من جديد يتكرر المشهد وتتسع أزمة نقص البنزين والسولار فى محطات الوقود بمعظم أنحاء الجمهورية، فتكاد لا تخلو محافظة اليوم من طوابير للسيارات أمام محطات الوقود، ولا تخلو أيضا من اختناقات مرورية بسبب تلك الطوابير، وما يترتب عليها من مشاجرات بين المواطنين.
ووسط إضراب هيئة النقل العام الذى نشهده هذه الايام لم يعد أمام المواطن البسيط سوى خيار من اثنين فإما أن يجلس فى المنزل فى انتظار حل الحكومة السحرى للأزمة، وإما أن يستسلم لجشع بعض سائقى الميكروباصات الذين لا يجدون حرجا من استغلال هذه الظروف الصعبة لزيادة تعريفة الركوب.
وكالعادة دائما يبقى المواطن البسيط فى واد والحكومة فى واد آخر.
ففى ظل المعاناة التى يعيشها المواطنون جراء تلك الأزمة نجد وزارة التموين تلقى بالمسئولية إلى وزارة البترول، والأخيرة بدورها تصرح أن الأزمة ليست فى نقص المعروض من المنتجات البترولية، وإنما المشكلة مشكلة النقل والتوزيع وكأن تلك المهمة ينبغى أن يقوم بها المواطنون من دون أدنى رقابة من الحكومة.
الطوابير بمئات الامتار فى الاسكندرية
"رصد" تابعت الأزمة فى عدة محافظات، ففى الإسكندرية امتدت الطوابير المصطفة لمئات الأمتار من سيارات ملاكى وأجرة وشاحنات أمام محطة الوقود مما جعل الاختناق المرورى أمرا شائعا بالمحافظة.
وقال احد السائقين: أصبحنا نقف فى الطابور لأكثر من ثلاث ساعات للحصول على البنزين لنجد قوت يومنا، وقال سائق اخر: المشهد يتفاقم نتيجة الاختفاء الدائم والمتكرر لهذه السلعة الحيوية، مؤكدا أن بعض محطات الوقود تستغل الأزمة لترفع سعر البنزين.
وحمل بعض سائقى الأجرة مسئولية الأزمة للحكومة والمجلس العسكرى، مشيرين إلى أن هذه الأزمة أصابت حياتهم بالشلل وقطعت من قوت أبنائهم.
"النصر"تتحكم فى بنزين السويس
وفى السويس شهدت محطات البنزين أزمة حادة ايضا بسبب نقص البنزين وامتد الطوابير أمام الطرق الرئيسية والفرعية فى جميع أنحاء المحافظة، كما نشبت عدة مشاجرات بين السائقين بسبب أولوية الشراء.
وقد قام عدد كبير من محطات الوقود بالمحافظة بتعليق لافتات مكتوب عليها لا يوجد بنزين، إلى جانب إغلاق محطات أخرى.
وانتشرت تروكسيلات تحمل عدد من (جراكن البنزين) لبيعها لسائقين الامر الذى نتج عنها بعض المشاجرات.
وأكد غريب محمود السيد (45عام) احد مواطنى السويس: إن أكثر المناطق التى ظهرت فيها الأزمة هى منطقة حى الأربعين، ومدينة فيصل وبنزينة الكيلو، وموبيل.
مرجعا السبب فى ذلك إلى أن هناك شركتين فقط هما المتحكمتين فى السوق هناك وهما شركة السويس لتصنيع البترول، وهى متوقفة للصيانة وشركة النصر لتصنيع البترول.
ملمحا إلى أن الأزمة كانت قد تم حلها من قبل بعد تدخل المحافظ وبالتعاون مع شركة النصر، وأصبح هناك فائض فى المعروض بالمحطات مما شجع أصحاب رؤوس الأموال على عمليات تهريب البنزين والسولار.
اختفاء السولار بالدقهلية
وفى محافظة الدقهلية اختفى السولار من معظم المحطات الأمر الذى دعا سائقى النقل الثقيل إلى صف عرباتهم بجوار محطات البنزين القليلة التى يوجد بها السولار، وأصبح من المعتاد الآن بالمحافظة الازدحام المرورى الكبير على الطرق السريعة قبل اى محطة بنزين بعدة كيلو مترات، خاصة طريق المنصورة القاهرة السريع.
