كشفت “حماس” في مؤتمرٍ لها بالدوحة الاثنين الماضي عن وثيقتها المُعدَّلة، اعتبرها محللون مطلعون خطوة متوقعة. ووفقًا لرئيس الحركة خالد مشعل، تعتبر الوثيقة الجديدة تعديلًا لوثيقة استمرت ثلاثة عقود؛ ما سيساعد على وضعها في مسار تحالف مع الفصائل الفلسطينية فيما يخص إنشاء دولة فلسطينية وفق حدود 1967.
وقال الباحث طلحة عبدالرازق إن هذه التعديلات لم تخلُ من الجدل، خاصة في أوساط المعسكر الفلسطيني الأكثر تحفظًا؛ حيث اعتبروا حماس منحت “إسرائيل” اعترافًا فعليًا، في حين تحاول وضع إطار لقرارها باعتباره استمرارًا للمقاومة الشعبية الفلسطينية.
وأضاف عبدالرازق في مقاله بموقع “ميدل إيست مونيتور” أنه في الوقت الذي تمحور النقاش حول تغيّر لهجة حماس وابتعادها عن مسارها في معاداة السامية بعد وصفها لليهود بالعدو، يبدو أن هذا الميثاق محاولة من الجماعة الإسلامية للتقرب من التيار السياسي الدولي.
وأوضح أنه كجزء من محاولتها للاندماج في المجتمع الدولي قرّرت حماس توضيح أنها على استعداد تقبُّل وجود دولة فلسطينية استنادًا إلى الحدود المعترف بها دوليًا وأنشئت كخطوط ترسيم قبل حرب الستة أيام في 1967 وهزمت فيها “إسرائيل” جيوش التحالف العربي واحتلت مزيدًا من الأراضي الفلسطينية.
وأشار إلى أن الجماعة التي كثيرًا ما نادت بتدمير “إسرائيل” وتحرير فلسطين بأكملها، جاء في المادة 20 من ميثاقها ما اعتبر اعترافًا بدولة “إسرائيل”، موضحًا أنه على الرغم من محاولة “حماس” التلاعب بالألفاظ بقولها إنها لا تعترف بشرعية “إسرائيل”؛ فإن ذلك عكس ما جاء في الوثيقة، حيث إن إنشاء دولة فلسطينية بحدود 1967 يتضمن اعترافها بوجود “إسرائيل”؛ وإلا فإن المجتمع الدولي بقيادة أميركا سيستمر في تهميشها.
وأوضح أن “حماس” ترى أن قيام الدولة الفلسطينية على أساس حدود 1967 كـ”صيغة توافق وطني” يمكن أن تعطيها والفصائل الأخرى سببًا مشتركًا يمكن من خلاله التفاوض، مضيفًا أنه على الرغم من علم “مشعل” بعدم حدوث أي مفاوضات مباشرة مع “إسرائيل” في أي وقت قريب؛ فإن حقيقة اعتراف حماس بحلّ الدولتين في الوقت الذي لم يعترف أي طرف بوجودها يعتبر أمرًا هامًا.
واعتبر أن موافقة الحركة على إقامة دولة في حدود 1967، خاصة بعد دعواتها المتكررة بالتحرير الكامل للأراضي الفلسطينية، يعتبر تدبيرًا مؤقتًا يسمح للفلسطينيين بدرجة من السيادة والسيطرة يُمكّنهم من تطوير قاعدة قوتهم.
وأضاف أن حماس لم توضح خطوتها التالية ضد “إسرائيل” في حالة إنشاء دولة فلسطينية، وهي ما تعتبر نقطة شائكة للمجتمع الدولي، وأداة سياسية سيتم استخدامها من المفاوضين الإسرائيليين، الذين سيوجّهون اتهامات بعدم جدّية حماس في حل الدولتين؛ ولكنها تحاول تنفيذ حيلة خاصة بها.
وقال إنه على الرغم من أن هذه المزاعم تأتي من “إسرائيل” التي تستمر في بناء مستوطنات غير شرعية، فالحقيقة أن حل الدولتين والمفاوضات تبقى في صالح “إسرائيل”؛ بسبب موقفها الدولي.
وأكد أنه يجب على حماس توضيح طريقة وصولها إلى حل الدولتين دون الاعتراف بـ”إسرائيل”، وكذلك توضيح نيتها في تحرير كل الأراضي الفلسطينية باستخدام حل سلمي أو عسكري.
ولا تعتبر الإجابة عن ذلك في صالح المجتمع الدولي فقط؛ ولكنها أيضًا ضرورية لمناصرى حماس الذين يشعرون أن المقاومة اتخذت خطوة إلى الخلف بالاعتراف غير المباشر بـ”إسرائيل”.