تزامنًا مع الزيادة السنوية لضباط الجيش والشرطة ورجال القضاء، تسود حالة غضب كبيرة بين أساتذة الجامعات في مصر؛ حيث هدد عديد منهم بالدخول في إضراب مفتوح عن العمل وعدم مشاركتهم في العملية التعليمية والتغيب عن امتحانات آخر العام بسبب عدم زيادة رواتبهم. ويأتي ذلك بعد شهور من تخفيض 10% من رواتبهم رغم استمرار إصدار قرارات زيادة رواتب ضباط الشرطة والجيش والقضاة.
السلطة ملك الأمن فقط
يقول الدكتور صفوت العالم، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، في تصريح لـ”رصد”: “نحن في زمن يُهمّش فيه العلماء ويُمجّد فيه حراس النظام؛ فالجميع بات على دراية واسعة أن الدولة المصرية سلطة أمنية من الدرجة الأولى فتحت ذريعة (الحرب على الإرهاب) وأصبح جميع المصريين مهمشين في سبيل هذه الحرب”.
وأضاف العالم: “نحن في المرتبة الأخيرة في جودة التعليم العالمي بسبب مساحة الجامعات المصرية الصغيرة وتكدس الطلاب بها وغياب المعامل ومراكز الأبحاث، ويزيد على ذلك ملاليم ويطلقون عليها الرواتب؛ وفي النهاية نتساءل لماذا وصلنا إلى هذه المرحلة بين الأمم في القطاع العلمي!”.
التساوي مع بقية الفئات
وأكد الدكتور محمد كمال، المتحدث الرسمي باسم نقابة علماء مصر، في تصريحات صحفية، أن الدولة يجب عليها دعم أساتذة الجامعات والحرص على الارتقاء بأحوالهم المالية أسوة بباقي الفئات التي يتم الإعلان عن زيادة رواتبها من حين لآخر.
وأشار كمال إلى وجود بعض الدعوات من قبل الأساتذة الجامعيين تطالب بالإضراب عن العمل وعدم المشاركة في الامتحانات؛ نظرًا لعدم استجابة وزير التعليم العالي لمطالب الأساتذة، متابعًا: “مطالبُهم كلها مشروعة ولا تخالف القانون”.
وأوضح كمال أنه في ظل “تراجع دور وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والمجلس الأعلى للجامعات ومجلس النواب عن مساندة أساتذة الجامعات، بات الإضراب مطلبًا يلوح به أعضاء هيئات التدريس في جامعات مصر”.
تبرير حكومي
واستنكر الدكتور خالد عبدالغفار، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، الدعوة إلى الإضراب قائلًا: “الأمر خارج عن إرادتي؛ نظرًا لارتباطه بالميزانية العامة للدولة”.
وقال عبدالغفار إن دوره ليس المطالبة بزيادة رواتب الأساتذة والمعاونين، متابعًا: “أنا وزير للتعليم العالي وتطوير البحث العلمي”.
تخفيض الرواتب
وفي نوفمبر الماضي فوجئ عدد من الأساتذة المتفرغين بخصم 10% من مرتباتهم، على اعتبار أنهم لا يتقاضون راتبًا من الدولة؛ لكن مكأفاة لما يقدمونه من خدمات؛ الأمر الذي أثار غضبهم، وقاموا بإعداد خطاب رسمي تمهيدًا لإرساله إلى مؤسسة الرئاسة.
وقال الأساتذة في خطابهم: “في الوقت الذي تتزايد فيه الأسعار، فوجئ الأساتذة المتفرغون بالعديد من الجامعات المصرية بخصم مبالغ تتراوح بين ألف و2200 جنيه؛ تنفيذًا لتوجيهات الجهاز المركزي للمحاسبات، باعتبار أن ما يتقاضاه الأساتذة المتفرغون هو مكافأة وليس مرتبًا”؛ لتسود حالة من الغضب لدى أعضاء هيئة التدريس بمختلف الدرجات الوظيفية.
ويبدو أن القرار جاء لـ”جس نبض” أعضاء هيئة التدريس ومعرفة ردود أفعالهم عليه، التي بدورها أصدرت بيانًا ترفض فيه أي تخفيضات لأجور أعضاء هيئة التدريس.
اتهامات للجهاز المركزي للمحاسبات
وقال الدكتور جمال ثروت، أستاذ المناهج وطرق التدريس بكلية التربية بجامعة حلوان، إن هناك تصريحات وقرارات متجاوزة ومتناوبة، سواء من قيادات التعليم العالي أو جهات سيادية أخرى، مثل الجهاز المركزي للمحاسبات، تنال من حقوق أساتذة الجامعات فيما يتعلق برواتب العاملين منهم أو المتفرغين؛ الأمر الذي ينذر بفوضى تنذر بكارثة في التعليم العالي؛ لأنه في الأساس مرتبات أعضاء هيئة التدريس هزيلة.
وتساءل: ماذا نتوقع من أي عضو هيئة تدريس خُصم من راتبه تحت أي بند أو أي شعار؟ مضيفًا أن الأمر يزيد المشهد ارتباكًا، وسيزيد الأمور تعقيدًا؛ لأن أستاذ الجامعة أمامه مسؤوليات ومتطلبات اجتماعية وعلمية، فكيف يواجه مسؤولياته ويخصم من دخله الشهري الضعيف؟
ولفت إلى أن مكمن الخطورة في تصعيد الأمور من أساتذة الجامعات للمطالبة برفع يد الجميع عنهم، لافتًا إلى أنهم قادرون على التصعيد ودون تظاهرات أو إضرابات؛ لأنهم يمتلكون وسائل متعددة للتعبير عن رفضهم لكل القرارات الاستفزازية التي تنال من هيبتهم في المجتمع، سواء داخل الجامعات أو خارجها.