بلطجية البنزين بالغربية
وبالنسبة لمحافظة الغربية فقد شهدت هجوم عدد من البلطجية على احدى محطات الوقود وأخذوا البنزين بالقوة لبيع الجراكن بأسعار تتراوح من 35 الى 60جنيها، وسط صمت تام من مباحث التموين.وفى بندر المحلة داخل محطة بنزين الكمونى قال محمد عادل –سائق-: "أنا واقف من الساعة 8 الصبح للساعة 5 العصر ولسه مخدش جاز من الزحمة، وراكن العربية وواقف بجركن عشان أعرف أمشى، ومحطة الشئون يوجد بها جاز بس هما مش عاوزين يشتغلوا وبلغنا الشرطة ومحدش اتحرك.
ولجأت داليا احمد إلى حيلة لتساعد زوجها فى الحصول على الجاز حيث نزلت هى وبناتها ووقفوا فى طابور، بينما زوجها فى طابور أخر، إلا أنها فوجئت بهم لا يعطون جاز "للحريم".
وأوضح جمال احمد عبد الرحمن المسئول عن المحطة أن الأزمة مستمرة منذ 5 أيام وهى مفتعلة؛ لان حصة البنزين تأتى إليهم ناقصة، حيث إنه فى السابق كان الوارد إليهم 18 طن بنزين أما الآن وصلوا إلى 10 فقط.
من المنصورة الى المحلة "لا وجود للبنزين"
لم يؤثر نقص البنزين فقط على السائقين وإنما أيضا على المزارعين.المعداوى السيد فلاح من الدقهلية من قرية ميت عباد مركز نبروه يمتلك فدانين قطن ظل يومين يبحث عن الجاز فى عدة مناطق فمن المنصورة إلى سمنود إلى محلة زياد، وأخيرا إلى المحلة ليقوم برى محصوله.
قال المعداوى "لرصد": الجاز الذى يباع فى السوق السوداء مخلوط بالماء وسعره مرتفع يصل لـ60 جنيها، لكنه امتنع عن شرائه.
اقتحام مديرية التموين بسوهاج
فى محافظة سوهاج وصلت الأزمة إلى ذروتها حيث اقتحم أهالى سوهاج وسائقوا السرفيس والتاكسى والميكروباص أمس مبنى مديرية التموين والتضامن بالمحافظة بعد فشلهم فى حل أزمتى البوتجاز، والبنزين والسولار الطاحنتين التى تمر بهما المحافظة منذ الشهور الأربعة الماضية، وقاموا بغلق الأبواب الرئيسية لمديرية التضامن والتموين اللذين يقعان بداخل مبنى واحد لمنع خروج الموظفين المتواجدين بداخل المبنى، وحطموا مكتب وكيل وزارة التموين المهندس رشاد نصرالدين، ووكيل مديرية التضامن لاتهامهما بالتقصير فى احتواء الأزمة بعد فشلهم فى سد احتياجات المواطنين من أسطوانات بوتاجاز وسولار، كما قام عدد من السائقين، بمحاصرة ديوان عام المحافظة، احتجاجًا على نقص أسطوانات البوتاجاز فى كافة قرى ومدن المحافظة، كما قام العشرات منهم بقطع الطرق الرئيسية من وإلى سوهاج، والطرق الفرعية داخل مدينة سوهاج بالكامل مما أصاب المحافظة بالشلل التام فى كافة المصالح والخدمات.
فيما تدخل مدير الأمن اللواء عبد العزيز النحاس لحل أزمة قطع الطريق، وقد أثار غياب المحافظ وعدم تواجده أو تدخله حفيظة المواطنين مما دعاهم للهتاف ضده، مطالبين المحافظ بالرحيل عن منصبه واتهامه بأنه سبب تفاقم الأزمة.
كما نجحت جهود مديرية الأمن برئاسة اللواء عبد العزيز النحاس وقوات الشرطة بمركز البلينا بسوهاج في إعادة فتح الطريق السريع أمام السيارات بعدما قطعه المئات من الأهالي احتجاجًا على نقص البوتاجاز والبنزين والسولار، وهو ما أدى إلى تهديد مصنع سكر جرجا بالتوقف ووقوع خسائر فادحة، حيث يعتبر الطريق الوحيد الذى تمر من خلاله سيارات النقل الثقيل والقاطرات المتخصصة في نقل القصب إلى المصنع والقادمة أغلبها من محافظة قنا.
إضافة الى أن القطار المتخصص فى نقل القصب الى المصنع بطيء جدا ويستغرق وقتا طويلا فى المرور على المزارعين كل على حدة ولا يستطيع توفير الكميات المطلوبة لتشغيل المصنع بالسرعة التى تقوم بها سيارات النقل الثقيل.
