رغم حاجة مصر إلي توطيد العلاقات مع السودان، في ظل مفاوضات مصر بشأن سد النهضة، وحاجتها إلي دعم أفريقي لها، واعتبار السودان امتدادا للأمن القومي المصري، إلا أن النظام المصري مازال يتعامل بتعالٍ مع السودان، وهو ما أثار غضب حكومة السودان خلال الفترة الأخيرة، ووصل الأمر إلى خروج وزير الخارجية السوداني مساء أمس ليعلن عن أن أي سوداني سيتم ترحيله من مصر، سيقابله ترحيل مصري من السودان.
ترحيل السودانيين يعيد التوتر
ولم ينتظر النظام المصري كثيرا بعد اتفاقه مع الحكومة السودانية على التهدئة، والقاءات المتبادلة بين مسؤولين مصريين وسودانيين، حتى جاء قرار ترحيل صحفيين سودانيين من مصر حتى يعيد التوتر.
ويأتي ترحيل السودانيين من مصر استمرار لتعالي نظام السيسي ضد السودان، حيث جاء الغضب السوداني بعد تراكمات سابقة، حيث تعهدت السودان بمعاملة مصر بالمثل.
التعامل بالمثل في التأشيرات
وأعلنت الحكومة السودانية في وقت ماضي، بشكل مفاجئ، تطبيق قرار أصدرته منذ عدة أيام، بفرض تأشيرات على المصريين القادمين للأراضى السودانية، من سن 18 عاما حتى 49 عاما، والسماح بدخول الفئات العمرية من حملة الجوازات المصرية من سن 50 عاماً فيما فوق، والسماح بدخول النساء والأطفال دون الحصول على التأشيرة، بالإضافة إلى تحصيل رسوم من المغادرين المصريين بقيمة 530 جنيه سودانى.
من جانبه، قال السفير رشاد فراج الطيب، القائم بأعمال السفارة السودانية في القاهرة، أن القرار يأتي إعمالا بمبدأ التعامل بالمثل، وبسؤاله عن المدة التى تستغرقها إجراءات الحصول على التأشيرة والرسوم التى سيتم دفعها، قال: “سنتبع نفس ما تتبعه السفارة المصرية فى السودان”.
ضوابط جديدة
ويبدو أن القاهرة لا تريد جواراً آمناً مع الخرطوم، فقبل أن تنتهي أزمة منع الصحفيين السودانيين من دخول أراضيها ظهرت قضية أخرى، ففي تصعيد جديد أصدرت السلطات المصرية أمراً يقضي بإلزام السودانيين القادمين لأراضيها تسجيل أسمائهم عند دخول القاهرة على أن يتم التسجيل في فترة أقصاها سبعة أيام.
وفرضت مصر غرامات مالية على المخالفين الذين لم يسجلوا أسماءهم خلال الفترة المحددة من دخولهم القاهرة، واعتبرت مصادر تحدثت للصحيفة الإجراء محاولة جديدة من السلطات المصرية للتضييق على السودانيين القادمين لمصر.
ومن الواضح أن الخرطوم بدأت فعلياً تطيبق سياسة التعامل بالمثل مع القاهرة في كل الجوانب فبعد قرار تسجيل الأسماء للسودانيين القادمين لمصر، وتطبيقاً لقرار فرض تأشيرة دخول على المصريين بالسودان بدأت السلطات السودانية في تطبيق رسوم الإقامات للمصريين بالسودان وغرامات للمخالفين بأثر رجعي، كشف مصدر لصحيفة (اليوم التالي) السودانية عن قيام سلطات مطار الخرطوم بإعادة عدداً من المصريين كأنوا ينوون المغادرة إلى بلادهم ورهنت السلطات مغادرتهم السودان بتوفيق أوضاعهم ودفع الغرامات المالية.
مصري مقابل سوداني
وفي تصعيد جديد في العلاقات المتوترة بين البلدين، قال وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور: إن “أي مواطن سوداني يتم إرجاعه دون إبداء أسباب سنرجع في مقابله مواطنا مصريا”.
وجاء التهديد السوداني في إطار استجواب برلماني للوزير بعد إبعاد مصر صحفيين ومواطنين سودانيين، بمعاملة مصر بالمثل إذا كررت إبعاد المواطنين السودانيين من أراضيها، كما اتهم جهات- لم يسمها- بأنها تعمل على إعاقة رفع العقوبات الاقتصادية الأمريكية الأحادية المفروضة على بلاده.
وأوضح “غندور”، أثناء رده على أسئلة النواب داخل البرلمان، أن هناك جهات- لم يسمها لكنه وصف بعضها بالعقارب- تعمل على إعاقة رفع العقوبات الاقتصادية الأمريكية الأحادية المفروضة على السودان.
وعبر الوزير عن أسفه لحدوث ذلك، مؤكدا أن تنفيذ اتفاق المسارات الخمسة مع الإدارة الأمريكية يمضي دون عقبات، على حد تعبيره.
وكان “غندور” قد أعلن، في وقت سابق، عن استفسار الخرطوم من القاهرة بشأن “مطالبة نائب المندوب المصري بمجلس الأمن، الإبقاء على العقوبات المفروضة على السودان”.
ماضون بالمثل
وأشار وزير الخارجية السوداني لنواب البرلمان، إلى أنه تلقى، قبل ثلاثة أيام، اتصالا من سامح شكري، وزير خارجية مصر، جاء فيه ضرورة طي ملفات الخلاف، مضيفا أنه تلقى، اليوم الإثنين، رسالة من شكري تحتوي على نقاط للتوافق عليها، وأن الجانبين العسكري والأمني في البلدين على اتصال مستمر، لكن “غندور” أكد في الوقت نفسه أن التعامل بالمثل حق ستمضي الوزارة فيه.
وأوضح “غندور” أن حكومته طلبت من مصر رسميا إخطارها بما إذا كانت لديها قائمة بصحفيين سودانيين محظورين من الدخول إلى مصر؛ وذلك للتشاور بشأنها “تحاشيا لمنع أي مواطن من الدخول إلى مصر”.
وأضاف وزير الخارجية السوداني أنه يتوقع رسالة من نظيره المصري حول العلاقات الثنائية والمحافظة عليها.
وكانت السلطات المصرية قد أوقفت مؤخرا الصحفيين السودانيين “إيمان كمال الدين، والطاهر ساتي” بمطار القاهرة، قبل أن تعيدهما للخرطوم بطريقة وصفها اتحاد الصحفيين السوداني بالمهينة.
ودعا صحفيو السودان حكومة بلادهم إلى طرد الإعلاميين الموالين لـ”الحكومة المصرية” بالخرطوم، ويأتي موقف الاستنكار الذي اتخذه الاتحاد العام للصحفيين السودانيين بعدما وصفوه باستمرار “احتجاز المخابرات المصرية صحفيّين سودانيين في مطار القاهرة، ومنعهم من الدخول إلى مصر”.