رواياتٌ مرعبة حول التعذيب والموت في سجون مليشيا جماعة الحوثي وحليفهم الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح وثّقتها شهادات خمسة مختطفين عاشوا تجربة الاعتقال، تنوعت ما بين الصعق الكهربائي ونزع الأظفار والكي بالنار والضرب بالعصي والأسلاك الكهربائية.
وقال ناجون من السجون إن الحوثيين كبّلوا أيديهم وأرجلهم وضربوهم بوحشية في وجوههم ورؤوسهم ومؤخراتهم، وذكر آخرون أن مختطفين نزفوا دماءً وتقيؤوها، ولم يتلقوا العلاج في حين يموت البعض تحت وطأة التعذيب.
وتحدّث خمسة مختطفين، خلال جلسات استماع لشهاداتهم أقامتها رابطة أمهات المختطفين (الأحد) بمحافظة مأرب، عن أساليب وحشية ومروّعة من التعذيب الذي تعرضوا إليه داخل سجون ومعتقلات مرعبة وسيئة السمعة.
ضرب وكيّ بالنار
الصحفي محمد الواشعي روى أنه تعرض إلى الضرب بالهراوات والأسلاك الكهربائية حتى أغمى عليه أكثر من مرة، وأن قدمه وساقه اليمنى كسرتا من شدة الضرب والتعذيب، مشيرًا إلى أنه شاهد خلال فترة وجوده في السجن عشرات المختطفين تعرضت أجسادهم إلى الكيّ بالنار.
وقال الواشعي أثناء جلسة استماع إن الحوثيين مارسوا بحقه شتى أشكال التعذيب النفسية والجسدية، غير أن أنواعًا من التعذيب النفسي الذي تعرض إليه في المعتقل كان وقعها عليه أشد وأقوى من الجسدي، مبينًا أنه كان يشعر بالموت كل لحظة.
التعذيب النفسي
وأشار إلى أن الحوثيين كانوا ينقلونه خلال ساعات الليل بعيدًا خارج المعتقل، بعد تغطية عينيه وتقييده وإيهامه أنهم بصدد إعدامه، وكانوا يشهرون أسلحتهم ويضعون فوهات بنادقهم فوق رأسه، في حين يطلق آخرون النار في الهواء إمعانًا في إرهابه.
وأضاف الواشعي أن الحوثيين كانوا يقولون له: “أنت الآن في المكان الذي قتل فيه زميلاك قابل والعيزري، وستموت كما ماتا هنا تحت القصف”، في إشارة منهم إلى الصحفيّين عبدالله قابل ويوسف العيزري اللذين عُثر على جثتيهما في وقت سابق بعد خمسة أيام من اختطافهما من قبل مليشيات الحوثي.
الموت بالتعذيب
وقال أمين العرفي إنه تعرض إلى الضرب والتعذيب في رأسه حتى فقد شبكية العين، لافتًا إلى أنه تعرض إلى الضرب في أسفل العمود الفقري، وأن آثار التعذيب ما زالت موجودة على جسده حتى اليوم.
وفي السياق ذاته، أوضح علي طاهر الفقيه أن الحوثيين كانوا يضربونه بالهراوات والكابلات والعصي الكهربائية بعد تكبيله وتعليقه على أخشاب خاصة بالتعذيب، مشيرًا إلى أنهم عذبوه أثناء جلسات التحقيق معه ونزعوا أظفار الأيدي والأرجل.
هكذا مات البشري
وأكد الفقيه، الذي رافق ضحية للتعذيب يدعى صالح البشري وكان معه لحظة اختطافه، أن الأخير تعرض إلى تعذيب وحشي في المعتقل بعد أن تم أخذه وتعذيبه في غرفة انفرادية حتى فارق الحياة تحت وطأة التعذيب.
وأضاف أن البشري فارق الحياة وكان يطلب من الحوثيين إعطاءه شربة ماء، لكنه توفي وهو يصرخ: “أريد ماء، أسعفوني”، مشيرًا إلى أنه تم إسعافه إلى المستشفى الأهلي الحديث؛ لكنه توفي هناك وكانت آثار التعذيب واضحة على جسده.
جريمة أخرى
وتشير تقارير مؤسسات حقوقية في اليمن إلى رصد 818 حالة تعذيب داخل سجون مليشيا الحوثيين خلال العامين الماضيين؛ منها 99 لتعذيب حتى الموت، بالإضافة إلى استخدام الحوثيين للمدنيين كدروع بشرية بوضعهم في ثكنات عسكرية ومستودعات أسلحة تعد أهدافًا للقصف الجوي من مقاتلات التحالف العربي.
وأكد الناشط الحقوقي حسين الصوفي أن 14 ألف يمني تعرضوا إلى جريمة الاختطاف، وفق إحصائيات وزارة حقوق الإنسان، لا يزال نحو 3500 منهم خلف القضبان حتى اللحظة، في حين لا يزال نحو 500 في قائمة الإخفاء القسري منذ نحو عامين.
إطلاق الرصاص على الأطراف
ونقلًا عن تلفزيون الجزيرة، قال الصوفي إن شهادات المختطفين المفرج عنهم جاءت مطابقة لما رصدناه من أساليب تعذيب داخل سجون الحوثيين، مع تأكيدهم أنهم خرجوا من المعتقل بعد دفع ذويهم مبالغ مالية؛ وهذه “جريمة أخرى بحد ذاتها ترقى إلى حد الاتجار بحريات الناس”.
وأضاف: من بين أساليب التعذيب التي تم رصدها إلى جانب الضرب بالعصي والأسلاك الكهربائية والأدوات الحادة مثل السكاكين، هناك أشخاص تم إطلاق الرصاص على أقدامهم وأطرافهم أثناء جلسات التحقيق، ومعتقلون فتحت جراح في أجسادهم ثم تعذيبهم من خلالها”.