شهدت الفترة التي جاءت بعد عودة عبدالفتاح السيسي من أميركا إلي مصر، انتهاكات كبرى لحقوق الإنسان، فبين التصفية الجسدية وأحكام الإعدام، جاءت انتهاكات حقوق الإنسان التي أكد حقوقيون أنها ضوء أخضر أمريكي لنظام السيسي لمواصلة الانتهاكات وقمع المعارضين، تحت غطاء محاربة الإرهاب.
وتأتي هذه الانتهاكات في ظل حالة من الصمت الدولي، بعد حكم محكمة جنايات القاهرة على معتقلي كرداسة بالإعدام للمرة الثانية عقب نقضهم الحكم الأول أمام محكمة النقض، أعلى محكمة مدنية في البلاد، بخلاف حكم إعدام الداعية الإسلامي الشيخ فضل المولى حسني إسماعيل، في الأسكندرية، وفيديوهات انتهاكات الجيش لحقوق الإنسان في سيناء، والتصفية الجسدية والتعذيب، دون تعليق من المجتمع الدولي.
إعدام كرداسة
وقررت المحكمة إحالة أوراق 20 معتقلا للمفتي للتصديق على أحكام إعدامهم بتهمة قتل رجال شرطة خلال موجة العنف التي تلت فض اعتصام ميدان رابعة عام 2013، على أن يكون يوم الثاني من يوليو المقبل موعد النطق بالحكم على جميع المعتقلين في القضية والبالغ عددهم 156 معتقلا.
وتساءل نشطاء هل لو كان أبناء كرداسة لديهم جنسية أخرى غير المصرية- أمريكية مثلا- لعوملوا معاملة آية حجازي، أو محمد سلطان، أو بيتر جريستي، أو حتى عزام عزام.
فأوروبا المنزعجة لاحتمال عودة الإعدام فى تركيا باستفتاء شعبي، لا تحرك أي ساكن حيال آلاف أحكام الإعدام في مصر، في إطار “قضائي”، بخلاف أحكام الإعدام بإطار “أمني”، ولعل آخر ما رشح عن تلك الأحكام الأخيرة قتل 8 من أبناء مصر في سيناء، دون سند من قانون، وتحت غطاء بيانات المتحدث العسكري.
وأرجع حقوقيون سبب زيادة الانتهاكات الحقوقية بعد عودة عبدالفتاح السيسي من أمريكا، إلي حصول السيسي على تصريح بمواصلة انتهاكات حقوق الانسان بدعم أمريكي، تحت غطاء محاربة الإرهاب.
إعدام الداعية فضل المولى
ففي يوم واحد، أيد قضاء السيسي إعدام داعية الإسكندرية الشيخ فضل المولى حسني إسماعيل، في قضية مقتل سائق مسيحي، في نفس اليوم الذي حكم فيه بإحالة 20 من أبناء كرداسة إلى مفتي الجمهورية، وتأجيل النطق بالحكم بشأن الآخرين لجلسة 2 يوليو المقبل، بقرار محكمة جنايات القاهرة.
وقال عبدالله النجار الحقوقي المصري المتابع للقضية: إن “كل الأدلة التي قدمت تثبت براءة الشيخ فضل المولى، لاسيما الشهادات المتناقضة للشهود، وبراءته كانت حتمية، إلا أننا فوجئنا بحكم المحكمة بتأكيد إعدامه”.
وأضاف النجار- الذي يعمل مديرا للمركز العربي الإفريقي لحقوق الإنسان- أن “الإدانات الحقوقية من قبل المنظمات الدولية، لن تردع الإعدامات التي أصدرها قضاء العسكر صباح اليوم”.
وأضاف النجار- في مداخلة هاتفية مع “مكملين” الفضائية اليوم- أن أحكام الإعدام التي صدرت، اليوم، تعد بالون اختبار للرأي العام؛ من أجل مزيد من أحكام الإعدام خلال الفترة المقبلة، بعد أن كان يخشى الوصول إلى تلك المرحلة، مضيفا أن النظام لم يعد لديه خطوط حمراء.
وأوضح النجار أن الداعية “فضل المولى” أول عضو بجماعة الإخوان المسلمين تؤيد المحكمة حكم إعدامه؛ بهدف قمع المعارضة وإرهاب الجماعة، متوقعا تزايد أحكام الإعدام على أعضاء الجماعة في الفترة المقبلة.
فيما علّق مركز الشهاب لحقوق الإنسان، الذي كان يتابع القضية، في بيان له، إن “مثل هذه الأحكام وغيرها من الأحكام المسيسة تهدم فكرة القضاء العادل”.
رضا الكنيسة
وقال المستشار محمد عوض رئيس محكمة الاستئناف: إن تأييد الحكم بإعدام الداعية فضل المولى حسنى، جاء لإرضاء الكنيسة بعد التفجيرات الأخيرة، مضيفا أن الحكم ببراءة آية حجازى ورموز نظام مبارك أكد أن القضاء مسيس ويتلقى الأوامر بالتليفون.
وأضاف عوض- في مداخلة تلفزيونية أمس الإثنين- أن القضاء أصبح أحد أركان النظام، مضيفا أن دوائر الإرهاب التي شكلها نبيل صليب، جمع فيها كل القضاة الذين لديهم خصومة سياسية مع الإخوان، وهو ما يبطل هذه الدوائر لانتفاء العدالة.
وأشار إلى أن جميع أحكام الإعدامات التي صدرت حتى الآن، اعتمد القضاة فيها على تحريات مباحث أمن الدولة، وأصدروا أحكاما جزافية لم نسمع عنها أيام الاحتلال الإنجليزي.