وفى نفس السياق نظم طلاب وطالبات المعاهد بحى الكوثر مسيرة من ميدان الثقافة حتى ديوان المحافظة وقطعوا الطريق احتجاجا على عدم توافر سيارات الأجرة لنقلهم إلى كلياتهم ومعاهدهم، واستغلال بعض السائقين لتلك الأزمة فى رفع تعريفة الأجرة من جنيه ونصف إلى 5 جنيهات، فيما قطع سائقوا وأهالى أولاد يحيى بدار السلام الطريق احتجاجا على عدم توفر السولار والبوتاجاز أيضا.
ومن ناحيته أرجع محافظ سوهاج اللواء وضاح الحمزاوي كثرة ارتفاع عدد الاحتجاجات بالمحافظة من أجل البنزين والسولار وأسطوانات البوتاجاز إلى مافيا السوق السوداء، نافيا أن يكون ضعف حصة المحافظة هو السبب، حيث تضاعفت هذه الحصة فى الفترة الأخيرة، على حد قوله.
وطالب الحمزاوي أجهزة الأمن فى المحافظة بتكثيف الحملات على تجار الوقود متهما الأجهزة الأمنية بالتقصير؛ لأنهم يعرفون أسماء تجار السوق السوداء وأماكن توزيع الوقود.
وفى سياق متصل تمكنت مباحث مركز شرطة جهينة بمحافظة سوهاج من ضبط سيارة محملة بكمية كبيرة من بنزين 80 بلغت 60 طن بنزين أثناء قيام شخصين ببيعها داخل المقاهى للسائقين بالطريق الصحراوى الغربى دائرة المركز وقد تم القبض على المتهمين وإخطار النيابة.
تعريفة الركوب خيالية بالمنوفية
وفى محافظة المنوفية أغلق الطريق الزراعى (القاهرة –المنوفية) تماما نتيجة تكدس السيارات أمام محطات الوقود وهو ما دفع بعض السائقين إلى سلك طرق أخرى جانبية تأخذ ضعف الوقت تقريبا الأمر الذى أزعج المواطنين.
كما رصدت "رصد" العبء المادى الذى يتحمله المواطنون بالمنوفية نظرا لرفع تعريفة الركوب من جانب السائقين والتى ارتفعت من 4 جنيهات وربع جنيه إلى 6 و10 جنيهات.
سيارة ابو الفتوح "بلا وقود" باسيوط
وفى محافظة أسيوط تعرض المرشح المحتمل للرئاسة الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح لموقف طريف يعكس الازمة من باب "شر البالية ما يضحك"حيث نفد الوقود من سيارة المرشح منذ أيام قليلة بالقرب من محافظة اسيوط وذلك أثناء حملة ابو الفتوح الانتخابية باسيوط،وقام عدد من شباب الحملة بجلب "جركنين" من البنزين لتدارك الموقف ،خشية تعرض سيارة المرشح الرئاسى لهجوم من جانب البلطجية.
وقد أعلن اليوم سائقوا الميكروباصات إضرابهم عن العمل نتيجة ما يعيشونه من معاناة بسبب نقص السولار والبنزين، مؤكدين عدم توافر حصص من البنزين بمحطات الوقود التابعة لقراهم، وخطورة الطرق غير الممهدة من والى أبنوب.
وقد كانت هناك محاولات من جانب رئيس مجلس المدينة بأبنوب ونائبه لحل الإضراب إلا أنها باءت بالفشل وانصرف السائقون تاركين الركاب دون مواصلات.
وأوضح عمر احمد على (سائق) أن الأزمة مفتعلة من قبل اصحاب محطات البنزين؛ معللا ذلك بأنهم يقومون ببيع السولار والبنزين ليلا فى السوق السوداء بأسعار تفوق السعر الاساسى، حيث سعر صفيحة السولار الاساسى لا يتعدى 23 جنيها، بينما يتجاوز سعره فى السوق السوداء الثلاثون جنيها.
ويؤكد ياسر سمير (سائق) أن سبب هذه الأزمة فى اسيوط هم أصحاب الجراكن الذين يقومون بتخزين كميات هائلة تتعدى الـ 1000 لتر مما ينتج عنه عدم اكتفاء الكمية للآخرين وسماح أصحاب المحطات بهذا هو من أهم وأول الأسباب، حيث انه لو تم توزيع الكميات التى يحصل عليها شخص واحد تكفى لعشرون سيارة أخرى.