شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

الجزيرة: مصر في عهد «السيسي» أسوأ من عهد «مبارك»

الجزيرة: مصر في عهد «السيسي» أسوأ من عهد «مبارك»
تحت حكم مبارك لم تكن هناك فرصة كبرى للمعارضة، ولكن كانت هناك خطوط حمراء؛ فكان يمكن لأيّ شخص الاهتمام بعمله ما دام أنه لا ينتقد مبارك أو الأمن المصري. لكن، لا أحد يشعر اليوم بالأمان؛ بسبب تلاشي خطوط معينة يمكن أن يصبح أيّ شخص

قالت شبكة «الجزيرة» إن عبدالفتاح السيسي وعد بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية عام 2014 بعهدٍ جديدٍ من الاستقرار، في أعقاب انقلاب عسكري في يوليو 2013 مكّنه من الإطاحة بمحمد مرسي أول رئيس مصري منتخب؛ لكنه فشل في كل الجوانب.

تضيف «الجزيرة» في تقريرها أن السيسي بعد انتخابه اتّخذ إجراءات اقتصادية سريعة، مثل خفض دعم الوقود ورفع الضرائب؛ في محاولة لتحفيف البطالة وتوليد عوائد على المدى الطويل، بجانب مشاريع كتوسيع قناة السويس ومنطقة الأراضي الزراعية، التي اعتبر أنها ستساعد على اكتفاء مصر ذاتيًا وتوليد فرص العمل؛ ومع قلّة العنف في بداية حكمه ازدادت عوائد السياحة.

رغم ذلك، رأى خبراء أن الاستقرار المؤقت الذي بدأ يتلاشى جاء على حساب الحريات العامة؛ حيث قالت سارة يركس، الزميلة بمؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، إن مصريين قبلوا عودة أوجه للنظام القديم بسبب اعتقادهم أن نظام «مبارك» أفضل من نظام مرسي؛ رغم كل أخطائه.

تضيف «سارة» لشبكة «الجزيرة» أن هذا التفكير على المدى الطويل غير عقلاني، أظهر الشعب رغبته في مزيد من القمع وقلة الحرية في مقابل ما اعتبروه استقرارًا.

رسالة للمصريين

بعد التخلّص من مرسي، بدأت الحكومة الانتقالية المدعومة من الجيش في حملة مروّعة ضد داعمي «الإخوان المسلمين» الذين استمروا في تظاهراتهم ودعمهم لمرسي. في أغسطس 2013 هاجم الجيش تظاهرات ميدان رابعة العدوية وقتل قرابة ألف شخص، فيما وصفتها منظمات حقوق الإنسان بواحدة من أسوأ الهجمات على المتظاهرين في يوم واحد في التاريخ الحديث.

وبدأت الحكومة المصرية في محاكمات جماعية، وحكمت بالإعدام على المئات من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين؛ ما وصفته منظمة العفو الدولية بـ«كبرى عقوبات جماعية في التاريخ المصري الحديث». وصنّفت مصرُ جماعة الإخوان، التي تعتبر أقدم حركة مصرية وأكثرها تأثيرًا، «منظمة إرهابية».

قال عبدالله العريان، أستاذ التاريخ بجامعة جورج تاون، إن القمع العنيف لداعمي مرسي واعتقال ما يقرب من 50 ألف شخص بمثابة رسالة للمصريين أنه لن يُتسامح مع المعارضة في عهد السيسي؛ وساهم هذا في الحدّ من انتقاد السلطة.

تلاشي الخطوط الحمراء

بعد أشهر من انتخابه رئيسًا للجمهورية، مرّر السيسي قانونًا يحظر التظاهر دون موافقة الشرطة؛ ما تسبّب في انخفاض التظاهرات المعارضة. رأى المحللون السياسيون أن مثل هذه الإجراءات القمعية جاءت لتشديد الخناق على الدولة وتحقيق الاستقرار الظاهري.

قال جيمس جلفين، أستاذ تاريخ الشرق الأوسط بجامعة كاليفورنيا، إن مصريين أرادوا الاستقرار السياسي والاقتصادي؛ ما دفعهم إلى دعم انقلاب السيسي، وبعد فوزه في الانتخابات ساعدته السعودية ودول الخليج بالأموال لتحقيق استقرار مؤقت والفوز بتأييد شعبي.

