بعد تعثّر نجاح المشروعات الكبرى التي أعلن على مدار العامين الماضيين إطلاقها، لجأ عبدالفتاح السيسي هذه الآونة إلى تصدّر مشاهد افتتاح الكباري والأنفاق والمحاور، في الوقت الذي توقف فيه الحديث عن مشروعاته الكبرى التي وعد المصريين أن تجني مليارات الدولارات في وقت زمني محدد.
وافتتح بنفسه ما نفّذته وزارة النقل، وشملت ثلاثة مشروعات كباري باستثمارات 602 مليون جنيه.
وسافر السيسي إلى سوهاج لافتتاح كوبري محور جرجا على النيل بسوهاج، ضمن زيارته لمحافظات الصعيد لافتتاح مشروعات صغيرة وكباري أخرى (النيل والسكة الحديد والطريق الزراعي والبلينا) وخمسة أنفاق (الديكوفيل ونجع رشوان 1 ونجع رشوان 2 ونجع النصارى ونجع حسونة).
مشروعات صغرى
ويأتي لجوء السيسي إلى المشروعات الصغرى بعد شعور المصريين بإخفاقاته؛ الأمر الذي برّره في الخطاب نفسه بوصفه بالعمل المضاد والسلبي، غير أنه في 14 خطابًا آخر حذّر من “أهل الشر” الذين يهددون البلاد ويُخفي عنهم إنجازاته، فقال في خطاب له في نوفمبر الماضي: “في مشاريع وكلام كتير مارضاش أقوله عشان أهل الشر”.
وفي العامين الماضيين أغرقت السلطة المصريين بدعاية لما سمتها “مشاريع قومية”، روّجت لها باعتبارها ستنتشل البلاد من حالة التدهور الاقتصادي؛ لكن ما تحقق منها لم يؤت ثماره المرجوة، فضلًا عن أخرى لم تُنفذ من الأساس.
عاصمة السراب
وفي الوقت الذي تختنق فيه العاصمة القاهرة بأزمات المرور والعشوائيات والتلوث وانقطاع الكهرباء والمياه وانسداد الصرف الصحي، كان السيسي يأمر مسؤولًا في حكومته أمام شاشات التلفاز بتقليل المدة المحددة لإنشاء عاصمة إدارية للبلاد من عشر سنوات إلى خمس فقط.
وحسب ما أعلنه وزير الإسكان في المؤتمر الاقتصادي، فالمشروع سيتكلف 45 مليار دولار؛ ويتضمن نقل مباني الحكومة والبرلمان والرئاسة إلى المدينة الجديدة، وإنشاء ناطحات سحاب ومدينة ترفيهية.
وانتظر المصريون عاصمتهم الجديدة التي ستناطح السحاب، لكنهم فوجئوا بإلغاء مذكرة التفاهم التي وقعتها شركة إماراتية لتنفيذ المشروع؛ ليصدر قرار رئاسي في فبراير/ شباط الماضي بتخصيص اﻷراضي المحددة للمدينة لصالح وزارة الدفاع، وتولي شركات صينية إنشاء العاصمة.
تفريعة السويس
أبرز المشاريع التي ضخّمت السلطة من جدواها الاقتصادية تفريعة قناة السويس التي افتتحت في أغسطس/ آب الماضي؛ إذ صوّرت المشروع بوصفه مجرى ملاحيًا جديدًا يوازي القناة الأصلية رغم أنه لا يتعدى كونه تفريعة طولها 37 كيلومترًا.
وجيوب المصريين كانت السبيل لتنفيذ المشروع؛ عبر طرح شهادات استثمار بقيمة 68 مليار جنيه بفائدة 12%.
ورغم توقعات رئيس هيئة قناة السويس اللواء مهاب مميش بأن تبلغ عائدات القناة مائة مليار جنيه سنويًا بافتتاح التفريعة، فإن الإيرادات انخفضت العام الماضي إلى 5.175 مليارات دولار، بنقص بلغ 290 مليون دولار عن عام 2014.
وأكد تقرير الملاحة الصادر عن قناة السويس تراجع الإيرادات في يناير الماضي بنسبة 5.2% عن إيرادات الشهر نفسه من العام الماضي بنحو 23 مليون دولار.
أجيب منين؟!
وقال السيسي إن الدولة تنفذ ثلاثة مشروعات حالية لزيادة الإنتاج وتوفير السلع بأسعار مناسبة لدخول المواطنين؛ لكنها تحتاج إلى نحو 190 مليار جنيه لإتمامها، مضيفًا أن المشروعات كثيرة وتحتاج إلى مبالغ مالية طائلة، والدولة ليس في قدرتها القيام بكل هذه الأمور في فترة قصيرة، قائلًا: “عارف إن الوضع صعب، بس أجيب منين؟!”.
وطالب السيسي المصريين بقبول اعتذاره عن الإجراءات الإصلاحية التي ضيّقت على المصريين أوضاعهم، وأفاد بأنه مُجبَر على تنفيذها في الوقت الحالي لحماية الأجيال المقبلة من مصائر مجهولة.