قال أستاذ العلوم السياسية أمين سيكال، إنه على الرغم من مرور عامين فقط على توقيع الاتفاقية النووية التاريخية بين إيران وقوى العالم والتزام طهران بشروط الاتفاقية إلا أن العداوة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والدولة الفارسية وصلت إلى مرحلة متقدمة، بعد وصفه لها بمصدر زعزعة الاستقرار والتطرف في المنطقة.
واعتبر بعض المحللين أن هناك مؤشرات لدخول الدولتين في صراع عسكري، في الوقت الذي لازالت فيه سياسات إدارة الرئيس الأمريكي في المنطقة غير واضحة، فإن هذا الصراع يمكن أن يكون كارثي لكل الأطراف.
يشير «سيكال» من خلال مقاله التحليلي أن إيران لا تعتبر طرف برئ خاصة في ظل مساهماتها في اشتعال الوضع في سوريا والعراق واليمن، ولا يمكن استبعاد ضلوعها في التوترات السنية الشيعية في المنطقة بسبب دعمها لجماعات مثل حزب الله في لبنان وجيش المهدي في العراق.
ويبدو أن مخاوف أمريكا وحلفائها العرب وخاصة السعودية مفهومة بسبب رغبة إيران في إنشاء هيكل أمن إقليمي في المنطقة يمتد من أفغانستان وحتى البحر المتوسط بجانب شراكتها مع روسيا.
رغم دور طهران الذي لا يمكن إنكاره، إلا أن لومها على الاضطرابات المتزايدة هو تجاوز القضايا الأساسية التي أدت لتدهور الأوضاع في المنطقة، ومن أهمها الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، غزو أمريكا للعراق وتدخلها في أفغانستان، والسياسة الضعيفة تجاه الازمة السورية التي لعبت دور كبير في اتاحة الفرصة لإيران لتوسيع تواجدها.
ويضيف «سيكال» أنه لا يجب تجاهل التوترات والصراعات التي انتشرت في الشرق الأوسط، وتجلت في تظاهرات الربيع العربي والجهود العربية التي قادتها السعودية لاستعادة الأنظمة الفاسدة من خلال تمويل بعض دول مجلس التعاون الخليجي لمتمردي سوريا، وذهبت بعض هذه الأموال في أيدي الجماعات المتطرفة مثل جبهة النصرة التابعة للقادة، و جبهة فتح الشام وبشكل غير مباشر لتنظيم الدولة والجماعات المناهضة لإيران.
ويوضح «سيكال» أن الصراعات الدائمة التي أدت لتدهور أوضاع الشرق الأوسط ظهرت من خلال الأزمة الخليجية الأخيرة التي قادتها السعودية ودولتين من مجلس التعاون الخليجي وهما الامارات والبحرين بجانب مصر ضد قطر لمعاقبتها وعزلها بزعم دعمها للجماعات الإسلامية وسعيها لسياسة خارجية مستقلة والتي تضمنت علاقات عمل جيدة مع إيران وهو ما أغضب ممالك الخليج.
ومن بين مطالب السعودية لإنهاء الأزمة مع قطر هو تقليلها لعلاقتها مع إيران وغلق شبكة الجزيرة والتي تعتبر المنصة الإعلامية الوحيدة التي ساندت التظاهرات في وجه استبداد الأنظمة، بجانب قطع العلاقات مع جماعة الإخوان المسلمين وحركة حماس الفلسطينية.
تسبب فوز جماعة الإخوان المسلمين بالرئاسة في مصر في حالة من الصدمة للمؤسسة المصرية بجانب تحديه للشرعية السياسية لممالك الخليج مما جعلهم يضعوا الجماعة في التصنيف الإرهابي.
يضيف «سيكال» أن السعودية شعرت بالتهديد أكثر من أي دولة بسبب قيادتها للعالم الإسلامي السني في مواجهة إيران التي تقود الشيعة، ومن أسباب كره السعودية وحلفائها لحركة «حماس» هو أنها أحد فروع الإخوان والتي تدير قطاع غزة وتساعدهم قطر بمساعدات إنسانية والتي ساهمت في إحداث فارق لحياة ما يقرب من 2 مليون من سكان القطاع أثناء حصاره في 2007.
بالطبع جاء موقف قطر تجاه هذه المطالب بالرفض باعتبارها غير واقعية وبها اعتداء على سيادتها، يبدو أن هذا الحصار جاء بنتيجة عكسية، ففي الوقت الذي رغبت فيه دول الخليج بإبعاد قطر عن ايران، إلا أن الدولة الفارسية أرسلت مواد غذائية وعرضت دعم عسكري للدوحة وهو ما تسبب في تقوية العلاقات بين الدولتين.
وفي نفس السياق أكد «سيكال» أن خطابات و مواقف إدارة الرئيس الأمريكي تجاه طهران جاءت مشوشة ومتناقضة، ففي الوقت الذي اتهم فيها إيران بنشر شرورها في المنطقة، أكدت دولته التزام طهران بالاتفاقية النووية بجانب مشاركتها لعدد من الأطراف في صراعهم مع تنظيم الدولة.
بصرف النظر عن نتيجة العداء الأمريكي الإيراني، إلا أن أي حرب بينهما يمكن أن تتسبب في سلسلة من الصراعات التي لا يمكن السيطرة عليها في المنطقة، لا تمتلك ايران القوة العسكرية التي تجعلها تصمد أمام هجوم مستمر لأمريكا وإسرائيل، إلا أنها من خلال حيلها يمكنها اطلاق هجمات مكلفة ضد أعدائها بجانب إمكانية انخراطها في حرب غير متكافئة مما سيسبب صراعات كبري في المنطقة.
يمكن للقومية الإيرانية الشرسة بجانب الولاء الشيعي، فضلاً عن الروابط الإقليمية في جعل مثل هذا الصراع طويل ومكلف، علاوة على تدخل روسيا التي يمكن أن يتجاوز سوريا، وهي المنطقة التي تتزايد فيها مخاطر بداية مواجهة كبرى.