يضيف جيمس لـ«الجزيرة» أن مصر الآن أصبحت أكثر استبدادًا مقارنة بفترات حكم رؤسائها منذ جمال عبدالناصر. تحت حكم السيسي، عدّت الحكومة أيّ أنشطة معارضة خارج إطار القانون، إضافة إلى حظر جماعة الإخوان المسلمين وقتل المعارضين السياسيين أو حبسهم وتعذيبهم.

لم يقتصر الأمر على المعارضين، استهدَفَ نظام السيسي بشكل منهجي المدافعين عن حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية، وتعرّضوا إلى التحقيق ومُنعوا من السفر، وجُمّدت أموالهم؛ وتسبّب قانون جديد مُرّر في مايو الماضي في تجريم أعمال منظمات المجتمع المدني ووضعها تحت رقابة مباشرة من الأمن المصري.

تضيف «سارة» أنه تحت حكم مبارك لم تكن هناك فرصة كبرى للمعارضة، ولكن كانت هناك خطوط حمراء؛ فكان يمكن لأيّ شخص الاهتمام بعمله ما دام أنه لا ينتقد مبارك أو الأمن المصري. لكن، لا أحد يشعر اليوم بالأمان؛ بسبب تلاشي خطوط معينة يمكن أن يصبح أيّ شخص عرضة للاعتقال من النظام المصري.

تهديد مستمر

ظهرت الأزمة الاقتصادية بشكل كبير، خاصة بعد زيادة معدل التضخم بنسبة 30% في مايو الماضي؛ ما يعدّ أعلى معدل تضخم في ثلاثة عقود. وبسبب القرض الذي حصلت عليه مصر من صندوق النقد الدولي بقيمة 12 مليار دولار لدعم خطة «الإصلاح»، عوّمت الحكومة العملة الوطنية ورفعت من أسعار الوقود بنسبة 55% للمرة الثانية في أشهر قليلة.

من الأزمات الأخرى التي تواجه مصر التهديد الداخلي الذي تشهده بوجود جماعات مسلحة؛ مثل فرع «تنظيم الدولة» في سيناء، الذي أطلق حربًا مفتوحة ضد الحكومة وقوات الأمن والمدنيين.

تقول إليسون ماكمانس، مديرة الأبحاث في معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط، إنه في الوقت الذي شهدت فيه مصر حوادث «إرهابية» في حكم مبارك؛ إلا أن الوضع الآن أسوأ، ويتعرّض المدنيون والعسكريون في سيناء ومحافظات أخرى إلى تهديد مستمر.

تضيف «إليسون» أن الحكومة ردّت على ذلك بتوسيع نطاق الأمن والتحرّكات القانونية والسياسية باسم «الحرب على الإرهاب»، التي لم تستهدف مرتكبي حوادث العنف فقط؛ ولكن أيضًا الشخصيات المعارضة وغيرهم بشكل لم نره في سنوات حكم مبارك.

في الوقت الذي تدّعي فيه الحكومة أنها تسيطر على الوضع، فشلت جهودها لاحتواء العنف في سيناء بشكل كبير؛ بينما نجحت «الجماعات الإرهابية» عبر الهجمات المنهجية في إسقاط طائرة روسية في 2015 أدى إلى مقتل 224 شخصًا، إضافة إلى استهداف المسيحيين ورجال الأمن.

قال أسندر العمراني، مدير برنامج شمال إفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، إن الحكومة واجهت سلسلة من التهديدات الإرهابية وتلقّت انتقادات بسبب تعاملها معها، وتعتبر الدولة الآن أقل أمنًا، ليس لفشل تعامل السلطة مع التهديد فقط؛ ولكن أيضًا نتيجة الاضطرابات في المنطقة.

رغم ازدياد قوة موقف مصر في الساحة الدولية، بسبب الروابط مع أميركا والسعودية و«إسرائيل»؛ إلا أنها تتراجع داخليًا، وفق ما قاله محللون.

ترى «سارة» أن كل المؤشرات تقول إنّ مصر اليوم أسوأ مقارنة بعهد مبارك؛ فالوضع الأمني أسوأ بكثير، وكذلك الاقتصاد، ومستوى القمع الذي زاد بدرجة كبرى، وتراجعت قدرة الحكومة على توفير السلع والخدمات الأساسية.

المصدر



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023