انتقد حقوقيون تثبيت القضائين المصريين «المدني» و«العسكري» أحكامًا بالإعدام بحق ستة متهمين بادّعاء قتلهم رقيب شرطة بالمنصورة، وبحق سبعة آخرين في قضية «تفجير ستاد كفر الشيخ»، لافتين إلى تعرّض أغلب المتهمين إلى الإخفاء القسري والتعذيب، مع اختلاف مسارات القضائين.
فهل تأتي الانتقادات الحقوقية الموجّهة إلى أحكام الإعدام الصادرة مؤخرًا في مصر في محلها القانوني وهل لها من مسوّغات؟ وما اختيارات التحرك المتاحة لوقف تنفيذ هذه الأحكام المثيرة للجدل في مصر؟
وبات الإخفاء القسري أداة أجهزة الأمن المصرية في مواجهة معارضي النظام إلى أن تُقرّر ماذا تفعل بشأنهم؛ وقد تكون النهاية تصفية جسدية كما حدث مع ثلاثة أشخاص في برج العرب بالإسكندرية ادّعت وزارة الداخلية أنهم من حركة حسم، وقالت إنهم قُتلوا في اشتباك مُسلّح مع قواتها؛ غير أن منظمات حقوقية وثقّت اعتقالهم من منازلهم.
قضاء مُسيّس
وفي هذا السياق، يقول مصطفى عزب، مسؤول ملف مصر في المنظمة العربية لحقوق الإنسان ببريطانيا، إن محكمة النقض أصبحت جزءًا من المنظومة المنهارة في مصر، وأصبحت تؤيّد الأحكام بشكل كامل، وهناك متهمون ينتظرون تنفيذ عقوبة الإعدام بحقّهم.
وأضاف، في تصريحات تلفزيونية، أن كثيرًا من الأدلة التي قُدمت في القضايا لا تصلح لإدانة المتهمين؛ خاصة أن الاعترافات تمت تحت التعذيب، وتقارير الطب الشرعي في قضايا أثبتت ذلك.
ولفت مصطفى عزب إلى أن المحاكم التي أصدرت هذه الأحكام لم تتعرض أبدًا إلى جريمة إخفاء هؤلاء المتهمين بعد اعتقالهم والتحقيق معهم في غياب محاميهم أو تعرضهم إلى التعذيب، ولم تحقق في أيّ من هذه الجرائم؛ واعتبرت الاعترافات كافية لإدانة هؤلاء وإيصالهم إلى الإعدام، ومنهم بالفعل من نُفّذ فيه الحكم.
ويرى أن مصر لم تعد تملك منظومة عدالة جنائية سليمة، ووصف هذه الأحكام بأنها عبارة عن قرارات إدارية صادرة من السلطة السياسية، مضيفًا أن القضاء المدني ليس بمنأى عن التسييس، وكل الأحكام تصدر على معارضين فورًا بعد حدوث أيّ «جريمة إرهابية»؛ حيث تترك الدولة الفاعل الحقيقي وتتوجه مباشرة إلى تشديد الأحكام على المعارضين عشوائيًا.
مشكلة دستورية
من جهته، اعتبر المحامي والباحث السياسي أسعد هيكل أن اعتراف المتهمين مسألة تعود إلى سلطات التحقيق والمحكمة بعدها، ولا يمكن القطع بارتكابهم الواقعة أو براءتهم؛ موضحًا أن هناك مادة في الدستور المصري تنصّ على إمكانية إحالة المدنيين إلى محاكم عسكرية في حال ارتكاب جريمة ضد أفراد القوات المسلحة أو منشآتها.
وأضاف، في تصريحات تلفزيونية أيضًا، أنه قبل إلقاء اللوم على المنظومة القضائية لا بد من حلّ المشكلة من الناحية الدستورية؛ معتبرًا أن مصر تمتلك منظومة قضائية عريقة، وهي التي وضعت منظومة العدالة في دول عربية.
وقال أسعد إن القضاء المصري يسعى إلى تحقيق استقلال كامل بمنأى عن السلطة التنفيذية ليؤكد الثقة فيه، وأقرّ بأن المنظومة القضائية في مصر شهدت تراجعًا عما قبل ثورة يناير، التي دعت مطالبها إلى استقلال القضاء وأنه لا يتبع السلطة التنفيذية؛ والأمر أصبح أكثر تعقيدًا.