رفاهية المصريين الذين سيواجهون حياة سياسية واقتصادية غير مستقرة، كما انتقدت أنقرة انتهاكات نظام السيسي لحقوق الإنسان بعد الانقلاب، ولا يزال لتركيا الموقف نفسه ضد النظام المصري الحالي. وتطالب أنقرة باستمرار القاهرة باحترام إرادة الشعب ووقف انتهاكات حقوق الإنسان.

ومع ذلك، تعتقد أنقرة أن وجود علاقات سيئة مع أي نظام لا يتطلب وقف جميع أنواع التعاون مع البلد المتواجد فيه هذا النظام، وهذا هو الحال بشكل خاص عندما يتعلق الأمر بمصر، وهي دولة تشترك في خلفية ثقافية وتاريخية مع تركيا. ولذلك؛ فإن تركيا تهدف أيضًا إلى مواصلة علاقاتها الاقتصادية والثقافية مع مصر من أجل المساهمة في الاستقرار السياسي والاقتصادي للبلاد.

5- وصفتم التقارب المصري الإيراني باعتباره مقامرة محفوفة بالمخاطر تؤثر على مراكز القوى في المنطقة. إلى أي مدى يمكن أن تتحول إلى علاقة استراتيجية بين البلدين؟

لا أعتقد أن مصر وإيران يمكن أن تكّونا علاقات استراتيجية طويلة الأمد. وتتناقض هذه العلاقة مع توجهات السياسة الخارجية المصرية؛ إذ اتبعت مصر لسنوات عديدة نمط سياسة خارجية يتماشى مع الولايات المتحدة، وإلى حد ما مع “إسرائيل”. وخلال سنوات مبارك، منعت علاقات مصر الوثيقة مع الولايات المتحدة، وكذلك علاقاتها الطيبة مع المملكة العربية السعودية، القاهرة من تطوير علاقات أفضل مع طهران، واليوم يمكننا أن نرى صورة مماثلة؛ حيث أكد الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب عزمه إقامة علاقات وثيقة مع “إسرائيل”، وفي الوقت ذاته سيتخذ موقفًا حازمًا تجاه إيران، ويعتبر ترامب مصر حليفًا هامًا لسياسات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

ويمكن القول إنه على عكس إدارة أوباما، فإن سياسة ترامب الخارجية ستعطي الأولوية لعلاقاتها مع المملكة العربية السعودية أيضًا. لذلك؛ من المرجح أن تضطر الحكومة المصرية إلى إعادة النظر في سياساتها وعلاقاتها الإقليمية مع إيران.

6- هل تتوقع دعم السعودية لمرشح رئاسي ضد السيسي بعد تبني سياسات خارجية تتنافى مع نهج السعودية في المنطقة؟

من الواضح أن النظام السعودي لم يكن راضيًا عن خيارات السياسة الخارجية لإدارة السيسي، وخلال العام الماضي بوجه خاص كان هناك عدد من الأزمات بين الرياض والقاهرة؛ لذلك يمكن القول إن السعودية تفضل شخصية أخرى في منصب الرئيس المصري.

ومع ذلك، فإن عددًا من العوامل الداخلية والخارجية سيجبر الرياض على إعادة النظر في موقفها بشأن هذه المسألة. وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية، وطّد السيسي سلطته في الأوساط السياسية المصرية، وعلى الرغم من وجود آراء معارضة ضده؛ فإنها لن تشكل جبهة قوية. بالإضافة إلى ذلك، تعرض الناشطون الثوريون وجماعات المعارضة المدنية إلى القمع.

وهناك أيضًا عوامل إقليمية ودولية يمكن أن تؤثر على سياسة المملكة العربية السعودية تجاه نظام السيسي. وخلق انتخاب ترامب إلى الرئاسة بيئة جديدة، ليست للسياسة الأميركية فحسب؛ بل بالنسبة إلى الشرق الأوسط أيضًا. دعم ترامب لنظام السيسي سيجبر الرياض على النظر في موقفها من نظام السيسي.

7- هل سيستمر الدعم الغربي للسيسي؟ ومتى تمارس الدول الغربية ضغوطًا على السيسي لإجباره على التخلي عن السلطة؟

أعتقد أن الدعم الغربي للسيسي سيستمر لفترة طويلة. يمكننا أن نقول هذا من خلال التجربة السابقة؛ فعلى الرغم من أن السيسي قاد الانقلاب العسكري عام 2013، فقد دعمت الولايات المتحدة والدول الأوروبية نظامًا جديدًا مناهضًا للديمقراطية، ودعت قادة ألمانيا وإيطاليا وفرنسا والمملكة المتحدة السيسي إلى بلدانهم واستضافوه على أعلى مستوى. ووقعت دول مثل ألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة عقودًا لبيع أسلحة ومنتجات دفاعية إلى مصر، مثل الطائرات المقاتلة والسفن الحربية والصواريخ؛ وهذا يدل على أن الدعم الغربي لنظام السيسي سيستمر في الفترة المقبلة.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023