بعد تعرّض الرئيس الجزائري بوتفليقة لأول نوبة قلبية ونقله إلى مستشفى فرنسي لتلقي العلاج، حاولت جماعات قوية التنافس سرًا لنيل منصب الرئيس، ولكن دون جدوى؛ فعلى الرغم من مرضه وتنقله على كرسي متحرك يبدو أنه لا زال يتمتع بالسلطة وبثقة القادة العسكريين.
ويعتمد الاقتصاد الجزائري بشكل كبير على أرباح البترول. ومثل دول المنطقة المنتجة للبترول، أصبحت الجزائر دولة ريعية ضخمة وتستخدم هذه الأرباح لشراء السلام الاجتماعي في شكل توزيع للثروة؛ ولكنها تهدف في النهاية إلى إدامة النظام الذي يسيطر عليه الجيش.
وقالت صحيفة “إنترناشونال بوليسي دجيست” إن نصف عوائد البترول توضع في حسابات سرية ببنوك سويسرا لصالح كبار الضباط، الذين يعتبرون أنفسهم الراعين الشرعيين لاستقلال الجزائر، ومستعدون لاستخدام القوة لحماية فوائدهم المادية للحفاظ على السلطة.
وأضافت الصحيفة أنه بانخفاض أسعار البترول ستواجه الجزائر قريبًا خيارات صعبة؛ فبداية يمكن أن تستخدم الصندوق السيادي للحفاظ على الوضع الاجتماعي الحالي، وبمجرد استنزافه لن يكون هناك بديل سوى الخيارات الصعبة؛ منها خفض الدعم، وهو ما بدأ في عدة مناطق.
وفي تصرف محفوف بالخطر، وضعت الجزائر السنة الماضية شروطًا صارمة على استيراد السيارات؛ ما أدى إلى احتجاج دبلوماسي من دول بالاتحاد الأوروبي، منهم ألمانيا التي مُنعت من إدخال سياراتها المُصنعة إلى السوق الجزائري.
وتدعم الجزائر كل شيء، من الطب وحتى السكن؛ ولذا فإن أي محاولة لرفع الدعم سيعد بمثابة انتحار سياسي؛ بسبب الاحتجاج على إنكار الجيش لحقوقهم على الرغم من إشباعه لرغباته وإحتياجاته.
وإذا شعر الشعب الجزائري بالضغط الاقتصادي فسينزل إلى الشوارع للاحتجاج والتنديد بسياسة حكومته، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تشابك مع الشرطة؛ ولكن مع مرور الوقت سيؤدي إلى انتفاضات بانضمام مزيد من المدن إلى التظاهرات.
وعلى الرغم من حدوث تظاهرات الربيع العربي في دول أخرى فإنه لم يحدث في الجزائر؛ بسبب تذكر شعبها للحرب الأهلية ورغبته في تجنب حلقة دامية أخرى. ولكن الوضع الآن مختلف؛ فالجزائريون يريدون النجاة، وإذا أُنكر عليهم حقهم في الدعم سيُدعمون للديمقراطية الشاملة.
وفي هذه الفترة، لا يتضح مستقبل الجزائر، وهناك حاجة ملحة إلى تغييرات جذرية وعاجلة في السياسة والاقتصاد لتجنب التظاهرات والثورات.
ومن الحقائق المؤكدة أن العيش يأتي قبل الديمقراطية في اهتمامات الشعوب؛ فإذا حجبت المؤسسة الجزائرية الدعم سيدعم الجزائريون الديمقراطية بأي ثمن.