لم تعد الحيوانات تتحمّل ما تتحمله أمعاء المصريين، وهو ما كشفه مدحت غراب، أخصائي وقاية وعلاج بحديقة الحيوان بالجيزة، بأن الفريق الطبي يكثّف من عناصر تأمين الحيوانات خلال يوم شم النسيم؛ خوفًا من تعرضها إلى التسمم، مؤكدًا أن الحيوانات تعاني من الإسهال يوم شم النسيم بسبب إلقاء الزوار بقايا الفسيخ، الذي وصل سعر الكيلو منه إلى 150 جنيهًا، فيما كشف أطباء وخبراء تعذية أن هذه المأكولات تصيب المصريين بأمراض الكبد والكلى على المدى القريب.
فيما أعلنت وزارة الصحة والسكان في الساعات الأولى لـ”شم النسيم” أمس الاثنين عن إصابة 45 مواطنًا باشتباه في تسمم غذائي بمحافظات الجمهورية خلال احتفالات أعياد الربيع. وأوضح الدكتور خالد مجاهد، المتحدث الرسمي لوزارة الصحة والسكان، أن مستشفيات الجمهورية استقبلت أمس 45 مواطنًا مصابين باشتباه تسمم غذائي وخرجت منهم 23 حالة بعد تلقيهم العلاج وتماثلهم للشفاء؛ منهم 13 من مستشفى جامعة الإسماعيلية، و10 من مستشفى إسنا المركزي.
وتابع مجاهد أن الحالات التي ما زالت تتلقى العلاج حتى الآن 22 حالة بالمستشفيات التالية: عشر حالات ببولاق الدكرور، حالة بالقصر العيني، حالة بمركز سموم جامعة شبين الكوم، حالتان بإسنا المركزي، ست حالات ببني سويف العام، حالتان بالقنطرة غرب المركزي، مؤكدًا توافر الأدوية والأمصال المضادة للسموم بجميع المستشفيات.
أمراض كلى
وفي تصريح لـ”رصد”، قال الدكتور سمير عنتر، مدير مستشفى الحميات بإمبابة، إن الغذاء الفاسد في مصر وفقًا لبعض الإحصائيات كلَّف اقتصاد النظام الحالي 19% من موازنته على علاج الأمراض الناتجة عن هذه الأطعمة الفاسدة، منها الفشل الكلوي وتليف الكبد، مشيرًا إلى أن الغذاء لن يكون آمنًا بشكل متكامل؛ ولكن ما نريده هو أن يخضع تداول الغذاء إلى بعض المعايير الدولية، خاصةً أن مصر تُقيَّم كأسوأ الدول في هذا المجال .
وأضاف: للأسف ما زال السيناريو مستمرًا، كلنا يعلم أن هناك كثيرًا من الأغذية غير الآدمية والفاسدة يتم دخولها وتُطرح في الأسواق على أساس أن المصريين معدتهم “تهضم الزلط” كما يقال؛ ولكن بعد الثورة تخيلنا أن الوضع قد تغير وأننا سنقضي على الفساد ونحترم آدمية المواطن المصري وكرامته؛ ولكن ما زال الفساد وطرح الأغذية الفاسدة في الأسواق، فإلى متى سيظل من ليس له ظهر ينضرب على بطنه؟”.
الجهل بالغذاء
وأكد الدكتور حاتم محمود، خبير تعذية، أن انتشار الأغذية الفاسدة بمصر يرجع إلى عاملين أساسيين هما الجشع والجهل؛ فالعامل الأول يتمثل في سلوك تجار هذه السلع وفساد ضمائرهم، وأما الجهل ففي سلوك المواطنين، فالمزارعون مثلًا يستخدمون كيماويات ومبيدات غير آمنة رغبة في مضاعفة المحصول، متغافلين ما تسببه من أضرار جسيمة لصحة من يتناول هذه الأغذية، وإذا أضفنا إلى ذلك الرغبة في التوفير من البعض، وخاصة ربات البيوت ومحاولتها شراء منتج رخيص دون أن تدرك مصدره أو تتأكد من سلامته.
وأضاف محمود في تصريح لـ”رصد” أن هناك ثلاثة أنواع ما بين التلوث الفيزيائي والبيولوجي والكيميائي، وعن دور وحدة الغذاء الآمن التي أسسها يقول: “وحدة الغذاء الآمن تعمل على نشر الوعي من خلال تدريب الأشخاص والهيئات والمؤسسات التي تعمل في مجال الغذاء لمعرفة طرق المحافظة على الأغذية والوقاية من فسادها”.
ووجّه أشرف الحوفي، خبير التغذية ومكملاتها، رسالة إلى المواطنين بضرورة التشديد على أهمية التأكد من مصدر السلع وصلاحيتها قبل شرائها؛ وإلا يقعون فريسة إغراء الأسعار، وأشار إلى ضرورة تخلص ربة المنزل من الزجاجات والعلب الخاصة بالمنتجات الغذائية وتشويهها؛ حتى لا تكون عرضة للاستخدام والتعبئة مرة أخرى بأغذية فاسدة من خلال مصانع “بير السلم”.