استمرت الحرب التي تقودها السعودية في اليمن عامين رغم وجوب استمرارها أسابيع قليلة، ووصل القتال إلى طريق مسدود توقعه عديدون. وقالت صحيفة “لوبي لوج” في تقريرها إنه “من غير المتوقع وجود حلول عسكرية لهذا الصراع؛ حيث تمكنت قوات التحالف التي تقودها السعودية من تدمير معظم الأهداف التي كان لها تأثير استراتيجي، والآن لم يعد لديهم أهداف تكتيكية سوى القليل”.
وأدت حالة الجمود إلى مطالبة أميركا بالتدخل لإحداث تأثير حاسم؛ للضغط على الحوثيين وعلي عبدالله صالح للتفاوض. ولكن، بعد لقاءات بين أميركا والسعودية، دعا وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس إلى حلول سياسية في اليمن.
وتوقع خبراء أن يبدأ التغيير الحاسم من ميناء الحديدة في البحر الأحمر مع استعداد القوات اليمنية للهجوم على الميناء، وستنطوي خطة الهجوم على تقدم قوات التحالف شمالًا وجنوبًا في التوقيت نفسه؛ ومن المتوقع أن يستمر ما بين أربعة أسابيع وستة.
وقالت الصحيفة إن الأزمة التي ستسببها هذه الخطة كبيرة؛ فستؤثر على تدفق الطعام لأغلبية الشعب اليمني، عن طريق إيقاف أي تحرك في ميناء الحديدة الذي يمر من خلاله حوالي 90% من واردات الطعام من الخارج، وحتى إذا استمرت الهجمات لأربعة أسابيع فقط سيكون الوضع كارثيًا.
ومن الناحية العسكرية، لا توجد حاجة ملحة للسيطرة على الحديدة بعد تقدم قوات التحالف جنوبًا من ناحية الحدود السعودية وشمالًا من ناحية عدن؛ ما جعل نهاية الحديدة قريبة دون أي تدخل. وكل ما تحتاجه قوات التحالف التقدم بشكل أكبر وقطع الطريق على الحوثيين عن قواعدهم الجبلية؛ ولكن يبدو أن التحالف سيحاول اقتحام الحديدة، ومن الواضح أن هناك استعدادات لمثل هذه الهجمة.
وعلى الرغم من الادعاءات بأن الحديدة تعتبر امتدادًا لطريق يستخدم لتهريب الأسلحة يبدأ من إيران؛ فإن الأبحاث كشفت أربعة طرق متورطة في التهريب، منها المخا في البحر الأحمر وليست الحديدة، وهي تقع تحت سيطرة التحالف منذ يناير الماضي.
وقال خبراء بالأمم المتحدة إنهم لم يتوصلوا إلى دلائل تؤكد وجود أي إمدادات أسلحة واسعة من حكومة إيران، على الرغم من وجود تهريب محدود عبر عمان. ولا يحتاج الحوثيون إلى أسلحة من الخارج؛ بسبب سيطرتهم على مخازن أسلحة. وفي الواقع، يعد ميناء السليف ذا أهمية كبرى بالنسبة إلى صالح، وبنسبة أقل إلى الحوثيين؛ حيث يحدث التهريب منه لسلع تباع للأرباح، ولا يستخدم في الحرب اليمنية.
وقال التقرير إنه من غير الواضح حتى الآن الأطراف المشاركة في معركة ميناء الحديدة؛ حيث من المفترض أن يشارك يمنيون دُربوا مؤخرًا. ولكن، في الوقت الذي تتقدم فيه القوات المناهضة للحوثيين من الشمال، يقل حماس الجنود للقتال؛ بينما يستعد الحوثيون للمعركة جيدًا. وعلى الرغم من الاستيلاء على مدينة المخا الصغيرة في يناير فإن المعركة استمرت لمنتصف مارس؛ ولذا من المتوقع أن يستمر الصراع في الحديدة؛ ما سيعمل على زيادة خطر المجاعة. وإذا حدث ذلك، فمن المؤكد أن السعودية ستطلب التدخل المباشر من القوات الخاصة الأميركية.
وتساءل عديدون عن مدى أهمية الفوز في معركة الحديدة بالنسبة إلى السعوديين. وترغب السعودية في بدء هذه الحملة لتشتيت الأنظار عن الأزمات السعودية الداخلية، وأكد محلل سعودي أن هدف بلاده السيطرة على مدينة تعز قبل بدء أي محادثات.
وقالت الصحيفة إنه إذا أرادت أميركا أن تبدأ مفاوضات بخصوص الوضع في اليمن لإنهاء الصراع فيجب عليها الضغط على السعوديين والرئيس الانتقالي عبدربه منصور هادي لبدء مفاوضات. ورغم إبداء الحوثيين نيتهم في التفاوض؛ إلا أن السعودية رفضت ذلك وأعلنت تمسكها بمطالبها، التي رفضها الحوثيون من قبل.
وهناك ثلاثة شروط لهذه المحادثات، وستسمر هذه الشروط في حالة فشل المفاوضات؛ وهي التزام الحوثيين بالاتفاقيات السابقة وبنود قرار الأمم المتحدة رقم 2216، وأن يتركوا أسلحتهم ويسمحوا لحكومة اليمن بالعودة لصنعاء.
وقالت الصحيفة إن هناك عاملين يجب على التحالف وهادي وضعهما في الاعتبار قبل رفض التفاوض: أولهما أهمية أميركا؛ حيث قال ترامب مؤخرًا إن السعودية بدأت في التقليل من أميركا بسبب عدم دعمها المادي الضخم للدفاع عن الرياض.
والعامل الآخر، رغم أن الأمير السعودي محمد بن سلمان يرى قوات التحالف تستطيع التغلب على الحوثيين وصالح في أيام قليلة؛ إلا أن علي عبدالله صالح فاز في حربين داخليتين معترف بهما في 1962 وحتى 1970 وفي 1994، وكذلك حربين غير معترف بهما في 1978 و2011، وفي صراعات مع اليمنيين في الجنوب. ومن جانبهم، حارب الحوثيون في ست حركات تمردية ضد حليفهم الحالي علي عبدالله صالح ولم يظهروا أي نية في الاستسلام.
ويبقى التساؤل الآن: كيف يرى التحالف وهادي شكل الانتصار: هل هو مساومة فعالة وفرصة لإعادة بناء اليمن، أم أمل زائف في النصر وتجويع مزيد من الأطفال؟