يواجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب اختبارًا مبكرًا لسياسته الخارجية؛ إذ يجب أن يقرر قبل يوم 25 مايو المقبل الاكتفاء بالقوات الأميركية في أفغانستان أو إرسال مزيد منها.
وقالت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية إن مستشارين لترامب وقادة عسكريين أوصوا بإرسال ما يقرب من ثلاثة آلاف إلى خمسة آلاف من القوات الإضافية لتعزيز وجود حوالي 8400 من القوات الأميركية المتواجدة هناك ولمساعدة الحكومة الأفغانية في حربها على طالبان المستمرة منذ 15 عامًا.
وأكد خبراء أن هذه الخطة صممت لكسر حالة الجمود التي تشهدها المعركة، وللضغط على طالبان للتفاوض لعقد اتفاقية سلام مع الحكومة الأفغانية.
وقال الخبراء في لقائهم مع صحيفة “ذا دايلي سيجنال” إن الاستراتيجية المقترحة لا تمثل تصعيدًا أميركيًا في الحرب على الجماعات الإرهابية في أفغانستان، موضحين أن هذا القرار سيمثل تحديًا لعقيدة تطوير السياسة الخارجية للرئيس، القريبة إلى نهج يتطلب تدخلًا أقل بدلًا من التعمق في الالتزامات العسكرية الخارجية؛ ومن المتوقع أن يُصدر ترامب قرارًا قبيل اجتماع الناتو في 25 مايو الجاري.
وقال الصحفي بيل روجيو إنه يعتقد أن مستشاري ترامب يرغبون في إيقاف الدماء في أفغانستان حاليًا، موضحًا أنه لا يوجد قبول شعبي ولا بين أعضاء الكونجرس بزيادة التدخل العسكري الأميركي في الحروب الخارجية.
ورأى بيل أن إرسال مزيد من القوات لن يعمل على تغيير جذري في الوضع بأفغانستان؛ حيث قتل حوالي ألفين من القوات الأميركية وأصيب ما يقرب من 20 ألفًا خلال الحرب على الجماعات المتطرفة بأفغانستان في الحرب المستمرة منذ 15 عامًا.
وتعهد الرئيس السابق باراك أوباما بتقليل التدخل العسكري الأميركي في أفغانستان، وبالفعل عمل على تقليل تواجد القوات الأميركية، ولكنه لم يسحب قواته بالكامل لأسباب أمنية؛ حيث تمكنت طالبان من اكتساب مناطق. وقالت وكالات، منهم رويترز، إن الجماعة المتطرفة تسيطر الآن على 40% من الدولة، ووصلت خسائر القوات الحكومية العام الماضي إلى مستوى لم تصل له من قبل، إضافة إلى إنشاء “القاعدة” معاقل في أفغانستان بجانب تواجد لداعش.
وقال رئيس برنامج السياسة الخارجية بمعهد بروكينجز، مايكل أوهانلون، إن أفغانستان لا تعتبر المكان الوحيد الذي يوجد به إرهابيون؛ ولكن بسبب وجود طالبان وظهور داعش أظهر هذا المكان قدرته على إخراج أشخاص سيئين؛ ولذا فالوجود الأميركي المستمر في جنوب شرق آسيا يعد دعامة هامة لأميركا في مواجهتها للإرهاب.
وتملك أميركا الآن مهمتين أساسيتين في أفغانستان: أولاهما تدريب القوات الأفغانية، والأخرى مواجهات مناهضة للإرهاب؛ منها الغارة الأخيرة التي قتلت قائد داعش في أفغانستان.
ووفقًا لصحيفة نيويورك تايمز، ستسمح خطة إدارة ترامب الجديدة بوجود مستشاريين من أميركا لمساعدة القوات الأفغانية والعمل بالقرب في الخطوط الأمامية. ووفق هذا المقترح، ستضع أميركا موعدًا نهائيًا لانسحابها.
وقال نائب رئيس مؤسسة هيرتيج للسياسة الخارجية والدفاع، جيمس جاي، إن السلطة الأفغانية ستظل تقود الوضع في بلادها، مضيفًا أن إرسال قوات إضافية لا يعد توسيعًا للصراع ولن يجلب أي انتصار سريعًا ونهائيًا؛ لكنه بمثابة تهيئة الوضع للاستقرار، وهذا هو الهدف من زيادة عدد القوات.
وقال خبراء آخرون إنه بزيادة عدد القوات فإن الإدارة الأميركية تخاطر بتورطها في وسط المعركة، في الوقت الذي تتضاءل فيه فرص السلام؛ بسبب التحديات التي تواجهها من مزاعم الفساد التي تواجها الإدارة الأمنية الأفغانية مع عدم رغبة طالبان في تقديم أي تنازلات.
وتمكنت طالبان أيضًا من تقوية موقفها بدعم من إيران وروسيا في الوقت الذي قدمت فيه باكستان ملاذات آمنة للمليشيات. وقال الجنرال جون نيكولسون في فبراير الماضي أمام الكونجرس إنه يجب إعادة النظر في السياسة والمساعدات المالية لباكستان.
بينما قالت الباحثة السياسية بمؤسسة راند “ريبيكا زيمرمان” إن الدعم الأميركي في أفغانستان هام لمنع انهيار الحكومة الأفغانية؛ فقد يؤدي ذلك إلى وجود فراغ سياسي يمكن استغلاله من الجماعات الإرهابية.
وأوضحت أن انهيار الحكومة الأفغانية يعتبر أكبر تهديد لأميركا؛ حيث سيتسبب في حروب أهلية؛ ما سيجعل من السهل دخول جماعات إرهابية، وقالت: إذا استطاعت أميركا دعم القوات الأفغانية لمنع وقوع أحداث كارثية فيجب استخدام هذه القوات بشدة.
وقال بيل روجيو إنه مع غياب نهاية قريبة للحرب يجب التساؤل عن مدى جدوى استمرار أميركا في الدفع بمزيد من القوات والدعم المادي في الحرب الأفغانية التي تكلف مايقرب من 23 مليار سنويًا. لكنه قال إنه على الرغم من ذلك سيتسبب الانسحاب في كوارث؛ حيث سيُعدًا انتصارًا للجهاديين حول العالم.