في بيان رسمي أمس، أعلن قائد قوات الشرطة الاتحادية في العراق الفريق، رائد شاكر جودت تحقيق القوات العراقية الانتصار النهائي على تنظيم الدولة في الموصل، مشيدًا بتضحيات كل صنوف القوات العراقية في تحرير الموصل من «الإرهاب».
وكان القائد العام للقوات المسلحة، رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، قد أعلن في 17 أكتوبر 2016، انطلاق عمليات تحرير مدينة الموصل من قبضة تنظيم الدولة الذي سيطر عليها في يونيو 2014، بعد انسحاب الجيش العراقي منها.
وأعلن العبادي، أمس، عن انتهاء ما سماها «دويلة الباطل الداعشية» تزامنا مع سيطرة القوات الامنية على جامع النوري الأثري ومنارته الحدباء التي تعد رمزا لتنظيم الدولة بالمدينة.
ولكن السؤال الذي يأتي للأذهان الآن، ماذا بعد سقوط عاصمة «الخلافة» كما يُسميها أعضاء التنظيم ؟
تغيير سياسي
بداية، توقع الخبير الإستراتيجي أحمد الشريفي، حصول انعطافة سياسية كبيرة تلحق تحرير الموصل، مشيرًا إلى رغبة واشنطن إحداث تغيير سياسي في العراق مبني على أسس الصراعات الحاصلة بين القوى السياسية.
وقال الشريفي في تصريح صحفي لأحد المواقع العراقية، أن «جميع المعطيات على الأرض تشير الى رغبة الولايات المتحدة الأميركية في احداث انعطافة سياسية كبيرة في العراق بمرحلة ما بعد تنظيم الدولة».
وأضاف أن «هناك رغبة لدى واشنطن لإحداث تغيير سياسي بالتزامن مع نهاية معركة تحرير الموصل»، مبينًا أن «الجنود الإضافيين الذين أرسلتهم واشنطن للعراق سيمثلون الركيزة لتحقيق ذلك التغيير».
وأكد على «ضرورة الحذر من المتغير القادم، كونه سيكون برعاية أميركية ومبني على أسس الصراعات الحاصلة بين القوى السياسية، ولا نريد تكرار سيناريو التغيير السابق بعد عام 2003 الذي كان بنفس الجهة الراعية».
الميليشيا الطائفية
من جانبه، رأى وزير الموارد المائية العراقي، حسن الجنابي، أن الحكومة العراقية أمامها ملفات أمنية عديدة بعد الانتهاء من معركة تحرير الموصل، موضحًا أن هناك أكثر من 52 ميليشيا عسكرية تعبث في أمن واستقرار العراق، وترتبط ارتباطًا وثيقًا بإيران.
وأكد الجنابي، في تصريحات لـ«مصراوي»، أن الحكومة العراقية غير قادرة على إغلاق ملف الميليشيات في ظل هذه الظروف، مشيرًا إلى أن إيران تجول في أرض العراق، وأنها متداخلة في جميع مفاصل الحكومة العراقية، على حد تعبيره.
ويشير الوزير العراقي إلى أن بغداد لا يمكن أن تحل تلك الملفات إلا إذا تدخلت القوات الأميركية لتمسك بالملف الأمني، موضحًا أنه منذ انسحبت القوات الأميركية من العراق بشكل كامل في عام 2011، تولدت فجوة كبيرة بالساحة الأمنية والسياسية، ما أعطى مساحة كبيرة لتدخل إيران.
تلعفر
وأبرز المناطق المتبقي لتنظيم الدولة تواجد بها، بحسب تصريحات مسؤولين عراقيين ومليشيا الحشد الشعبي الموالية لإيران، تكريت وديالي وتلعفر والأنبار.
وقال أبو مهدي المهندس، نائب قائد الحشد الشعبي في وقت سابق من يونيو الجاري إن قواته تنتظر أوامر رئيس الوزراء حيدر العبادي لاقتحام قضاء تلعفر.
وتلعفر ذات أهمية استراتيجية لتركيا كون أن بها غالبية من السكان التركمان، وذات أهمية استراتيجية لإيران لوجود سكان شيعة بها.
كما أنها ذات أهمية استراتيجية للبلدين كونها قريبة من الحدود مع تركيا وسوريا؛ مما يجعلها نقطة انطلاق استراتيجية لأي عمليات حربية عبر الحدود.
كما يعود النزاع على تلك المناطق إلى النزاع التاريخي بين تركيا وإيران حول مناطق النفوذ في العراق عموما وشماله خصوصا.
وتكتسب معركة تلعفر المرتقبة أهمية كبرى لميلشيا الحشد كذلك بعد إحكام سيطرته على الحدود بين العراق وسوريا والأردن وصولا إلى معبر الوليد (التنف على الناحية السورية).
مدينة الموصل
تعتبر مدينة الموصل مركزًا لمحافظة نينوى بشمال العراق، وهي ثاني أكبر المدن العراقية بعد العاصمة بغداد، وعرفت بهذا الاسم لكونها ملتقى طرق عدة تصل الشرق بالغرب.
ويسكن المدينة نحو مليوني نسمة، يتكلمون اللهجة الموصلية التي تختلف عن باقي لهجات العراق والشام لتأثرها بلغات أخرى كالتركية والفارسية والكردية.
ويُشكل العرب السنة أغلب سكان المدينة، كما ينتشر بها الأكراد، وأغلبهم من السنة، بالإضافة إلى التركمان والعرب الشيعة.
وفي 21 أبريل 2003 تمكنت قوات البشمركة الكردية بالتعاون مع الفرقة المظلية 101 من الجيش الأميركي من احتلال المدينة بعد استسلام القوات العراقية.
وفي نهاية عام 2004 تمكن مسلحون منتمون لتنظيم القاعدة من السيطرة على أجزاء منها، فدارت معارك شرسة بين المسلحين من جهة والقوات العراقية والأميركية من جهة أخرى.
وفي عام 2011 شهدت الموصل احتجاجات للمطالبة بخروج القوات الأميركية بشكل كامل، واستقالة حكومة المالكي وذلك ضمن سلسة الاحتجاجات التي شهدها العراق.
وفي العاشر من يونيو 2014 سيطر مسلحو تنظيم الدولة على المدينة بعد معركة مثيرة للجدل فرَّ فيها أفراد الجيش العراقي، وهو ما أدى إلى نزوح مئات الآلاف من سكانها.