نشرت صحيفة “يني شفق” التركية مقالًا للكاتب طه كيلينج تحدّث فيه عن الأزمة الأخيرة بين قطر ودول السعودية والإمارات ومصر والبحرين، تلك الأزمة التي اندلعت مع التصريحات المنسوبة إلى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وأشاد فيها بإيران ونشرتها وكالة الأنباء القطرية؛ على الرغم من النفي بعدها والتأكيد بأن الوكالة اُختُرقت من كيان غير معروف.
بدأت وسائل الإعلام في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر حملة هجومية باستراتيجية مشتركة تستهدف الأمير تميم شخصيًا. على سبيل المثال، وصفت صحيفة الأخبار المصرية الأمير بـ”الطفل الصغير في الدوحة”.
ومن المعروف وجود الاختلاف في الرأي بين قطر وجيرانها في عدّة أمور؛ لذا فإن التوتر الأخير ليس مفاجئًا لمن يتابعون المنطقة وأحداثها، وكثيرًا ما تنشر وسائل الإعلام السعودية والإماراتية والمصرية قصصًا عن قطر. ومن الممكن أن نرى على شاشات التلفزيون مناقشات ساخنة تربط الحكومة القطرية بالإرهاب.
ومع ذلك، اندلعت الأزمة مباشرة بعد زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الرياض؛ ما يثير شكوكًا بدوره في الأزمة. وأعطى ترامب انطباعًا خاصًا عن علاقته بعبدالفتاح السيسي، ووصف حماس في كلمته “منظمة إرهابية”.
وفي المفاوضات السرية بين الولايات المتحدة والخليج قد تكون هناك وعود خاصة فيما يتعلق بدفع الإخوان وحماس خارج المعادلة. وربما رُبِط الدعم الأميركي للخليج ضد إيران بقطع العلاقات مع الإخوان وحماس تمامًا؛ وهو ما تريده مصر والإمارات على أي حال.
ومسبقًا، لعب الأمير حمد بن خليفة، والد الأمير تميم، دورًا حيويًا في تحويل الغاز الطبيعي إلى عامل رخاء وحصول قطر على مركزها الحالي. وبمجرد وصوله إلى السلطة، أنشأ الأمير حمد قناة “الجزيرة” عبر الاستفادة من البنية التحتية التقنية لهيئة الإذاعة البريطانية، ومكّن قطر من الظهور على الساحة الإعلامية. ولم تتأخر قناة الجزيرة، فسرعان ما تطرقت برامجها الإذاعية إلى المحرمات المعتادة في العالم العربي، في تحصيل على غضب الملوك العرب.
ومرّر حمد سلطته إلى ابنه تميم عام 2013 وتقاعد. وفي عهده، استخدمت قطر ثروتها المذهلة في الاستثمار في الخارج، أو توجيه سياسات الشرق الأوسط على حدٍ سواء. وبلغت الأموال التي أُنفقت على مشتريات العقارات والفن المليارات من الدولارات. وبالمثل، كانت الأموال المخصصة للصراعات هائلة أيضًا.
واليوم، تعتبر العاصمة الدوحة الملجأ والملاذ لأولئك الذين يعانون من ضائقة سياسية سيئة في العالم العربي. وهناك استقر المكتب السياسي لحماس بعد مغادرته دمشق. وما زال الزعيم المعارض السابق للجزائر عباسي المدني في الدوحة. وفي الماضي، عاش الزعيم الشيشاني سليم خان يندرباييف أيضًا في الدوحة حتى اغتيل عام 2004. كما أنّ الباحث ورجل الدين المصري يوسف القرضاوي أيضًا اسمٌ بارزٌ في قطر.
وتسعى قطر -على الأرجح- إلى أن تصبح جهة فاعلة دائمًا في الشرق الأوسط؛ وهي تفعل ذلك عن طريق دعم الجهات الفاعلة الرئيسة والهامة في كل بلد، وبذل الجهود لتشكيل الموازين وفقًا لذلك.