لم يكن من الغريب تفضيل البحرين التعامل مع الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب عن سابقه باراك أوباما، والذي انتقد مسؤولي إدارته المملكة البحرينية ودعا لتقديم بعض التنازلات للمعارضة الشيعية، ولم يقتصر الأمر على ذلك، حيث أوقفت إدارة أوباما بيع أسلحة بقيمة مليارات الدولارت للبحرين بسبب مخاوف متعلقة بحقوق الإنسان.
وبعد أن وصل ترامب للبيت الأبيض أظهر تخفيف هذه القيود حيث قال وزير خارجيته ريكس تيلرسون في مارس الماضي أن الإدارة الأميركية سترفع هذه القيود وتمضى في بيعها لـ 19 طائرة مقاتلة للبحرين.
وفي مقابلة مع صحيفة الخليج “تايمز” قال وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد الحليفة: إن “البحرين شهدت تفاهم أكبر من البيت الأبيض في وجود ترامب خاصة في ظل التحديدات التى تواجهها المملكة في المنطقة وخاصة تلك القادمة من إيران”.
ويأتي قرار ترامب بتخفيف القيود في الوقت الذي بدأت البحرين في تعديل دستورها بما يتيح محاكمة المدنيين عسكرياً بتهم تهديد أمن الدولة، وفي الوقت ذاته، أكدت تقارير صادرة عن الإستخبارات الأمريكية صحة إتهامات المنامة لطهران بتسليح ميليشيات الشيعة والذي بدأوا هجمات قاتلة في البحرين منذ 2011.
وقالت صحيفة “واشنطن بوست” في تقرير لها: أنه “بعد ست سنوات من بداية إحتجاجات سلمية من الشيعة ضد حكومة الدولة، يرى محللين امريكيين واوروبيين تزايد التهديدات من خلايا يتم دعمها وتمويلها من إيران”، وهو ما كان كافي لإدارة ترامب لتبرير دعمها لـ “آل خليفة”.
وقال المحللون السياسيون ” جيورجيو كافيرو” و جيس شاتز”: إن “البحرين اعتمدت لسنوات على حلفائها لتحقيق الأمن والاستقرار الداخلي من التهديدات الداخلية والخارجية حتى إذا جاء ذلك على حساب إستقلالها الذاتي، موضحين أنه بإعتبارها مضيفاً للأسطول البحري الأمريكي منذ 1995، فإن البحرين تعد أهم شريك دفاعي لواشنطن، وعلى الرغم من ذلك أثار فهم المنامة السلبي لمباردة إدارة أوباما الدبلوماسية تجاه طهران إحتكاكات في العلاقات الامريكية البحرينية”.
وأضافوا من خلال تدوينتهم بموقع “اتلانتك كاونسل”، أنه على عكس ما اعتقده المحللون، فإن “المنامة لم تقلق من البرنامج النووي الإيراني، بل دعمت البحرين هذه الإتفاقية التاريخية كضمان لعدم السماح لطهران أن تصبح قوة نووية مسلحة” موضحين أن “تحفظ البحرين هو خوفهم من إكتساب إيران قوة إقليمية بعد هذه الإتفاقية مما سيخفض من أهمية الممالك العربية الخليجية الإستراتيجية لواشنطن والتى كانت عليها منذ الثورة الإسلامية في طهران في 1979، حيث عبر مسؤولى دول الخليج عن خوفهم من عوده التحالف بين طهران وواشنطن لما كان عليه قبل الثورة الإسلامية، وحينها كانت إيران أهم حليف لواشنطن في الخليج العربي وجاءت الممالك العربية في المرتبة الثانية.”
وأكدوا أنه خلال مائة يوم في إدارته، إستطاع ترامب تهدئة هذه المخاوف. وعلى الرغم من عدم معرفة مستقبل تطورات الوضع بين أمريكا وإيران وكيف سيكون الرد الأمريكي على الإتفاقية النووية، إلا أن عدد من مسؤولي مجلس التعاون الخليجي عبروا عن ثقتهم من عدم تحسن الوضع بين طهران وواشنطن طوال سنوات تواجد ترامب في البيت الأبيض.
وأوضحوا أنه لهذا السبب، أظهرت إدارة البحرين تفضيلها لترامب عن اوباما والتى جاءت سياساته تجاه إيران على حساب المصالح الأمنية لدول مجلس التعاون الخليجي وفق ما يعتقدوه.
وعلى الرغم من كل إنتقاداته خلال حملته للصفقة النووية الإيرانية، إلا انه يبدو أن إدارة ترامب توصلت إلى أن هذه الإتفاقية يجب الحفاظ عليها. وهو ما توصلت إليه أيضاً دول مجلس التعاون الخليجي من أجل ضمانهم لعدم تطوير طهران لأي أسلحة نووية في الخمسة عشر عاماً القادمة على الأقل.
وبدلاً من سعي إدارة ترامب لإنهاء الإتفاقية، فإنها أعلنت تصميمها على مواجهة نفوذ إيران الإقليمي، وبهذه الطريقة فإن البيت الابيض سيزيد من دعمه لحلفائه التقليديين في المنطقة والذين يتشاركوا معه في وجهة نظره عن إيران بكونها السبب الاساسي لعدم استمرار الإستقرار والأمن في الشرق الأوسط، وفق ما قاله المحللين.